التطبيقي

د. الفُرجي: أوبك هي من أوجدت منافسيها ولم تطبق التخطيط الاستراتيجي لتحجيم منافسيها وخلق مصادر أخرى للموارد

   
 

 

خلال ندوة تدريس التطبيقي

  

نظمت رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية ندوة تحت عنوان “أسعار النفط إلى أين” أقيمت مساء الاثنين الموافق 25/1/2016 بمقرها في منطقة العديلية، وحاضر بها كل من عضوا هيئة التدريس بقسم هندسة البترول في كلية الدراسات التكنولوجية د. الفرجي زايد، د. أحمد الكوح، وأدار الندوة رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية بالرابطة د. محمد علي الكندري.

بداية أكد د. الفُرجي زايد على أن التنبؤ بمسار سوق البترول في المستقبل ليس سهل وقد فشلت في التنبؤات أعتى برامج المضاهاة بسبب صعوبة المتغيرات الانسانية، فمثلا اذا ربطنا السوق بالاستقرار السياسي وتأملنا أحوال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجد أن أسعار النفط يجب أن تكون مرتفعة، فبعد حرب 1973 والمقاطعة البترولية من طرف بعض الدول العربية المنتجة لتصدير البترول برزت حقبة جديدة من القوى السياسية وتطور نفوذ مجموعة الأوبك الى أن وصل الأمر أن الأسعار تستجيب مباشرة لقرارات المنظمة وكان ذلك قبل سقوط حكومة الشاه، ولكن منذ بداية الاحتجاجات ضد حكومة شاه ايران وسقوطها كلية شهد السوق زيادة سريعة وكبيرة في السعر.
وقال د. الفُرجي أن منظمة أوبك أخطأت بحق نفسها في عدم قدرتها على التحكم بأسعار النفط، فما بين الفترة 1986 – 2000 كان هناك تأرجح بسيط وفترة تأقلم لأوبك مع الأسعار المنخفضة تميزت هذه الفترة بتقلص نفوذ أوبك وخسارتها لجزء كبير من حصتها السوقية وأصبح سوق النفط أكثر تنافسية، وتعرض سوق النفط الى هبوط حاد في الفترة 1998-1999 بسبب الأزمة المالية الاسيوية وكانت أزمة حادة وقصيرة، وكانت طفرة أسعار النفط نتيجة غزو الكويت طفرة قصيرة ومعتدلة، وشهدت الفترة 2003 – 2013 ارتفاعا في الاسعار عدا العام 2009 التي حدث فيها انكماش اقتصادي عالمي، ونتج عن ذلك كله رفع كفاءة استخدام الطاقة والتقنين، وظهور منتجين من خارج أوبك وظهور الاسكا وبحر الشمال كمصادر للبترول، ويمكن القول أن الاسكا وبحر الشمال قتلتا طفرة الأسعار، ولو نظرنا لهذه التذبذبات وقدرنا المتوسط السعري للبترول وثبتنا الدولار لسنة 2015 سنرى أن ذلك المتوسط 40-42 دولار تقريبا، متوسط سعر البرميل لسنة 2015 كان 49 دولارا للبرميل، وهذا يعني أن وصول السعر لهذا المستوى من المفروض أن يكون متوقعا من قبل خبراء التخطيط الاستراتيجي.
وأوضح د. الفُرجي أن طفرة زيادة أسعار النفط بالفترة الأخيرة ساهمت في زيادة قوة منافسي أوبك وظهور النفط الرملي في كندا، وقدوم الزيت الصخري مع تكنولوجيا الغاز الصخري ونجاحها، وتقليص نفوذ أوبك أكثر فأكثر، لافتا إلى أن تكنولوجيا استخراج النفط الرملي وتكنولوجيا الزيت الصخري قتلا الطفرة السعرية 2003-2013، ولذلك نستطيع القول أن منظمة أوبك هي من أوجدت منافسيها، والأهم من ذلك أن دول المنظمة لم تتعلم كيف تتعامل مع تذبذبات أسعار النفط، ولم تطبق التخطيط الاستراتيجي للتعامل معها في تحجيم منافسيها وخلق مصادر أخرى للموارد.
وعما إذا كانت اسعار النفط ستعاود الارتفاع قال د. الفُرجي أن هناك حقائق مبشرة بعودة ارتفاع الاسعار، ومنها أنه لا يوجد منافس للزيت والغاز كمصدر للطاقة في المنظور القريب، وأن هناك كميات ضخمة من الاحتياطي تكفي لأكثر من خمسين سنة، ومنظمة أوبك وبالأخص دول الخليج عندها ما يقرب من 65-70 من احتياطي النفط المنخفض التكلفة رغم بعض التحفظات على دقة هذا الاحتياطي، وأن زيادة عدد السكان وارتفاع مستوى المعيشة في بقية العالم يتطلب طاقة أكثر، وأن النقصان الطبيعي في معدل الإنتاج يحتاج تعويض 1-2% سنويا، إضافة إلى أن الزيت الصخري والزيت الرملي منافسين لكن عند السعر فوق 50 دولار للبرميل.

وأكد د. الفُرجي أن اسعار البترول ستعاود الارتفاع قريبا وسيصل البرميل خلال اشهر إلى 40 -50 دولارا وسوف يستمر على ذلك نسبيا لحين ظهور تأثيرات التراجع الحالي ونقص الاستثمارات في الاستكشاف والحفر ولكن سيكون السوق أشد منافسه وأقرب للسوق الحر مع تفكك منظمة أوبك أكثر فأكثر، متوقعا أن هناك طفرة سعرية قادمة ربما تكون الأخيرة في حقبة البترول، موضحا ضرورة الافتراض بأن البترول سيفقد قيمته خلال خمسين عاما، وأنه يجب التخطيط على هذا الأساس، بمعنى أن النفط سيفقد قيمته السعرية قبل أن ينضب كما حدث سابقا مع الفحم.

 

من جهته قال د. أحمد الكوح أن أسعار النفط هي حديث الشارع اليوم وهناك متابعة يومية من قبل الناس لأسعار النفط، وأن هناك مقولات غريبة وعجيبة يتناولها البعض محليا وعالميا عن سبب انخفاض اسعار النفط، ومنها أنها مؤامرة اجنبية ضد الخليج، والبعض قال أنها مؤامرة خليجية ضد ايران وروسيا، وآخرون قالوا بأنها مؤامرة خليجية ضد النفط الصخري الامريكي، إلا أن الخليج هو الخاسر الأكبر نتيجة انخفاض سعر البترول أي كان سبب الانخفاض وكل تلك المقولات لا أساس لها من الصحة، وأن استخدام النفط كسلاح حاليا كما كان في السابق أمرا غير وارد لأن المعادلة اختلفت.

وأرجع د. الكوح السبب في انخفاض اسعار النفط لعدة أسباب، منها أن النفط الصخري الامريكي يبلغ انتاجه 5 مليون برميل يوميا، والنفط الرملي الكندي يبلغ انتاجه 3 مليون برميل يوميا، ورفع الحظر عن ايران، عرض خصومات على أسعار النفط، والتخوف من هبوط الاسعار، النمو الاقتصادي البطيء للدول المستهلكة.

وأشار د. الكوح إلى أن دول الخليج لديها خياران أمام هبوط اسعار النفط، إما تخفيض الانتاج وتحمل ما يترتب على ذلك من خسائر بالدخل وخسارة الحصة السوقية، أو زيادة الانتاج والابقاء عليه ويترتب على ذلك خسائر بالداخل (التكلفة) والحفاظ على الحصة السوقية، ومن ثم عند ارتفاع الاسعار سوف تتمكن من الحفاظ على حصتها السوقية.

وكشف د. الكوح أن الكويت هي اقل تكلفة للبرميل عالميا حيث تبلغ تكلفة البرميل 8.5 دولار، بينما بريطانيا هي أغلى تكلفة حيث يصل البرميل إلى 52 دولارا، وأمريكا 36، والسعودية 9.9 ، والنرويج 36، والبرازيل 48.8 ، والامارات 12.3، ونجد أن تكلفة البرميل في كل من ايران وقطر والعراق 12 دولارا، والمكسيك 29، وروسيا 17.3، مشيرا إلى أن أسعار النفط بالمرحلة المقبلة لا يمكن توقعها فربما يصل 40-50 دولارا للبرميل بعد عام.

 

هذا وقد شهدت الندوة العديد من المداخلات من أعضاء هيئة التدريس الذين حضروا الندوة، لعل ابرزها مداخلة عضو هيئة التدريس ونائب رئيس الرابطة الأسبق د. أحمد الحنيان، حيث شكر الرابطة على تنظيم تلك الندوة، وشكر المحاضرون على طرحهم الجيد، وقال أن ما عرضه المحاضرون بالندوة من عرض جرافيكي عن اتجاه اسعار النفط يوضح بأن متوسط سعر البرميل خلال الـ 60 عاما الماضية هو 41 دولارا للبرميل، مستغربا قيام المسئولين ببناء ميزانية الدولة على اساس أن سعر البرميل 75 دولارا، متسائلا عن دور المجلس الأعلى للتخطيط ودور المجلس الأعلى للبترول، وأجابه المحضرون بأن جميع دول أوبك لديها نفس الخطأ، وأن الدول عادة تتأثر بتغير الأسعار خاصة عند الارتفاع.

 

وفي مداخلة لأمين صندوق الرابطة د. محمد الفايز تساءل عما إذا كان المواطن قد استفاد من اسعار النفط في الاوقات التي تخطي فيها سعر البرميل 100 دولار، وطالب بضرورة استثمار تلك العائدات المالية من النفط في مشاريع ضخمة للصناعات النفطية.

 

وفي مداخلة لعضو هيئة التدريس الأسبق والمستشار الثقافي للرابطة د. أحمد ماهر عرفه طالب فيها بضرورة تنوع الدخل وعدم الاعتماد فقط على تصدير البترول، كما طالب بوجود مصانع تتعلق بصناعات مشتقات النفط، وقال أن برميل نفط واحد يمكن أن نستخرج منه 21 سترة، 20 رابطة عنق، وإطار سيارة، وكمية من الغاز تكفي استهلاك احد المنازل لمدة 17 يوما، وكمية من الوقود الثقيل، ولو افترضنا مثلا أن المادة الخام قبل التصنيع تعادل 10 دينار كويتي للبرميل فلنا أن نتخيل سعر قيمة هذه المنتوجات.

وتساءل د. عرفه عن سبب إغلاق بعض المصانع البتروكيماوية التي كانت موجودة بالكويت في الثمانينيات مثل مصنع المنظفات الصناعية، ومصنع الميلامين وغيرها من المصانع.

 

وفي مداخلة لعضو هيئة التدريس د. محمد المهاوش تساءل فيها عن الضمانات التي يمكن اتخاذها لعدم التعرض لتلك الأزمات مستقبلا، مطالبا بحزمة تدابير وفكر مستقبلي لتنوع مصادر الدخل.

 

وفي مداخلة لعضو هيئة التدريس د. وليد العوضي اقترح فيها قيام حكومة الكويت ببيع النفط على المواطنين بنظام الحصص، مع الاحتفاظ بتلك الحصص المباعة للمواطنين وعدم استخراجها قبل ارتفاع اسعار النفط، وبذلك يستفيد المواطن من هذا الاستثمار وبنفس الوقت لن تشعر الدولة بعجز الميزانية ولن تكون هناك حاجة لإلغاء الدعم عن السلع.

 

هذا وقد كانت هناك العديد من المدخلات الأخرى للحضور الذين تفاعلوا مع الندوة.

  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock