أكاديميون متخصصون يفندون الادعاءات والمغالطات الواردة بحكم (الاتحادية العراقية) بشأن اتفاقية (خور عبدالله)
أكاديميون متخصصون يفندون الادعاءات والمغالطات الواردة بحكم (الاتحادية العراقية) بشأن اتفاقية (خور عبدالله)
فند أكاديميون متخصصون الادعاءات والمغالطات التاريخية والقانونية الواردة في حكم المحكمة الاتحادية العراقية العليا بشأن إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في (خور عبدالله) التي وقعتها الكويت والعراق عام 2012.
وأكد المشاركون في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وتلفزيون الكويت نظمه مركز البحوث والدراسات الكويتية اليوم السبت أهمية الاتفاقية بين الكويت والعراق بشأن تنظيم الملاحة البحرية في (خور عبدالله) لأنها تلزم الدولتين بقرار مجلس الأمن رقم 833 الصادر عام 1993 الخاص بترسيم الحدود الدولية بين البلدين واحترام القانون الدولي المتعلق بالملاحة البحرية.
وفي هذا الصدد قال استاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة الكويت الدكتور علي الرشيدي خلال اللقاء إن الاتفاقية تمت بعد مشاورات بين البلدين ومن ثم تم التصديق عليها عبر مجلس النواب العراقي – السلطة العراقية المختصة- ونشرت بالجريدة الرسمية العراقية وبعد ذلك قام المندوب الدائم للعراق لدى الأمم المتحدة بإيداع الاتفاقية مؤكدا الزاميتها وعزم العراق على تنفيذها.
وأضاف الرشيدي أنه جاء في حكم المحكمة الاتحادية العراقية عام 2014 بعد طعن أحد أعضاء مجلس النواب العراقي بالاتفاقية أن «القانون الذي أصدره مجلس النواب للتصديق على الاتفاقية قد استوفى الشكلية القانونية التي نص عليها الدستور العراقي» وبالتالي فإن المحكمة بينت أن الاتفاقية لا تعد مخالفة للدستور لأنها شرعت وفق الشكلية القانونية التي نص عليها الدستور العراقي.
وأوضح أنه بعد حكم المحكمة في عام 2014 أصبح هناك توافق على هذه الاتفاقية من جميع السلطات الثلاث في جمهورية العراق إذ وافقت الحكومة ووقعت الاتفاقية وصادق عليها مجلس النواب كما أصدرت المحكمة الاتحادية العراقية العليا حكما باتا بسلامة الموقف الدستوري للاتفاقية وأنها لا تتعارض مع الدستور العراقي.
وأكد أن هناك أربعة عوامل تنقض الحكم الجديد للمحكمة الاتحادية العراقية إذ سبق وأن فصلت بموضوع الاتفاقية عام 2014 مبينا أن مقدم الطعن الجديد هو نفس صفة الطاعن السابق وهو عضو مجلس النواب كما أن أسباب الطعن الجديد هي نفس أسباب الطعن السابق بالإضافة إلى التعارض مع قواعد ونصوص اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 والتي بينت أن كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها.
من جانبه قال أستاذ التاريخ في جامعة الكويت الدكتور عبدالله النجدي إن هذه الادعاءات ليست الاولى التي ترد في حق الكويت وتحاول التقليل من شأنها وسلب حقوقها التاريخية في الحدود.
وأضاف النجدي أن السرد التاريخي الذي ورد في حكم المحكمة الاتحادية العراقية كان من المفترض الا يأتي في محكمة قراراتها فنية تراعي جوانب الدستور ومواده «الا اذا كان هناك رغبة خفية تذكرنا بعشية الغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990» وما قبله من انتهاكات لحكومات عراقية حاولت التقليل من دور الكويت وعدم ترسيم الحدود بين البلدين.
وأوضح أن قرار المحكمة يرجع علاقة الكويت مع البصرة إلى ما قبل عام 1546 وتقر بأنه «عندما احتل العثمانيون البصرة في نفس العام كانت هناك علاقة قوية جدا بين البصرة والكويت» لافتا إلى أن الحقيقة التاريخية التي يعرفها الجميع هي أن الكويت لم يكن لها وجود آنذاك إذ أن أبعد تاريخ لنشأتها يعود إلى عام 1613 حين نشأت وتطورت ككيان حر ومستقل «أما ما قبل ذلك فهو ادعاء باطل وواضح».
وأشار إلى عدد من الخرائط التي توضح حدود الكويت ومنها للمستكشف كارستن نيبور عام 1763 التي تدل على أن حدود الكويت تمتد إلى (خور عبدالله) «إما أن تطل عليه أو تشمل الخور بشكل كامل» كما أشار إلى خريطة العالم الجغرافي الالماني كارل ريتر عام 1818 والتي تعطي شكلا واضحا للجزيرة العربية والكويت بحدود خاصة يظهر فيها (خور عبدالله) بشكل كامل في داخل الخريطة.
وقال إن السرد التاريخي للمحكمة ذكر بأنه «في عام 1869 لقب حاكم الكويت ب(قائم مقام)» مبينا أن ذلك لم ينعكس على كتابات ورسائل حكام الكويت التي كانت ترسل خارجيا لممثلي بريطانيا والسلطة العثمانية وغيرهم من حكام الجزيرة العربية حينها كما «أنه لم يرد نهائيا مسمى (قائم مقام) في مراسلات حكام الكويت آنذاك إلى الخارج».
وأكد أن هذا دليل واضح على أن هذه المسميات والتبعية وإن كانت موجودة في الكتب والرسائل العثمانية فهي «حبر على ورق» لا تنعكس على واقع وطبيعة الكويت في ذلك الوقت.
وأفاد أن من حكم بطبيعة استقلال الكويت أو تبعيتها للدولة العثمانية هو الصراع (الانجليزي – العثماني) آنذاك على المنطقة واستقلالية الشيخ مبارك الصباح وقدرته على الحفاظ على مصالح الكويت وتوقيعه اتفاقية مع بريطانيا نتج عنها أول ترسيم لحدود الكويت قبل ظهور العراق الحديث وبنائه عام 1921.
وأوضح أن حدود الكويت وجزرها ثبتت عندما اقرت الاتفاقية (الانجلو-عثمانية) عام 1913 بأحقية الجزر الكويتية من وربة شمالا وحتى أم المرادم في الجنوب ما يضعنا أمام أمر ثابت كان حاضرا في لجنة ترسيم الحدود عام 1993.
من جهته قال عضو هيئة التدريس في كلية التربية الأساسية الدكتور راشد الصانع إن ادعاء العراق بأن الحدود الدولية التي كلفت لجنة الأمم المتحدة بترسيمها لا تشمل الحدود البحرية تفنده اتفاقية عام 1963 التي جاء بها ذكر ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق وتم التصديق عليها من قبل الوفدين الكويتي والعراقي.
وأضاف الصانع أن العراق يمتلك ستة موانئ بحرية تتيح له الاتصال المائي بالعالم بمرونة وأمانة كما يمتلك واجهة بحرية تطل على مياه الخليج العربي بشكل مباشر تمتد من مدخل العرب عند رأس البيشة حتى مدخل خور الزبير وذلك على عكس ما يدعيه بأنه بلد مغلق ولا يتمتع بسواحل أو منافذ بحرية.
وذكر أن للعراق ستة موانئ بحرية منها ثلاثة تجارية هي (ميناء البصرة وميناء أم قصر وميناء خور الزبير) فيما استغل مياهه الإقليمية العميقة شمال الخليج في إنشاء ثلاثة موانئ عملاقة لتحميل النفط هي (خور العمية وميناء البكر وميناء الفاو الجديد).
ودعا الحكومة العراقية إلى بناء علاقات مبنية على أساس الاحترام المتبادل مع جميع الدول والابتعاد عن إثارة الفتن والمشكلات بين فترة وأخرى والتي لا تصب في مصلحة الشعوب.
من جهتها قالت رئيسة قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتورة هيلة المكيمي إن الادعاءات التي تضمنها الحكم تعد «أسطوانة مشروخة» تجاوزها البلدان منذ سنوات طويلة.
وأضافت المكيمي أن إلغاء قانون سابق تمت المصادقة عليه برلمانيا وإيداعه لدى الامم المتحدة وحسمه بين البلدين وفق (القانون رقم 42 لعام 2013) وحصنته المحكمة ذاتها ينم عن قضية داخلية في العراق تعبر عن أزمة مؤسسات بسبب طعن المحكمة في قراراتها.
وأوضحت أن تشكيك المحكمة بقراراتها «إضعاف لها» معربة عن أملها بأن يتدارك المسؤولون في العراق هذه الأزمة وأن يقوموا بتفعيل دور المؤسسات ليعود العراق بدوره كقوة اقليمية فاعلة ومؤثرة وبناءة.
وأشارت إلى أن العالم يتجه نحو تعزيز التعاون الملاحي الاقليمي عبر الممرات الاقليمية «ولا أعتقد بأن العراق يرغب بأن يسير بعكس الاتجاه الذي تسير به دول مجلس التعاون الخليجي».
وأشادت بتعاطي حكومة الكويت مع هذه الأزمة بقدر عال من المسؤولية وسعيها لأن تكون كل دول الجوار متصالحة تتبنى لغة تعاون اقليمي دون التهاون مع أي أزمة تحاول أن تنال من سيادتها واتخاذها لموقف بحزم وجدية.
وكانت دولة الكويت استنكرت على لسان وزير الخارجية الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح بأشد العبارات الحكم المشار إليه الذي «يحاول إسقاط التصديق عن الاتفاقية المبرمة بين البلدين عام 2012 والتي تم الاتفاق عليها وصدقت من قبل السلطات التشريعية في الكويت والعراق».
كما استنكر وزير الخارجية في تصريح سابق لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) «فحوى هذا الحكم الذي تضمن سردا تاريخيا مليئا بالمغالطات بالنسبة لدولة الكويت» آملا أن تتخذ الحكومة العراقية الخطوات الضرورية لمعالجة هذه القضية واحترام سيادة دولة الكويت وحرمة أراضيها وكذلك الاتفاقية المبرمة بين البلدين.
يذكر أن البرلمان العراقي – السلطة العراقية المختصة – قد صادق في عام 2013 على اتفاقية (خور عبدالله) بين دولة الكويت وجمهورية العراق تنفيذا للقرار رقم 833 الصادر عام 1993 على ضوء ما انتهت إليه لجنة تخطيط الحدود الدولية بين البلدين التي أنشأها مجلس الأمن الدولي بموجب القرار (رقم 687 الصادر في عام 1991) التي تعتبر قراراتها نهائية بما يضع حدا لأي لبس في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.