كتاب أكاديميا

وزارة التربية وإهدار المال العام كتب: حمد المري

  
الكل في الكويت يشتكي من الفساد الإداري وإهدار المال العام، الوزير يشتكي والمواطن يشتكي وعلى أثر هذه الشكاوي تحل الحكومة ويغادر الوزراء مناصبهم وتتشكل حكومة جديدة ويأتي وزراء جدد دون أن يتوقف الفساد أو يتوقف الهدر في المال العام وكأن هاتين الصفتين أصبحتا من السمات الملاصقة للحياة اليومية في وزارات ومؤسسات الدولة لا تستطيع أن تسير الأمور بدونها ولهذا لم نعد نستغرب من سماع ومشاهدة هدر المال العام والتخبط في اتخاذ القرارات في أي جهة حكومية بل أصبحنا نستغرب سماع ومشاهدة الانجاز والتطور.

ومن الأمور التي لم استغرب منها كمواطن خبر تأجير وزارة التربية لعدد 81 ألف جهاز تابليت لمدة ثلاثة سنوات بقيمة 26 مليون دينار كويتي والسبب في عدم استغرابي هو أن غالبية الأعمال التي تقوم بها مؤسسات الدولة هي بعقود إيجار بل والكثير من مباني مؤسسات الدولة هي مؤجرة وليست ملك وكأن الحكمة عاجزة على بناء مباني خاصة لمؤسساتها المتنوعة!.

وإذا رجعنا إلى خبر تأجير اجهزة التابليت فإن هذا التصرف ليس بمستغرب على وزارة التربية والتعليم لأن حالها حال وزارات الدولة الأخرى في التخبط الإداري و عدم المبالاة في هدر المال العام، فهي من نفذت مشروع الفلاش مموري الذي كلف على الدولة ما يقارب 260 ألف دينار كويتي لم يستفد منه لا الطلاب ولا المعلمين ولا التعليم بل فشل المشروع وتوقف نهائيا، كما أنها صاحبة تنفيذ مشروع السبورة الذكية التي كلفت الدولة ما يقارب أربعة ملايين دينار كويتي ومع ذلك لم يستفد منه لا الطلاب ولا المعلمين ولا التعليم أي شيء منها بل أن الكثير منها أهمل دون استخدام حتى تلفت.

وهي أيضا صاحبة مشروع الواي فاي الذي لازال يترنح بسبب التخبط وعدم التنسيق بين إدارات الوزارة والدليل على ذلك التخبط أن الوزارة قامت بتركيب شبكة الواي فاي في بعض المدارس منذ سنتين قبل أن توفر أجهزة التابلت لاستخدام الشبكة وقد انتهى عقد الصيانة الخاص بشبكة الواي فاي دون أن يستفيد منه لا الطلاب ولا المعلمين ولا التعليم نفسه وتتحجج بعض المصادر في وزارة التربية أن سبب فشل هذه المشاريع ولجوء الوزارة لاستئجار أجهزة التابليت يرجع إلى عدم استقرار الوضع في الوزارة خلال السنوات الماضية نتيجة للتغير المستمر لقياداتها وهذه الحجة في نظر المواطن حجة واهية فهي مثل الرماد الذي يذر به على العين حتى لا ترى السبب الحقيقي المتمثل في عدم وجود رؤية ولا رسالة واضحة ومكتوبة ولا أهداف استراتيجية وخطط عمل مرتبطة بهذه الرؤية والرسالة يستطيع اي مسئول أو موظف العمل على تنفيذها حتى ولو تغيرت القيادات لأن العمل المؤسسي الناجح قائم على الخطط المكتوبة وليس على الأفراد.

كما أن الواسطة والمحسوبية والشليلية والبطانة المقنعة وعدم وجود تنسيق بين إداراتها أدى إلى إصدار قرارات متخبطة أهدرت المال العام ، وإلا هل يعقل أن وزارة التربية لا يوجد فيها مركزا لنظم المعلومات؟! طبعا الجواب لا ففيها مركزا لنظم المعلومات وفيه موظفون متخصصون في نظم المعلومات فلماذا لا تقوم الوزارة إن وجدت فعلا أن تنفيذ مشروع التابليت سيفيد الطلاب والمعلمين والتعليم بشراء هذه الأجهزة لتصبح ملك لها ويقوم مركز نظم المعلومات بالإشراف على صيانتها وصياغة البرامج التي يحتاجها التعليم في الكويت خاصة وأن تكلفة شرائها أقل بكثير من استئجارها؟! وبعملية حسابية بسيطة نجد أن (26000000 د.ك ÷ 81000 جهاز تابليت = 320.983 د.ك) أي أن قيمة الجهاز الواحد يكلف 321 دينار كويتي إذا جبرنا الكسر وبعد ثلاثة سنوات تأخذه الشركة بل أنه في حالة تلف اي جهاز ملزمة وزارة التربية على تعويض الشركة قيمته. ولكن في حالة قيام الوزارة بشرائه مباشرة فإن قيمة الجهاز في السوق تتراوح ما بين 89 و 120دينار للجهاز أي (81000 جهاز تابليت × 120 د.ك = 9720000د.ك ) تسعة ملاين وسبعمائة وعشرين ألف دينار كويتي. أي وفرنا على ميزانية الدولة ستة عشر مليون ومائتين وثمانين ألف دينار كويتي. 

ومع ذلك كله لن نستغرب فشل المشروع إذا طبق بفترة قصيرة بسبب التخبط في اتخاذ القرارات لأن المشكلة تتمثل في عدم وجود رؤية واضحة ليس لوزارة التربية والتعليم فقط بل للحكومة ككل.

حمد سالم المري
AL_sahafi1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock