خطبة عيد الفطر: أشعروا جيرانكم بفرحة العيد واجبروا ضعفاءكم وأعينوا فقراءكم
صدحت منابر المساجد ومكبرات مصليات العيد في الساحات العامة التي توافد عليها المواطنون والمقيمون بتكبيرات عيد الفطر السعيد، «الله أكبر الله أكبر الله أكبر»، معلنة عن شعيرة من شعائر الإسلام وسنة نبوية متبعة بفرحة المسلم بالعيد وبالفطر بعد صيام شهر رمضان الكريم، فيما توافد المسلمون فرحين مسرورين بإحياء صلاة العيد داعين الله أن يمن على الكويت وأهلها بالخير والبركات.
وشهدت مصليات العيد في الساحات جموع المصلين من الرجال والنساء وكبار السن والأطفال لأداء صلاة عيد الفطر السعيد مهنئين مباركين لبعضهم البعض سائلين المولى عزوجل أن يديم الأفراح على هذه الأرض الطيبة وأن يرفل حكامها بالصحة والعافية وأن يديم على الكويت النعم والرخاء والأمن والأمان.
وفي خطبة العيد في مصلى العيد في مركز الشباب الرياضي في منطقة الصباحية الذي خصصته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قال خطيب صلاة العيد في خطبته التي كانت بعنوان «العيد لمن شكر»:
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، سُبْحَانَ خَالِقِ الْعِبَادِ، وَمُجَدِّدِ الْأَعْيَادِ، سُبْحَانَ مَنْ يُغْنِي الْفَقِيرَ، وَيَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَيَكْلَأُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، سُبْحَانَ مَنْ يَكْسُو الْعَارِيَ وَيُطْعِمُ الْجَائِعَ وَيُؤْوِي التَّائِبِينَ، سُبْحَانَ مَنْ يُغْدِقُ النِّعَمَ وَيَدْفَعُ النِّقَمَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّينَ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَنَا لِطَاعَتِهِ، وَهَدَانَا لِلْقِيَامِ بِشُكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَشَرَحَ صُدُورَنَا لِتَوْحِيدِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَتَحَ لِلْمُتَّقِينَ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَأَغْلَقَ عَنْهُمْ أَبْوَابَ عَذَابِهِ وَسَطْوَتِهِ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قَامَ بِحَقِّ دَعْوَتِهِ، وَاسْتَجَابَ لِرَبِّهِ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ؛ فَكَانَ مَنَارًا عَلَى مَحَجَّتِهِ، وَبُرْهَانًا قَاطِعًا فِي حُجَّتِهِ، رَهِبَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَرَغِبَ فِي جَنَّتِهِ، وَنَصَحَ فَأَخْلَصَ النُّصْحَ لِأُمَّتِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى هَذَا الرَّسُولِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ؛ إِلَى يَوْمِ يُحْشَرُ الْمُتَّقُونَ إِلَى دَارِ كَرَامَتِهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَأَطِيعُـوهُ، وَاحْذَرُوا عِقَابَهُ، وارْجُـوا ثَوَابَهُ وَلَا تَعْصُـوهُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} «النساء:1». وَاعْلَمُوا أَنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَعِيدٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ كَرِيمٌ، أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْكُمْ فِطْرَهُ، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ صَوْمَهُ، تَوَّجَ اللهُ بِهِ شَهْرَ الصِّيَامِ، وَافْتَتَحَ بِهِ أَشْهُرَ الْحَجِّ إِلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ.
وَإِنَّهُ لَمِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ: هَذَا الْعِيدُ الَّذِي تَتِمُّ فِيهِ الْفَرْحَةُ وَالسُّرُورُ لِلْأَنَامِ، وَيَتَلاقَى الْمُسْلِمُونَ فِيهِ بِالْبِشْرِ وَالتَّهْنِئَةِ وَالسَّلَامِ، وَيُكَبِّرُونَ اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَوْلَاهُمْ مِنَ الْفَضْلِ وَمَا أَسْبَغَ مِنَ الْإِنْعَامِ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
يَا مَعْشَرَ مَنْ كُنْتُمْ بِالْأَمْسِ صَائِمِينَ قَائِمِينَ، لَقَدْ صُمْتُمْ نَهَارَ رَمَضَانَ صَابِرِينَ، وَقُمْتُمْ لَيَالِيَهُ عَابِدِينَ مُتَقَرِّبِينَ، تَرْجُونَ رَحْمَةَ رَبِّـكُمْ وَتَخَافُونَ عَذَابَ يَوْمِ الدِّينِ. يَا مَنْ لَهِجَتْ أَلْسِنَتُكُمْ بِذِكْرِ اللهِ، يَا مَنْ تَعَطَّرَتْ أَفْوَاهُكُمْ بِتِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ، يَا مَنْ بَكَتْ عُيُونُكُمْ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللهِ، يَا مَنِ اطْمَأَنَّتْ قُلُوبُكُمْ بِطَاعَةِ الرَّبِّ جَلَّ فِي عُلَاهُ. كَمْ فَطَّرْتُمْ مِنْ صَائِمٍ!، وَأَعَنْتُمْ مِـنْ قَائِمٍ!، وَعَفَوْتُمْ عَنْ مُخْطِئٍ أَوْ ظَالِمٍ!، يَا مَنْ بَذَلْتُمْ وَتَقَرَّبْتُمْ تَبْتَغُونَ الْأَجْرَ وَالْمَغَانِمَ، بُشْرَاكُمْ؛
فَهَذَا يَوْمُ الْجَوَائِزِ لِلْعَامِلِ وَصَاحِبِ النِّيَّةِ الْعَاجِزِ، هَذَا يَوْمُ إِتْمَامِ الْأَجْرِ لِلْأَجِيرِ، وَآنُ جَبْرِ الْقَلْبِ الْكَسِيرِ. يَا مَنْ أَخْرَجْتُمْ زَكَاةَ فِطْرِكُمْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْـمُحْتَاجِينَ، وَأَدَّيْتُمُوهَا رَاضِينَ مُسْتَبْشِرِينَ؛ إِيمَانًا بِمَا جَاءَ فِي شَرِيعَتِكُمْ وَعَلَى لِسَانِ صَاحِبِ نَبِيِّـكْمُ؛ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- حَيْثُ قَالَ: «فَرَضَ رَسُـولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ؛ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» «أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ اَلْأَلْبَانِيُّ».
إِنَّ الْقُلُوبَ لَتَجْمَعُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْأَغَرِّ بَيْنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ عَلَى إِسْبَاغِ النِّعْمَةِ وَإِتْمَامِ الْمِنَّةِ، وَالتَّوْفِيقِ لِصِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ، وَبَيْنَ الْأَسَى عَلَى وَدَاعِ مَوْسِمِ الطَّاعَاتِ وَشَهْرِ الْبَرَكَاتِ وَسُوقِ الْحَسَنَاتِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّكُمْ صُمْتُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ الَّذِي مَضَى بِقُرْبِهِ، وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» «أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ». وَقُمْتُمْ لَيَالِيَهُ تَلْتَمِسُونَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ فَعَسَى أَنْ تَكُونُوا حَظِيتُمْ بِجَزِيلِ الثَّوَابِ وَعَظِيمِ الْأَجْرِ، الَّذِي جَاءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» «أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ».
وَهذِهِ بِشَارَةٌ أُخْرَى تُشَنِّفُ الْأَسْمَاعَ وَتُخَفِّفُ الأَوْجَاعَ؛ فَقَدْ رَوَى عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ شَهِدْتُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَصَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأَدَّيْتُ الزَّكَاةَ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ وَقُمْتُهُ فَمِمَّنْ أَنَا؟ قَالَ: «مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ» «أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ».
فَأَبْشِرُوا؛ فَقَدْ وَعَدَ رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- أَهْلَ التَّقْوَى بِقَبُولِ أَعْمَالِهِمْ، فَقَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِمْ: ] إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ«[المائدة:27».
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الْأَعْيَادَ لَمْ تُشْرَعْ فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا لِإِظْهَارِ الْبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ، وَإِذْهَابِ وَغْرِ الصُّدُورِ، وَلِإِبْرَازِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَشُكْرِ الْـمَوْلَى -جَلَّ جَلَالُهُ- عَلَى مَا أَوْلَى مِنَ الْإِنْعَامِ؛ فَصِلُوا فِي هَذَا الْيَومِ الْـمُبارَكِ أَرْحَامَكُمْ، وَزُورُوا إِخْوَانَـكُمْ، وَأَشْعِرُوا بِفَرْحَةِ الْعِيدِ جِيرَانَـكُمْ، وَاجْبُرُوا ضُعَفَاءَكُمْ، وَأَعِينُوا فُقَرَاءَكُمْ، وَأَصْلِحُوا أَحْوَالَكُمْ؛ لِتَدْخُلَ الْفَرْحَةُ كُلَّ بَيْتٍ بِسَلَامٍ، وَتَمْلَأَ الْبَهْجَةُ كُلَّ قَلْبٍ اصْطَبَغَ بِالْإِسْلَامِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالىَ: ]وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا«[النساء:36».
وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عَدَاوَةٌ أَوْ شَحْنَاءُ، أَوْ خُصُومَةٌ أَوْ بَغْضَاءُ؛ فَلْيَضَعْ يَدَهُ فِي يَدِهِ، وَلْيَغْسِلْ مَا قَدْ عَلِقَ فِي قَلْبِهِ وَجَسَدِهِ؛ حَذَرًا مِنْ سَدِّ أَبْوَابِ الْقَبُولِ، وَخَوْفًا مِنِ ارْتِهَانِ الْأَعْمَالِ فِي سُلَّمِ الْوُصُولِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا». أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
وقال في الخطبة الثانية: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا فأَفْضَلَ، وَالَّذِي أَعْطَانَا مِنَ بَحْرِ جُودِهِ فَأَجْزَلَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَنَا لِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَأَنْطَقَنَا بِتَحْمِيدِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَتَمْجِيدِهِ، تَفَرَّدَ بِالْعِزِّ وَالْبَقَاءِ، وَتَوَحَّدَ بِالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، وَخَلِيلُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَمُجْتَبَاهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ، وَاسْتَمْسِكُوا بِمَا شَرَعَهُ لَكُمْ مِنَ الْهُدَى وَالْأَحْكَامِ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى طَاعَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَاسْتَعِدُّوا لِيَوْمٍ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ خَلَقَكُمُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادَتِهِ فَاعْبُدُوهُ، وَأَمَرَكُمْ بِإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ فأَخْلِصُوهُ، وَجَعَلَ الشِّرْكَ بِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ فَاجْتَنِبُوهُ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَحَافِظُوا عَلَيْهَا فِي الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَآتُوا الزَّكَاةَ، وَحُجُّوا الْبَيْتَ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَحَافِظُوا عَلَى أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَأُصُولِ الْإِيمَانِ، وَدَاوِمُوا عَلَى الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ. أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، وَحَافِظُوا عَلَى الْعُهُودِ، مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْـمُنْكَرِ، وَأَحْسِنُوا إِلَى نِسَائِكُمْ؛ فَإِنَّهُنَّ أَسِيرَاتٌ عِنْدَكُمْ، وَقَدْ وَصَّانَا بِذَلِكُمُ الْـمُصْطَفَى الْبَشِيرُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وخِيَارُكُمْ خِيارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» «أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ t وَصَحَّحَهُ».
وَاحْرِصُوا عَلَى صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ، ونُصْرَةِ الْمَظْلُومِ وإِرْشَادِ الظَّالِمِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ جَاهِلٍ أَوْ عَالِمٍ؛ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْـمَعْروفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمْرِ» «أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَالْهَيْثَمِيُّ».
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَاتُ الْـمُبَارَكَاتُ: شَكَرَ اللهُ سَعْيَكُنَّ، وَتَقَبَّلَ الْمَوْلَى طَاعَتَكُنَّ، وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَانَا وَمَأْوَاكُنَّ، أَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهَ، وَأَحْسِنَّ إِلَى أَزْوَاجِكُنَّ، وَقُمْنَ بَأَدَاءِ الْوَاجِبِ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِكُنَّ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى جِيرَانِكُنَّ، تَمَسَّكْنَ بِقِيَمِ دِينِ رَبِّنَا الْقَوِيمِ، وَتَخَلَّقْنَ بِأَخْلَاقِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَاهْتَدِينَ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمِ، وَاقْتَدِينَ بِسِيرَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: تُفْلِحْنَ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الدِّينِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا (أَيْ: زَوْجَهَا) قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِـئْتِ» «أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ».
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الْعِيدَ لَيْسَ لِمَنْ لَبِسَ الْجَدِيدَ؛ إِذْ كُلُّ جَدِيدٍ يَبْلَى، وَلَكِنَّ الْعِيدَ لِـمَنْ طَاعَاتُهُ تَزِيدُ، فَتَزوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى؛ قَالَ رَبُّنَا الْمَوْلَى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا«[الأحزاب:70-71».
أَلَا وَأَتْبِعُوا صِيَامَ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ فَإِنَّ الْحَسَّنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَاللهُ يُضَاعِفُ لِـمَنْ يَشَاءُ مَا أُخْلِصَتِ النِّيـَّةُ وَصَدَقَ الِاتِّبَاعُ فِي الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ؛ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» «أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ».اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ يَا رَبَّنَا سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ اهْدِ قُلُوبَنَا، وَاسْتُرْ عُيُوبَنَا، وَاشْفِ مَرْضَانَا، وَعَافِ مُبْتَلَانَا، وَأَهْلِكْ أَعْدَاءَنَا، وَارْحَمْ شُهَدَاءَنَا، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ مَأْوَانَا، وَقِنَا مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ، اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالدِّينِ، وَانْصُرْ عِبادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْـمُوَحِّدِينَ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْعِيدَ عِيدَ نَصْرٍ وَتَمْكِينٍ، وَارْفَعْ فِيهِ الْغُمَّةَ عَنْ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمْ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ، وَاجْعَلْ بَلَدَنا هَذَا آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