أبحاث جاهزة بـ 20 ديناراً
القبس – في الوقت الذي تعتبر فيه المكتبات بوابة المعرفة، تتحول لبعض طلبة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى أن تكون دليلهم للراحة وشراء راحة البال، إذ يمكنك بمبلغ مالي بسيط شراء بحث علمي من دون الحاجة إلى العناء والبحث والقراءة، وكذلك الامر في حال رغبتك في الحصول على «براشيم» مطبوعة وجاهزة.
الطلبة يواجهون إغراءات متعددة من مكاتب بيع الأبحاث على سياراتهم وفي أروقة الكليات، خصوصاً بوجود مدخول شهري من المكافأة الطلابية البالغة 200 دينار، تسهل على الطالب حتى الواجب الأكاديمي.
أما الأكاديميون فيرون أنها مشكلة بحاجة إلى تدخل، وتهدد بخلق جيل من الاتكاليين، وخلل في العملية التعليمية، وسلب لإرادة الطالب.
بينما علّق بعض أصحاب المكاتب بالقول: لا ذنب لنا، والطلبة يأتون من دون إجبار، وإذا رفضنا العمل فهناك مكاتب أخرى تقبل، فلماذا نضيع الفرصة؟!
ودعا الاستاذ في كلية التربية الاساسية د. محمد العجمي، الى ضرورة محاربة هذه الظاهرة من خلال الرقابة والمتابعة والتدقيق، مؤكداً انه يمكن للاستاذ اكتشاف اي بحث معلب من خلال طرح عدد من الاسئلة على مقدم البحث لتبيان مدى فهم الطالب وإدراكه للبحث المقدم.
واضاف العجمي ان الجزء الاكبر من المسؤولية في مكافحة ظاهرة الابحاث المعلبة يقع على عاتق الاساتذة، حيث يجب عليهم الاطلاع على الابحاث الاخرى والتعرف على المصادر والمراجع، سواء كانت رسائل علمية او كتبا، محذراً من مغبة سرقة الابحاث والاتيان بها معلبة؛ لانها لن تحقق الاهداف المرجوة من فلسفة تكليف الطالب بعمل بحث علمي.
بدوره، أكد الاستاذ في كلية الدراسات التجارية د. عايد المناع، أن من المفترض ان يتعلم الطالب طريقة البحث العلمي، لكن للاسف الشديد ما يحدث الآن هو تهاون الطلبة في عملية اعداد البحث من خلال اللجوء إلى مكاتب اعداد البحوث.
وقال المناع: إذا كان الاساتذة بالفعل يقرأون البحث فسيكتشفون حتماً هذا الغش العلمي، وينبغي على الطالب بالفعل ان يلتزم بكتابة بحث اصيل او يستبدل اختبارا به يعوض هذا الجانب. ونحن نشجع الطالب على محاولة كتابة البحث بطريقة جيدة بعيداً عن هذا النوع من الغش العلمي.
انتشار الظاهرة
أمّا الطلبة، فعددوا أسباب اللجوء إلى الابحاث الجاهزة، فبداية قال الطالب سعود المطيري إن مطالبة طلبة البكالوريوس بإعداد البحوث تأتي لأجل تعويدهم وإعدادهم لمراحل متقدمة من البحث والدراسة، وان من واجب الأستاذ المشرف متابعة الطالب في هذا المجال، وبما لا يتيح له شراء بحث جاهز.
قلة المصادر
من جهته، قال الطالب خالد الشلاحي إن التوجّه لشراء البحوث يأتي بسبب قلة المصادر في المكتبات، لافتا «ناشدنا المسؤولين في الهيئة كثيرا عن طريق القوائم الطلابية، وحتى اتحاد الطلبة وعمداء الكليات، بغرض توفير الكتب، ولكن المسؤولية يتحمّلها المسؤولون في التطبيقي».
بدورها، بينت الطالبة غدير الرشيد أن الطالب يطلب منه إنجاز نحو 3 أبحاث طوال السنة الدراسية الواحدة بحسب طبيعة الدراسة ونوعها، مشيرة الى وجود مواد حسابية طبيعتها قد لا تحتاج الى ابحاث علمية، ولفتت الى ان المكتبة الجامعية قد تحتوي على بعض المراجع وليس جميعها، فيضطر الطالب الى اللجوء الى الانترنت، خصوصا مع وجود مواقع رسمية لمكتبات علمية متخصصة، مبينة ان عمل البحث من دون مراجع علمية يعتمد بدرجة كبيرة على تفهم استاذ المادة نفسه.
شراء الأبحاث
من جانبها، قالت الطالبة غدير رمضان إن أحد الأسباب الرئيسية التي تجبر الطلبة على التوجه الى شراء بحوث هو عدم وجود المراجع الكافية في المكتبة الرئيسية للكلية، إضافة إلى مكتبة الطالب، قائلة «عندما نطالب بتوفير الكتب، يدعونا بعض الأساتذة إلى التوجه إلى المكتبات الخاصة لشراء كتبهم»، متسائلة: في هذا الحالة، كيف أقوم بإعداد بحث والكتب غير متوافرة؟
أبحاث الإنترنت
من جهته، رأى الطالب ناصر العبدلي أن معظم الطلبة يعتمدون في إعداد ابحاثهم على محرك البحث الالكتروني، وبمجرد ضغطة زر باسم موضوع البحث تجد آلاف الصفحات التي تتحدث عن هذا الموضوع، وما على الطالب سوى قراءة عدة صفحات للإلمام بمادة البحث وتجميعها وتلخيصها، واضافة بعض المحسّنات اليها ليخرج البحث شبه مكتمل.
وقال العبدلي: في حالة عدم وجود مادة بحثية ذات جدوى في محركات البحث الانترنتية، يلجأ بعض الطلبة إلى الأخذ بنصيحة متخصص، لكن في ظل عدم توافر منهج بحث علمي متكامل وموضوعات انترنتية ذات جدوى، يضطر الطالب أحياناً إلى شراء بحثه من مكاتب ابحاث والتي يصل سعر البحث لديها إلى 5 دنانير، وان زاد على ذلك فإن ظروف الطالب المادية ستحكم هذه العملية من باب التوفير.
من جهته، قال مدير أحد مكاتب الأبحاث الجاهزة انه يرى أن العملية تجارية، والزبون من تلقاء نفسه يأتي إلى المكتب، وما دام الزبون دوماً على حق فإن ما على أرباب مكاتب عمل الأبحاث إلا تنفيذ أوامر الزبون، وإلا فإن المكتب سيكون هو الخاسر الوحيد، لأنه إن تم رفضه، فسيذهب بدوره إلى أي مكتب آخر لعمل بحثه.
وأوضح أن سعر البحث يختلف بحسب نوعية المادة العلمية والمراجع العربية والأجنبية، ومدى توافر هذه المراجع، حيث تصل من 5 إلى 25 ديناراً، لافتاً إلى أن هناك بعض الطلبة يقومون بإحضار المراجع إلى المكتب وترك ورقة، عليها عنوان البحث واسم طالبه ورقمه الجامعي وتلفونه، ليتسنى الاتصال به في حال تم البحث.
الحرص على الدرجات
قال الطالب علي الزعبي إن الخوف على الدرجة يضطر بعض الطلاب إلى شراء أبحاث جاهزة مقابل رسوم مالية، مشيرا الى ان اعداد الابحاث صعب بسبب طلب بعض الأساتذة طرقا علمية معينة قد لا تتماشى مع امكانات الطلبة، خصوصاً المستجدين منهم، وهو الأمر الذي يحتاج إلى شخص متمرّس علمياً.
«لأريح نفسي»
قال الطالب عبدالله الشطي: «أنا أفضّل شراء بحث جاهز لأريح نفسي من التعب والبحث عن المصادر»، مضيفا ان لشراء البحث الجاهز فائدة، لأنني عندما أقتنيه سأطلع عليه وعلى طريقة إعداده وتبويبه، واقرأه لاكثر من مرة لتلافي احراجي من قبل استاذي عند مناقشتي حوله.