أخبار منوعة

لماذا لا يتقبل الأطفال المعلمين الجدد؟

يواجه الطلاب والمعلمون الجدد تحديات كبيرة عند بداية العام الدراسي. إذ يشعر الطلاب بعدم الارتياح وربما بالمقاومة تجاه المعلم الجديد، بينما يعاني الأخير من صعوبة التواصل والاندماج مع طلابه.

وسواء كانت هذه المشاعر مبررة أم لا، فإنها تشكل عبئا على الطالب ووالديه، وكذلك على المعلم. فما الحلول التي قد تجعل عملية التكيف أكثر سلاسة، لا سيما مع تكرار التجربة مطلع كل عام دراسي جديد، حين تتغير جداول الفصول فيمضي القدامى ويأتي الجدد.

رحل الطيب وجاء الشرير

رغم كونها معلمة بإحدى مدارس مدينة القصير بمحافظة البحر الأحمر في مصر، فإن شيماء خميس لم تنس يوما أنها كانت طالبة في أحد الأيام، وتحديدا تلك التجربة التي خاضتها في المرحلة الابتدائية، حين تم تغيير مدرس الإنجليزية فجأة.

وتقول شيماء للجزيرة نت “كنت متفوقة جدا في مادة الإنجليزية، لأن مدرسي كان يجيد التعامل معنا ومتمكنا من توصيل المعلومات، لكن فجأة وبسبب ظرف طارئ لديه، تم تغييره وجاء زميل له. وخلال أسبوع واحد فقط، أخبر المعلم الجديد والدتي أنني طالبة بليدة، وأكد لي أنني لا أفقه شيئا في الإنجليزية، بل إنه ذهب يعاتب معلمي السابق ويسأله كيف تقول إنها متفوقة حيث لم أر منها تفوقا، مما شكل حاجزا إضافيا أمام قدرتي على تلقي المعلومات منه، لكن من رحمة الله أن عاد معلمي القديم ثانية واستعدت مستواي القديم، حتى أنه هو نفسه فوجئ بدرجاتي وتفوقي في سنوات دراستي اللاحقة”.

تعلمت الطفلة -التي صارت لاحقا أخصائية لمادة الصحافة في المدرسة- أن قدرة المعلم على احتواء تلاميذه أفضل الطرق لتوصيل المعلومات، ولهذا تحرص على ممارسة الأنشطة بصحبة الطلبة بمشاركة المعلمين الجدد في محاولة لكسر الحواجز بين المعلمين الجدد والطلبة.

وقد خلصت دراسة بإحدى جامعات هولندا، عام 2019، إلى أن الشعور بالانتماء إلى المدرسة يلعب دورا مهما في الحياة المدرسية للطلاب، وهو ما يتم عبر دور المعلمين في تحفيز الطلاب اجتماعيا وعاطفيا وسلوكيا، ولكن ما الذي يعوق بعض المعلمين عن القيام بهذا الدور خاصة حين يصادف توليهم دور جديد داخل فصل لم يدخلوه من قبل؟

لهذا يقع المعلمون في الفخ

لا يعاني الأطفال جميعا أزمة تقبل المعلمين الجدد، ويتعلق الأمر ببعضهم الذين يتميز سلوكهم بـ”نمط التعلق”. وبحسب منى لملوم، الباحثة في مجال الدراسات النفسية للأطفال والمراهقين، فإن الفتيات أكثر تأثراً بتلك المشكلة، وتقول “تبدأ المشكلة حين يتغير مدرس محبوب، كان لديه من الذكريات مع طلابه ما يجعل فكرة تقبل مدرس جديد أمرا صعبا، وليس شرطا أن يعاني جميع الأطفال بنفس القدر، فالبعض يستطيع التأقلم سريعا، وآخرون يعجزون عن ذلك، ليس فقط بسبب نمط التعلق بغيرهم، أصدقاء كانوا أو جيران وعائلة، وحتى المعلمين، ولكن أيضا بسبب بعض الأخطاء التي يقع فيها المعلمون الجدد.

وتضيف الباحثة “المعلم القديم بالنسبة للطلاب هو الشخص الذي يحفظ أسماء الطلاب، ويعرف مستواهم، والطريقة التي تناسب كل منهم في التعامل. أما الجديد فهو شخص مبهم، يستكشفهم ويحاول الاعتياد عليهم، ومن هنا يقرر بعض الطلاب عدم التجاوب وتبدأ المشكلة، وهذا لا يعني أن الجديد أسوأ أو أقل كفاءة، ولكنه يعني أن ثمة من يعاني تعلقا بحاجة لتعامل خاص”.

ولكن المشكلة ليست دائما مصدرها الطالب، فأحيانا ما يكون المعلم نفسه هو السبب في حالة الرفض وعدم القدرة على التأقلم التي يعانيها بعض الطلبة، خاصة إذا اتسم بمجموعة من السمات أهمها:

  • عدم الاهتمام بحفظ أسماء الطلاب.
  • عدم منح الأطفال فرصة للتعبير عن أنفسهم.
  • كثرة الصراخ وتعنيف الطلاب.
  • ألا يكون لديه قدرة على حل المشكلات بين الطلاب فإذا شكا إليه أحدهم لم يمنحه حلا أو يتدخل للفصل بعدل.
  • أن يشعر الطفل أنه لم يعد مميزا لدى المعلم الجديد كما كان مع سلفه.
  • أن يثقل على الطلاب بواجبات منزلية أكبر من الوقت المتاح لها.
  • الوعيد بالعقاب والتهديد أو السخرية من الطالب الذي لا يجيد الإجابة.

وتقترح الباحثة مجموعة من التدابير التي يمكن للمعلم اتخاذها لتقليل معاناة الأطفال، وتفندها في مجموعة خطوات، هي:

  • أن يتفهم أن تعلق الطالب بالمدرس القديم أمر طبيعي.
  • إذا شعر أن هناك أكثر من طفل يجدون صعوبة في التأقلم فبإمكانه الاستعانة بالمعلم القديم كي يشاركه حصة يمكن أن نعتبرها “انتقالية” ويقوم بتعريف الطلبة إليه، وتعريفه إلى الطلبة، ويبدأ المدرس الجديد في التعرف على الأولاد بنفسه بعد ذلك.
  • أن يعمد إلى تشجيع الطلبة، والتعامل معهم بأسمائهم، هكذا يشعر الطالب أنه معروف وأن معلمه الجديد يقدره ويرى تميزه. وبإمكان المعلم أن يشرك الطلاب الذين يبدو عليهم عدم القدرة على التأقلم في مجموعة من الأنشطة المشتركة، مع المعلم نفسه، أو مع زملائهم.
  • أن يركز على الجانب التربوي بالتوازي مع التعليمي، فيتفهم أنماط شخصيات طلابه، منهم الحركي، ومنهم المصاب بتشتت الانتباه، وفرط الحركة، ومنهم الهادئ الذي يتعلق بالآخرين سريعا. وعلى هذا الأساس يجب أن يتعامل معهم، ويجيد التأسيس لعلاقة جيدة معهم بتوزيع الحلوى، ومنحهم فرصة للتعبير عن أنفسهم، وتحفيزهم على السؤال والنقاش بحرية.

هكذا يمكن للولي مساعدة طفله

يمكن لأولياء الأمور مساعدة أطفالهم على التأقلم وفهم المشكلة بحجمها الحقيقي من خلال استخدام عدة حيل وطرق فعّالة. ومن أبرزها ما تعتمد عليه الشركات الكبرى لتحسين أدائها، والمعروفة بـ”تقارير قياس الأداء”. ويمكن للوالدين استعارة هذا الأسلوب من خلال طرح مجموعة من الأسئلة لفهم الموقف بوضوح، وتحديد ما إذا كانت صعوبة التأقلم ناتجة عن الطفل أو المعلم. ومن أهم هذه الأسئلة:

ما الذي يجري؟ اطلب من طفلك وصف ما يحدث داخل الفصل وشرح وجهة نظره حول الأسباب. مثلا، إذا لم يحفظ المعلم الجديد أسماء الطلاب بعد، فاسأله: “ما السبب برأيك؟ هل كان الوقت غير كافٍ أم كان الدرس مهمًا؟ وهل تعتقد أن هذا مقبول؟” فهذا يساعد الطفل على فهم نفسه والموقف بشكل أفضل.

ما أفضل شيء حدث اليوم؟ سيساعدك هذا السؤال في معرفة ما يحب طفلك في المدرسة وسيعطيه سببًا إيجابيًا لمواصلة الذهاب، حيث لن يكون اليوم كله سيئًا.

ما أكثر شيء لم يعجبك في اليوم؟ ومن خلال هذا السؤال، ستتمكن من تحديد المشكلة التي تحتاج إلى حل والبدء في معالجتها.

ويشير الخبراء إلى أنه طالما أن المعلم الجديد لا يشكل خطرًا على الطفل، سواء على المستوى البدني أو النفسي من خلال العنف الشديد أو الإساءة، فإنه يمكن التعامل مع الوضع مهما كانت درجة القلق أو عدم الراحة. والأمر يتطلب وقتًا وبعض الدعم والتفهم حتى تمر الفترة الأولى من العام الدراسي بسلاسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock