أخبار منوعة

هل تتأثر الكويت بخفض التصنيف الأميركي؟

خفضت وكالة فيتش، التصنيف الائتماني الأعلى للحكومة الأميركية من «AAA» إلى «+AA»، وفاجأت المستثمرين على الرغم من حلّ أزمة سقف الديون قبل شهرين. قرار الوكالة بخفض التصنيف استشهد بالتدهور المالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة ومفاوضات الحد الأقصى للديون المتكررة التي تهدد قدرة الحكومة الأميركية على سداد فواتيرها. وعلى الفور اختلفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع تخفيض تصنيف «فيتش»، في بيان وصفته بأنه «تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة». وكان للبيت الأبيض وجهة نظر مماثلة، حيث قال: «إن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة يتحدى الواقع في الوقت الذي حقق فيه الرئيس بايدن أقوى انتعاش لأي اقتصاد رئيسي في العالم». لكن السؤال الذي يتردد في الأوساط الاقتصادية المحلية، هل تتأثر الكويت والدول المصدرة للنفط بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة؟ وهل ينعكس هذا التخفيض على الأسواق والعملات؟

الاستثمار في السندات الأميركية

إن أغلب الدول المصدرة للنفط تستخدم الدولارات الناجمة عن عائدات بيع النفط أو الفائض من هذه الدولارات في الاستثمار بأميركا، سواء في السندات أو في الأسهم، وأي خفض في التصنيف ولو كان من وكالة واحدة قد يكون له تأثير في عوائد السندات ويقلص من جاذبيتها كملاذ استثماري آمن. وعلى الرغم من أن سندات الخزانة الأميركية تُصنَّف على أنها الأكثر أماناً، فإن تخفيض التصنيف الائتماني الأميركي قد يجعلها أقل أماناً مما كانت عليه، وعلى هذا الأساس تصبح الأسهم بطبيعة الحال بالنسبة لمقارنتها مع السندات كاستثمار أيضاً أقل أماناً، وبالتالي تتطلب أن تكون قيمتها منخفضة.

تأثير محتمل

لكن ماذا لو تم خفض التصنيف الائتماني الأميركي من وكالة أخرى؟ ففي هذه الحالة يمكن أن يؤثر ذلك في قيمة السندات والأسهم، وهي جلّ استثمارات الدول المصدرة للنفط بالدولار، خاصة دول مجلس التعاون التي تكون أكثر استثماراتها بطبيعة الحال في الولايات المتحدة.

في المقابل، يرى بعض المحللين أن مدى التأثير غير معلوم لحد الساعة، لأنه قد لا يؤخذ بجدية كبيرة في الاسواق، لكن إن استمرت الوكالات الأخرى بخفض التصنيف فيمكن أن يكون له تأثير أكبر، ولكن مدى حجم هذا التأثير قد لا يكون معلوما، والأيام ستظهره، سواء كان هامشياً أو كبيراً. كما أن سندات الدين الأميركي تعد مقياساً على أساسه يتم تقييم بقية الأصول، وأي تعرض لها ممكن ان يؤثر في قيم الأصول كلها، ويبقى الأمر مرتبطا بردة فعل المستثمرين تجاه خفض التصنيف الاميركي وكيف ينظرون اليه؟

وجهة نظر اقتصادية أخرى تستبعد ان تتأثر الكويت ودول المنطقة بقرار خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، اذ قد ينخفض سعر الدولار مقابل العملات العالمية الأساسية قليلا، لكن دون أن يشعر في انخفاضه أحد بما فيهم دولة الكويت، لكن كالعادة يظل حجم الدين العام الأميركي المتزايد مصدر قلق لدى مؤسسات ووكالات التصنيف العالمية!.

لماذا خفضت «فيتش» تصنيف الولايات المتحدة؟

أفادت «فيتش» بأن قرار خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة درجة واحدة إلى +AA، جاء بسبب «تذبذب منظومة إدارة البلاد»، الذي «تَجلَّى في المواجهات المتكررة حول سقف الديون، وصدور قرارات في اللحظات الأخيرة». يُعزى ذلك إلى أن الولايات المتحدة تتعرض كل بضعة أعوام -نتيجة السياسة التي أقرتها بنفسها- لاحتمال التخلف عن سداد الديون.

أقرّ القانون الصادر في عام 1917 حدّاً إجماليّاً ثابتاً بالدولار الأميركي للاقتراض (أو ما يُعرف باسم سقف الدين)، لا تمكن زيادته إلا بموافقة الكونغرس الأميركي ورئيس الولايات المتحدة. نتيجة لهذا استمر شبح التخلف عن السداد في التخييم على الولايات المتحدة خلال النصف الأول من 2023، بعدما اقتربت البلاد بصورة خطيرة من سقف الديون البالغ 31.4 تريليون دولار تقريباً، وتأخر السياسيون في التوصل إلى قرار حتى اللحظات الأخيرة.

سُوّيَت الخلافات في أواخر مايو الماضي، لكنها فاقمت حالة عدم اليقين حول مدى التزام القادة السياسيين الأميركيين التخلي عن حالة الاستقطاب السياسي الخطرة، والوفاء بسداد السندات في موعدها، في ظل تزايد أعباء الديون.

ماذا يعني تصنيف +AA؟

ينخفض تصنيف +AA درجة واحدة فقط عن AAA، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تعد صاحبة ما تعرّفه «فيتش» بأنه «أعلى جودة ائتمانية». في ما تشير «فيتش» إلى أن تصنيف AA يدل على أن «توقعات وجود مخاطر تخلف عن السداد محدودة للغاية»، إلا أن هذا يشكل تراجعاً عن «أدنى توقع لمخاطر التخلف عن السداد» لمقترضين مصنفين AAA. على نفس المنوال يُحدَّد التصنيف الأعلى فقط مع حالات توافر «القدرة القوية الاستثنائية» للوفاء بالالتزامات المالية، في حين تشير مستويات الائتمان من الفئة AA إلى توافر «قدرة قوية للغاية»، حسب وكالة «فيتش».

