الجامعات الخاصةكتاب أكاديميا

عيد الكويت: رحلة بين الماضي الجميل والحاضر المتجدد


يحتفل أهل الكويت بعيدي الفطر والأضحى في كل عام، ولهم عادات ومراسيم متبعة في العيدين، التي تعكس القيم والتقاليد الكويتية الأصيلة، فكانوا يستقبلونه بفرح وبهجة، ويتضح ذلك من خلال زياراتهم، وتبريكاتهم، وكذلك تحضيراتهم للأكلات الشعبية المفضلة، وتقديم العيدية للأطفال؛ حيث يمثل العيد فرصة للتواصل والتلاقي بين الأفراد، وتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية. 

ومع تقدم العصر وتطور التكنولوجيا، شهد العيد تغيرات في المجتمع الكويتي؛ حيث تواجه التقاليد القديمة تحديات جديدة، ومع ذلك، لا يزال العيد يحتفظ بروح الترابط الاجتماعي والبهجة. 

وفي هذه المقالة، سنتناول بعض العادات، التي كان يتبعها المجتمع الكويتي في العيد قديماً، وسنناقش كيف اختلف العيد اليوم عن الأمس، وسنستكشف التحولات، التي طرأت على العيد، مثل زيادة الاعتماد على التكنولوجيا في التواصل الاجتماعي، والتغيرات التي طرأت في العادات الاجتماعية.

في الماضي، كانت مظاهر العيد في الكويت تتميز ببريق، وسحر يعكسان تقاليد وثقافة البلاد، وكان لباس العيد من بين أبرز مظاهره الأصيلة؛ حيث يرتدي الرجال، والأولاد الزي الرسمي الكويتي “الدشداشة”، بينما يرتدين النساء الفساتين الواسعة، ويتزين البنات بلباس “البخنق” التراثي، كما كانت النساء يُزيِّنَّ بالحناء راحة اليدين، وأسفل القدمين.

وفي الصباح الباكر، يستعد الكبار، والصغار لأداء صلاة العيد؛ حيث يتجمع الناس في ساحات المساجد، وما إن تنتهي الصلاة حتى يتبادل أهل الكويت التهاني، والتبريكات، وعادة ما تكون عبارات التهنئة بعبارة: عيدكم مبارك، ويكون الرد: أعاده الله علينا وعليكم بخير وعافية، ثم يذهبون إلى أمير الكويت وإخوانه من آل الصباح لتهنئتهم بحلول العيد، فيجدونهم مصطفين في بهو واسع في أحد قصور الأمير الفخمة، ويطوف عليهم بماء الورد. ومن عادات أهل الكويت في اليوم الأول أن يزور أهل الحي القبلي إخوانهم من الشرقيين، وأهل الوسط، ويقدمون إليهم من دون تكلف كالقهوة، والشاي، وماء الورد، والعود. أما في عيد الأضحى، فيحرصون على أضحيتاهم، بذبح أسمن الخراف تقربًا إلى الله تعالى، ويتبرعون بجزء منها إلى الجيران والفقراء، مما يعكس قيم التكافل، والعطاء في المجتمع الكويتي.

ومن عادات أهل الكويت أنهم يعطلون أعمالهم أسبوع العيد كله، ليتفرغوا للألعاب الحربية في النهار، فكل حي له مجموعته التي انتظمت في إنشاد الأناشيد الشعبية، مستخدمين الدفوف والطبول، ويرمون بالبنادق، ويستعملون السيوف، التي كانت تسمى” العرضه” وكان اللافت حرص الشيخ مبارك الصباح على ذلك، ليبقي الناس متمرسين على حمل السيوف والبنادق، كنوع من تمارين خوض الحروب، التي نشطت في تلك الفترة.

أما الأطفال، فكانوا يقيمون العديد من الأنشطة الترفيهية، فيلعبون “الحصن” و”الديرفة” و”الحجلة” للبنات، كما كانوا يذهبون إلى البرايح في النهار، ليشاهدوا تلك العرضات التراثية.

وتتميز موائد العيد في الكويت بتنوعها الفريد؛ حيث يعتنى بها جيداً، فمنهم من يخص عائلته فقط، وآخرون يستقبلون الفقراء،الذين لا يجدون من يواسيهم في يوم العيد، ويذكر المؤرخ الرشيد أن من عادات أهل الكويت أن يخرجوا الطعام من بيوتهم إلى الشوارع والأسواق، إلا أن هذه العادة قد انقطعت. وتحتل الحلويات مكانة بارزة في هذه المناسبة السعيدة؛ إذ تتنوع أصنافها مثل: “قرص العقيلي”و “البقصم” و “الغريبة” و “الرهش” و “الدرابيل”، وعادة ما كان وقت الإفطار في صباح العيد ينقسم إلى افطارين، فالأول يقام بين صلاة الفجر وصلاة العيد؛ حيث يتناولون “القدوع”، وهو تمر مرافق للقهوة العربية، أما الإفطار الثاني، فيقام بعد صلاة العيد مباشرة؛ إذ يتم تجهيز وجبة فاخرة في الدواوين، وغالباً ما تكون من الفول المطبوخ “الباجيلا” والحمص المطبوخ “النخي”،وخبز الرقاق، بالإضافة إلى ذلك، يتم تقديم تشكيلة متنوعة من الحلويات الشعبية.

وفي وقت الغداء، يتم تجهيز وليمة الغداء بما يعرف “بمجبوس اللحم” من لحوم الأضاحي، كما كانوا يتناولون وجبة سمك تسمى:”المحمر”.

والواقع أن الاحتفال بالعيد في الكويت قد تغير بشكل ملحوظ على مر الزمان، ففي الماضي، كانت الفرحة تتجسد في الاحتفالات العائلية التقليدية، حيث كان الناس يرتدون الثياب الجديدة،ويتبادلون الزيارات لتبادل التهاني والأحاديث الودية، ومع تقدم التكنولوجيا، فإن أبرز التغيرات تمثلت في طريقة تهاني الناس مع بعضهم البعض، التي أخذت تحولًا كبيرًا؛ حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، والرسائل النصية هي الوسيلة الأساسية،لتهنئة الأهل والأصدقاء بالعيد لدى البعض، ومن المتغيرات الأخرى أصبح بعض الناس يسافرون خارج البلاد لقضاء عطلة العيد، بدلاً من الاحتفالات التقليدية في البلاد، كما أن نوعية ملابس العيد قد تغيرت، ومبالغ العيدية، التي أخذ يبالغ بها بعض الناس.

في الختام، تبقى الكويت نافذة مشرقة، التي تمتلك تراثاً غنياًبالعادات والتقاليد الأصيلة، وكذلك ثقافة تتجذر في أعماق المجتمع،وعلى الرغم من التغيرات في الاحتفالات والعادات، إلا أن جوهر روح العيد لا يزال حاضرًا في نفوس أهل الكويت، وذلك بفضل استمرارية تعايش الأصالة مع الحداثة، والاحتفاظ ببعض بقيم العيد الأصلية في الكويت، فمناسبة العيد تبقى أفضل مناسبةللترابط الاجتماعي، وإشاعة روح البهجة، التي تجمع الأهل والأحبة.

 

إعداد الطلاب: راشد حسن، سهيل السهيل، سعد الهاجري، فهد العجمي، أحمد الحماد

إشراف: د. مبارك عشوي العنزي، كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock