أكاديميون: الوحدة الوطنية أفعال وليست مجرد أقوال
– د. الزيد: الوحدة الوطنية مبنية على روابط تدمج أفراد المجتمع من حيث الفكر والسلوك الاجتماعي والسياسي والديني.
– د. المري: لا فرق بين المواطن الكويتي بغض النظر عن العرق او الدين او المذهب.
– أ. الردعان: الوحدة الوطنية أن نكون جسداً واحداً يعمل على الحفاظ على صحته البدنية وسلامته الفكرية.
– أ. البصري: يمكن تلافي مايمس الوحدة الوطنية بزيادة توعية الأفراد وبالذات فئة الشباب.
أكاديميا | ندى السويلم – منى العتيبي
الوحدة الوطنية ليست خطاب يردد بلا تطبيق، بل هي ممارسات متواصلة بين كل مواطن ومقيم في دولتنا الحبيبة ومشروع قومي يزيد من تلاحم صفوف الشعب وتوحيد الكلمة وزيادة مستوى التلاحم الوطني. إن إطار الوعي العميق بطبيعة الفتن والمصاعب التي تواجهنا، تؤكد ضرورة تلحيم الوحدة الوطنية وإجبار كل شرخ و كل شائبة تحول دون ذلك، وبطبيعة الحال الوصول لمرحلة الخلو من الفتن واكتمال الوحدة الوطنية لا تتأتى إلا بالمزيد من السعي والكفاح والعمل الجاد على تكريس أسس الوحدة الوطنية.
في هذا الصدد أجرت “أكاديميا” حوار مع نخبة من أعضاء الهيئة التدريسية والتدريبية في التطبيقي وجامعة الكويت حول مفهوم الوحدة الوطنية.
المجتمع الأصيل
في البداية عبر الدكتور محمد المري، أستاذ مساعد بكلية الدراسات التجارية وأمين سر رابطة أعضاء هيئة التدريس التطبيقية عن مفهومه للوحدة الوطنية بقوله: “مفهوم الوحدة الوطنية عندي متعلق بشطرين، الأول الوحدة الوطنية من ناحية نظر المواطن الكويتي هو أن يكون ولاءه وانتمائه لدولتنا الحبيبة وأن يكون عنصر فاعل في تطور الدولة وحفظ أمنها واستقرارها؛ من ناحية أخرى هناك الوحدة الوطنية المناطة بالدولة فيجب على السلطة التنفيذية أن تؤصل الوحدة الوطنية بأن تعامل المواطنين سواسية وفقاً لما جاء بالدستور الكويتي لا فرق بين المواطن الكويتي بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب؛ وبالنسبة لدور المواطن تجاه الوحدة الوطنية فيجب عليه أن يساهم في التقريب بين وجهات النظر المختلفة والابتعاد عن التطرف بالفكر وعدم بث الأفكار الهدامة التي تشق وحدة الصف الكويتي وأن يبتعد المواطن الكويتي عن إلغاء الآخر، واتباع وسيلة الحوار السلمي، والبناء بين أفراد المجتمع الكويتي، وما حدث من توحد للحمة الكويتية ليس بغريب على هذا المجتمع الأصيل الذي تزيده المحن تماسكاً وصلابة، وليست هذه الحادثة الإرهابية الأولى التي تمر بها البلاد، فالكويت قبل الإرهاب الصدامي تعرضت لكثير من العمليات الإرهابية واختتمت بالغزو الإرهابي سنة 1990، وفي كل تلك المواقف كان الشعب الكويتي متماسك مترابط لا تهزه محاولات شق الصف الفاشلة، وأكبر مثال لذلك التلاحم هو موقف سيدي صاحب السمو الذي ضرب أروع مثال للتماسك بحضوره لموقع الحدث مباشرة غير مبالي للخطر الأمني في المنطقة ومترجماً قلب الوالد الحنون بجملته الشهيرة “هذول عيالي”، فهنيئاً للشعب الكويتي بقيادته وهنيئاً له بتماسكه وتلاحمه المعهود، وللحفاظ على أمن البلد وتلاحمه لابد أن يكون هناك خطوات فعلية على أرض الواقع، وذلك بإعطاء أولاً رجل الأمن الكويتي ثقة أكبر وإعطائه الضوء الأخضر للتعامل مع أي اشتباه أمني بشكل فوري ويأتي ذلك بتأهيل أفراد الأمن بكيفية التعامل مع مثل تلك الأحداث، كما يجب أن تقوم السلطة التنفيذية بوقف أي نشاط متطرف يلغي الآخر أو يحث على التطرف؛ أما من ناحية تربوية، فلابد أن يكون هناك جانب توعوي في المناهج الدراسية من تلك الأفكار المنحرفة التي قد تغزو شباب الأمة وهم في مقتبل العمر؛ ودوري كأستاذ يتمثل في حرصي على إعطاء أبناء الوطن أكبر جهد خلال آدائي لواجباتي الوظيفية، كما أنني أحرص دائماً على زرع الجانب الحواري السليم بين أبنائي الطلبة، كما أحرص على التعامل معهم بشكل متساوي عادل لزرع الثقة بأنفسهم وزرع الوحدة الوطنية بين أبنائي الطلبة”.
فكر وسلوك إجتماعي وسياسي وديني
ومن جهته قال الدكتور مساعد زيد الزيد، رئيس قسم العلاج المهني بكلية العلوم الطبية المساعدة بجامعة الكويت، والناطق الرسمي لجمعية أعضاء هيئة التدريس: “الوحدة الوطنية مبنية على روابط تدمج أفراد المجتمع من حيث الفكر والسلوك الاجتماعي والسياسي والديني، وركيزتها الاحترام المتبادل وتقبل الرأي الآخر والتسامح والتعاون، ومهما كان الاختلاف بين أفراد المجتمع يضل يجمعهم سلوك وفكر وطني واحد”.
وأكمل د. الزيد: “فالاختلافات الفكرية والسلوكية تكون بعيدة كل البعد عن ما يمزق الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي. الوحدة الوطنية يجب أن تقود فكر وسلوك الفرد لنؤمن المحافظة واستمرار الوحدة الوطنية، حيث تحتاج إلى دعم وحث متواصل يبدأ في المنزل والمدرسة والمسجد؛ كما يجب زرع وتأسيس معاني ومفاهيم الوحدة الوطنية والتسامح والألفة في نفوس الأطفال، ويجب إنشاء جيل لا ينظر إلى الفروقات، ولكن ينظر ويتبع المميزات والإيجابيات في الآخرين”.
وأوضح د. الزيد بأنه يعتقد أعتقد أن المرحلة الجامعية هي من أصعب المراحل على الفرد، حيث يبدأ بتكوين فكرة ومبدأه المستقل مبني على التجارب والتعليم، وهنا يأتي دور المثقفين وأساتذة الجامعة المهم في صقل وإبراز وتقوية وتأصيل السلوك والفكر الوطني والمنهجية المعتدلة الوسطية داخل قاعة المحاضرات أو بالندوات الاجتماعية والسياسية والدينية؛ ويأتي دور مؤسسات الدولة في حماية الشباب من الفكر الفاسد المتطرف والخطابات والمجالس الدينية والسياسية الطائفية والمذهبية من خلال البرامج الوطنية والاجتماعية والسياسية والدينية التوعوية الهادفة للوحدة واللحمة، وأيضاً خلق فرص العمل ودعم المشاريع الشبابية وتبني مواهب وأفكار وهوايات الشباب لاجتثاثهم إلى بر الأمان، ويجب تشريع قوانين تجرم نشر الإرهاب والكراهية والعنصرية على جميع أدوات التواصل.
وليس بغريب أن نرى اللحمة الوطنية بين الشعب الكويتي. تاريخ الشعب الكويتي مليء بالمواقف الوطنية المشرفة، نتمنى أن يستمر هذا النهج والتكاتف الوطني بين جميع أطياف المجتمع الكويتي، كما يجب استغلال هذه الفرصة حيث المشاعر والعواطف والفكر الوطني بذروته بترسيخ وربط النسيج الكويتي الوطني الأصيل.
والآن هو دور مثقفي الوطن ذو الفكر والمنهجية الوسطية المعتدلة متمسكة بعادات وتقاليد الكويت الأصيلة من إعلاميين وأكادميين واجتماعيين وسياسيين بالأخذ بزمام الأمور ونشر مفاهيم ومبادئ الوحدة الوطنية، والتصدي للفكر الفاسد والسياسي المتكسب من الطائفية والمذهبية وتجار الدين الإرهابي بوضع الحلول الإعلامية والعلمية والقانونية”.
جسداً واحداً
ومن جانبها عرفت أ. أفراح عبدالله الردعان، عضو هيئة تدريب في معهد السكرتارية والإدارة المكتبية ومدرب تنمية بشرية ومستشار أكاديمي في جريدة أكاديميا الإلكترونية، أن الوحدة الوطنية أعمق مفهوم لها هو حديث رسولنا الحبيب محمد صلَّ الله عليه وسلم: (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى) فالوحدة الوطنية أن نكون جسداً واحداً يعمل على الحفاظ على صحته البدنية وسلامته الفكرية بحبٍ ينبع من القلب يزيد ولا ينقص.
وعن رؤيتها للمحافظة على الوحدة الوطنية صرّحت قائلة: “من يعشق تراب هذا الوطن الغالي، من تربى على حب الكويت لا يحتاج لغرس مفهوم الوحدة الوطنية به لأنه جُبل على حب الكويت وأهل الكويت، ولكن في عصر الفتن وجب على كل أب وأم أن يغرسوا حب الوطن، أميرا،ً حكومة وشعباً في قلب وعقل كل طفل؛ فأهل الكويت مهما اختلفت مذاهبهم لا تزال ‘لا إله إلا الله محمد رسول الله’ توحدنا والكويت تجمعنا وهذا ما عِشنا عليه في الكويت، لذا لن نسمح لأي فتنة أن تزعزع كيان وطننا الحبيب ويجب أن نطمس كل إشاعة”.
وعن موقفها تجاه لحمة أهل الكويت قالت: ليس غريباً على أهل الكويت هذا التلاحم المشرف فقد كان لنا مواقف مشرفة في التكاتف حول أميرنا رحمة الله عليه الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي عهد الأمين الشيخ سعد العبد الله الصباح رحمه الله فقد ضرب أهل الكويت مثالاً يحتذى به أثناء الغزو العراقي الآثم على وطننا الحبيب عام ١٩٩٠ سواء من كانوا داخل الكويت أو خارجها، فالكويت غرست فينا حبها حتى سرى بدمائنا لا فرق بين بدوها أو حضرها، سنتها وشيعتها، كلنا كويتيين؛ أنا قبلية ولدت وتربيت في منطقة الدسمة وأكثر سكانها من الشيعة، كانوا لنا نعم الجار وأقرب صديقاتي منهم، بل أخوات لي ولسن فقط صديقات. لا يفرق بين الكويتيين إلا ناقص أو جاهل؛ أنا تربيت في بيت علمني به والداي أن أحترم كل كويتي وأراه أخاً لي، ولا أزال منذ الحادث أُردد بيت من الشعر لوالدي الشاعر عبدالله الردعان:
وحدة وطنّا تاج والراس مرْفـوع
والجِسْـم تِحْيا فيِه سـنة وشيعة
حب الوطن في مهجة القلبْ مطْبوع
محبةٍ عند المواطن طبيعـــة
وأوضحت أنه يمكن تجنب ما يمس وحدة الكويت وتلاحم شعبها بالإلتفاف حول والدنا القائد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله وولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الصباح حفظه الله، وحكومتنا الرشيدة وإفساح المجال لرجال الأمن أن يقوموا بدورهم تجاة حماية الوطن دون المساعدة بنشر الشائعات أو الفتن التي تزعزع أمن الوطن والمواطنين.
وأما عن دورها تجاه الوطن أدلت قائلة: “بما أنني مدرب تنمية بشرية فالدور الذي أقوم به لا يقتصر على التدريس فقط إنما على تنمية الذات وتطوير الشخصية، فالمعلم الناجح عليه أن ينزل لعقل طلابه ويسرق قلوبهم ثم يرتقي بهم لعقله، فالإنسان كائن عاطفي أكثر منه عقلاني، فإن أردت أن تُسيطر على العقل أسرق القلب أولاً؛ لذا فأني أسعى دائماً لكسب حب طالباتي ثم أغرس فيهن القيم التي تشجعهن على بذل المزيد من الجهد، وأنا دائماً أسعى لبناء إنسان إيجابي مُحب لوطنه ومُحب للخير، فلا أعتبر وقت المحاضرة محصور بالمنهج، إنما أستغل الوقت في تغيير النفوس والقلوب والأهم العقول ومن ثم المنهج؛ يجب أن يأتي الطالب للمحاضرة متشوقاً لها مُحبّاً لأستاذه وهذا ولله الحمد ما لمسته من طالباتي”.
المساواة بين أفراد المجتمع
ومن جانبه اعرب أ. ماجد حسن البصري، تخصص خدمة اجتماعية -كلية العلوم الاجتماعية محاضر ومحفز مبادرة كلنا عضو في الجمعية الكويتيية للخدمة الاجتماعية، أن مفهوم الوحدة الوطنية هو المساواة بين كل عناصر ومكونات المجتمع الكويتي بمختلف اطيافه ومكوناته بحضره وبدوه وشيعته وسنته بغض النظر عن خلفيته الفكرية والمذهبية والدينية، فالمهم أنه كويتي.
وقال أ. البصري أن المحافظة على الوحدة الوطنية تتم بالإبتعاد عن النعرات والطائفية والعنصرية والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع الكويتي ولا نغفل دور الدولة ووزارة التربية والأسرة بتوعية الأبناء وحثهم على التكاتف والتعاضد، ويمكن تلافي مايمس الوحدة الوطنية بزيادة توعية الافراد وبالذات فئة الشباب بتقبل الآخر والتعايش السلمي.
أما عن دوري فهو أنن أدعو للوحدة وعدم الفرقة وأن أدعو للتعامل مع البشر على أنهم بشر فقط دون تمييز ماهو مذهبهم أو عرقهم.