كيف تُصنَّف السندات الحكومية؟

تصنّف مؤسسات التصنيف الائتماني حجم القوة المالية للجهات التي تُصدر السندات -بما فيها الحكومات- وتمنحها درجات ائتمانية تحدد مدى قدرتها على الوفاء بمدفوعات الديون. ويعتمد المستثمرون عادة على هذه التصنيفات الائتمانية عند اتخاذ قرار بشراء أي سندات، كما يمكن أن تؤثر هذه التصنيفات بشدة في مقدار العوائد التي تدفعها الجهات المقترضة لجمع الأموال في أسواق رأس المال.

مع ذلك، فإن عوائد السندات الأميركية منخفضة بفضل الطلب على كل من الدولار (العملة الاحتياطية العالمية) وسندات الخزانة الأميركية التي يُنظر إليها باعتبارها معياراً عالمياً للأصول الخالية من المخاطر.

** كيف ستتأثر الأسواق بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة؟

عقب خفض وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للحكومة الأميركية في 2011، برزت مخاوف حول مدى قوة الاقتصاد الأميركي، في وقت كانت فيه أوروبا تمرّ بأزمة ديون سيادية. مع ذلك كان لهذه الخطوة تأثير محدود في المدى الطويل، إذ أقبل المستثمرون على الأصول الأميركية مجدداً، وتراجعت عوائد الديون الحكومية الأميركية بنهاية 2011.

يعود الفضل في ذلك جزئياً إلى أن الاقتصاد الأميركي حافظ على زخمه، في ما كان الاتحاد الأوروبي في الوقت ذاته يعاني من أجل المحافظة على الاتحاد القائم على استخدام العملة الموحدة. والآن يتكرر المشهد مجدداً، إذ تشعر الأسواق المالية بمخاوف إزاء الاقتصاد الأميركي، لكن التركيز ينصبّ هذه المرة على دورة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة لدى بنك الاحتياطي الفدرالي بوتيرة هي الأقوى منذ عقود لكبح التضخم. نتيجة لذلك، يُرجَّح أن تكون خطوات الفدرالي وهبوط أسعار الفائدة الأميركية أكثر تأثيراً بكثير من خفض تصنيف وكالة فيتش.

الدولار ينخفض.. والذهب يرتفع

انخفض الدولار، امس، بعدما أثار قرار وكالة فيتش خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة تساؤلات حول التوقعات المالية للبلاد، لكنه حصل على بعض الدعم من سلسلة بيانات اقتصادية قوية نسبياً. ودفع ذلك الدولار إلى الانخفاض مقابل ارتفاع اليورو نحو 1.10 دولار. وكانت العملة الأوروبية الموحدة ارتفعت في أحدث تداول %0.11 لتصل إلى 1.0996 دولار بعدما لامست أعلى مستوى لها في الجلسة عند 1.1020 دولار. وارتفعت أسعار الذهب مع الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن وارتفعت العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم أغسطس بنسبة %0.73 عند 1956.1 دولارا للأوقية، وارتفع سعر التسليم الفوري للذهب %0.25 أو 4.81 دولارات عند 1949.1 دولارا.

تراجع في أسواق الأسهم

انخفضت الأسهم الأوروبية في تعاملات أمس، مع استيعاب نتائج أعمال الشركات، وبعد خفض «فيتش» التصنيف السيادي للولايات المتحدة. وتضررت معنويات المستثمرين بعد خفض «فيتش» تصنيف أميركا وانتقدت العجز المالي المتضخم في البلاد، وأشارت إلى عبء الدين الحكومي العام المرتفع. وتراجع مؤشر «ستوكس يوروب 600» بنسبة %1.02 عند 462 نقطة، في تمام الساعة 10:35 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة، مع انخفاض جميع القطاعات. كما انخفض كل من «فوتسي 100» البريطاني بنسبة %0.82 عند 7603 نقاط، و«داكس» الألماني %1.18 عند 16041 نقطة، و«كاك» الفرنسي %0.78 عند 7348 نقطة. وارتفع سهم «بي إيه إي سيستمز» بنسبة %4.74 بعدما رفعت شركة الدفاع البريطانية توقعاتها لعام 2023 بأكمله. وانخفضت الأسهم اليابانية في تداولات امس (الأربعاء) بأكثر من %2 مع ارتفاع الين مقابل الدولار وأغلق مؤشر نيكي الجلسة منخفضًا %2.3 عند 32707 نقاط، بقيادة قطاع المرافق، مسجلاً أكبر وتيرة انخفاض يومية من حيث النسبة المئوية منذ العشرين من ديسمبر، كما تراجع المؤشر الأوسع نطاقًا «توبكس» بنسبة %1.52 عند 2301 نقطة.

العريان: خطوة غريبة.. لا تؤثر في الأسواق

انتقد الخبير الاقتصادي الشهير محمد العريان قرار فيتش بخفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة، موضحًا في تغريدة أنها خطوة غريبة من غير المرجح أن تؤثر في الأسواق. وأضاف العريان: أنا في حيرة شديدة من عدة جوانب من هذا القرار، وتوقيته، وأعتقد أن الأغلبية العظمى من الخبراء الاقتصاديين ومحللي السوق الذين ينظرون إلى هذا قد يكونون في حيرة من أمرهم أيضًا بسبب الأسباب المذكورة والتوقيت.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock