الأكاديمي الدكتور فيصل الوزان: حكم #المحكمة_الاتحادية_العراقية بشأن اتفاقية #خور_عبدالله يتعارض مع القانون الدولي
– يظهر عدم احترام والتزام الجانب العراقي بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية
– يهدد العلاقة التي شهدت تحسناً في الفترة الأخيرة بين #الكويت و #العراق
أكد الباحث والأكاديمي الكويتي الدكتور فيصل الوزان أن حكم المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء الاتفاقية الموقعة عام 2012 بين دولة الكويت والعراق بشأن خور عبدالله يتعارض مع القانون الدولي ويظهر عدم احترام والتزام الجانب العراقي بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
وقال الوزان وهو أستاذ مساعد في التاريخ بجامعة الكويت ومستشار في مركز البحوث والدراسات الكويتية في ورقة بحثية حصلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) على نسخة منها إن دولة الكويت والعراق أبرما عام 2012 اتفاقية بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله وصادق عليها برلمانا البلدين عام 2013 وتم إيداعها لاحقا لدى الأمم المتحدة ورغم ذلك أصدرت «الاتحادية» العراقية حكما في الرابع من سبتمبر الماضي بأن الاتفاقية «غير دستورية» مشيرا إلى أن هذا الحكم يتعارض مع القانون الدولي الذي يحكم الاتفاقيات الثنائية.
وأضاف أن حكم «الاتحادية» فضلا عن قصوره وعدم مسؤوليته فإنه يهدد العلاقة التي شهدت تحسنا في الفترة الأخيرة بين الكويت والعراق مما يهدد بالقضاء على التقدم المحرز بينهما.
وأوضح أن «العراق يظهر على الساحة الدولية عدم جديته وأمانته في الالتزام بالقانون الدولي والاتفاقيات السياسية والمعاهدات واحترامها» مشيراً إلى أن تلك الخطوة تعبر عن سلوك العراق المستمر في التراجع عن هذه الاتفاقات مع الكويت مما أدى إلى اندلاع أزمات حدودية امتدت أكثر من 90 عاما بين الجانبين بشكل دوري.
وذكر أن التراجعات العراقية عن الاتفاقات الحدودية عادة ما تتزامن مع الاضطرابات الداخلية في العراق حيث يلجأ الساسة العراقيون إلى إثارة قضايا حول الكويت لصرف الانتباه عن مشاكلهم الداخلية مع احتمال وجود دور للاعبين إقليميين في الأزمة الأخيرة.
وأشار إلى أن حكم المحكمة العراقية تجاوز الجوانب الفنية للاتفاقية إذ «يوغل في ادعاءات عراقية تاريخية باطلة ومتكررة تجاه الكويت كما يتجاهل جميع الاتفاقات الموقعة بين البلدين التي يعود تاريخها إلى عام 1932 بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 833».
وسلط الوزان في ورقته البحثية الضوء على تاريخ القضايا الحدودية بين البلدين عندما انفصل العراق عن الدولة العثمانية وسعى إلى تأسيس هياكله الإدارية ورسم حدوده بشكل مستقل.
وأوضح أن تأسيس الدولة العراقية الجديدة أشرفت عليه بريطانيا التي نصبت ملكا هاشميا على العراق عام 1921 على عكس الكويت التي كانت حينها إمارة مستقلة تحت الحماية البريطانية منذ عام 1899.
وذكر أنه في عام 1932 أي بعد حوالي 11 عاماً على تأسيس المملكة العراقية سعت حكومتها إلى الحصول على عضوية عصبة الأمم ولتلبية متطلبات القبول كانت بحاجة إلى تحديد حدودها مع الدول المجاورة.
وأفاد الوزان بأن رئيس الوزراء العراقي حينها نوري السعيد كتب رسالة إلى السفير البريطاني في بغداد السير ف. همفريز يعترف فيها رسميا بالحدود البرية مع الكويت.
وأضاف أن تلك الرسالة المؤرخة في 21 يوليو 1932 وافق عليها حاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح في 10 أغسطس من العام نفسه لتكون أساسا لاتفاقيات لاحقة بين البلدين.
واستطرد قائلا «أما في عام 1938 فقد تخلى وزير الخارجية آنذاك توفيق السويدي عن مواقف حكومة بلاده على الاتفاق معربا عن رغبته في ضم الكويت مؤسسا موقفه هذا على سوء فهم للعلاقة بين الدولة العثمانية وإمارة الكويت في الفترة بين عامي 1870 و1899 مدعياً خطأ بأن الكويت كانت جزءاً من الدولة العثمانية».
وتابع الوزان أنه مع ذلك دحض السفير البريطاني في بغداد موريس بيترسون ادعاء السويدي في رد قانوني مشيراً إلى أنه وفقا للمادة 16 من معاهدة لوزان لا يمكن لدولة أخرى استعادة حقوق تركيا وأملاكها التي تخلت عنها في عام 1923 من خلال وراثتها للدولة العثمانية.
وأضاف أنه في عام 1963 جاء حزب البعث الذي أطاح بعبدالكريم قاسم -الذي هدد بغزو الكويت ورفض الاعتراف باستقلالها – وجدد ذلك الحزب الاعتراف بسيادة الكويت وحدودها على النحو المبين في رسائل عام 1932 حيث وقع رئيس الوزراء العراقي حينها أحمد حسن البكر اتفاقية مع رئيس وفد الكويت الشيخ صباح السالم الصباح.
وذكر الوزان أنه في عام 1994 في أعقاب المحاولة العراقية الفاشلة لإعادة غزو الكويت وافق نظام صدام حسين على الاعتراف بسيادة الكويت وحدودها حيث أرسل العراق رسائل إلى الأمم المتحدة لإثبات موقفه أمام المجتمع الدولي وتوثيقه.
وعلى صعيد الحدود البحرية قال الوزان إن العراق سعى في عام 1959 إلى تكليف خبير هيدروغرافي نرويجي وهو كوشيرون – آموت لمساعدة بغداد في ترسيم حدودها البحرية مع الكويت وإيران ونتيجة لذلك أصدر الخبير النرويجي تقريرا يحدد خط الوسط كحدود في خور عبدالله وهو التقرير الذي وثقته وزارة البترول العراقية.
وأوضح أنه في عام 1967 تم تحديد الحدود البحرية بموجب مرسوم صدر في 17 ديسمبر من العام نفسه وتم تحديثه في 19 أكتوبر 2014 بما يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 وفي عام 1993 تم ترسيم الحدود البحرية بدقة من لجنة عينتها الأمم المتحدة وقدمت تقريرا ضم إحداثيات جغرافية من حيث خطوط العرض والطول وفقا لقرار مجلس الأمن 833.
وأشار الوزان إلى أنه رغم الاتفاقات العديدة لم يتم بعد الانتهاء من الترسيم الكامل للمناطق البحرية حيث توقفت جهود ترسيم الحدود إلى العلامة 162 وما فتئت دولة الكويت تدعو الجانب العراقي باستمرار إلى استكمال ترسيم الحدود بعد هذه العلامة.