د. ناصر بهبهاني: التدخين يسبب ستة أمراض تعد من الأسباب الستة الأولى في الوفيات
د. نعيمة طاهر: الامتناع عن التدخين يجب أن ينبع من داخل الفرد بقرار يتخذه بقناعة تامة
تزامناً مع اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين
بالتزامن مع اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين والذي يحتفل به العالم في 31 مايو من كل عام، ولأهمية الإقلاع عن التدخين وتأثير ذلك على صحة وسلامة المجتمع، لما يشكله التدخين من تحدٍّ صحي يواجه العالم، ويتسبب في وفاة الملايين من الأشخاص سنوياً، ومن هذا المنطلق دعمت جامعة الكويت لجميع المبادرات المجتمعية الهادفة ورفع المستوى الثقافي للأفراد والمجتمع، وسعيها نحو اعتماد مدينة صباح السام الجامعية كمدينة صحية.
وحول هذا الموضوع ذكر عضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الكويت الدكتور ناصر بهبهاني أن منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين لهذا العام اتخذت شعار”لنزرع الغذاء وليس التبغ“، لكون زراعة التبغ تتم في 124 دولة حول العالم، مبينًا أن هذا الشعار يهدف إلى أن تستبدل تلك الدول بمهنة زراعة التبغ مهنة بديلة تفيد المزارعين وتسهم في دعم المجتمعات صحياً، كما يشجع الحكومات على تقليل الدعم الممنوح لهذه الزراعة المضرة واستخدام هذه الأراضي لزراعة أغذية مفيدة للناس والمجتمعات.
وأضاف أن للتدخين بالغ الأثر على صحة الأفراد والمجتمعات، فهو من المسببات الأساسية لثمانية أنواع من السرطان، ويعد سرطان الرئتين هو النوع الأول كون التدخين هو السبب الرئيسي والمباشر له بنسبة تقريبية تشكل 80 إلى 85%، يليه سرطان الحنجرة وسرطان المريء والمعدة والبنكرياس والمثانة بالإضافة إلى بعض سرطانات الدم مثل اللوكيميا، مضيفاً أن هناك ستة أمراض تعد من المراكز الستة الأولى في أسباب الوفيات في المجتمعات يدخل التدخين كسبب رئيسي لها ومنها مرض السدة الرئوية وانسداد الشعب الهوائية المزمن الذي يؤدي إلى قصور في الرئتين، بالإضافة لمرض تصلب الشرايين المؤدي إلى الذبحة الصدرية والجلطات الدماغية، علاوةً على الالتهابات الرئوية وأمراض الأوعية الدموية الخارجية التي قد تؤدي إلى ما يعرف بتوسع الشريان الأورطي وانسداد الشرايين المؤدية إلى القدمين.
وأوضح بهبهاني أن انتشار ظاهرة التدخين في المجتمعات تعد مشكلة ذات أثر بالغ بسبب التبغ الذي يحتوي على مادة النيكوتين التي تصل إلى الدماغ عبر أسهل وسيلة وهي الاستنشاق لتحفز بعض المواد التي تساعد على الإدمان، منبهًا إلى أن هذه الخاصية يتم استغلالها من قبل شركات عالمية والتي تعمل على تسويق هذه الآفة وتوفيرها بأسعار رخيصة نسبياً، وهو الأمر المؤدي إلى انتشار التدخين كظاهرة في المجتمعات بشكل عام، مشيداً بدور الدول المتقدمة التي نجحت إلى حد ما في الحد من هذه الظاهرة، في حين أن نسبة المدخنين في دول العالم الثالث في بعض الإحصائيات لبعض الدول تشكل أكثر من 50% من السكان خاصةً من فئة الرجال.
وأشار إلى أن نسبة 80% من المدخنين المقلعين عن التدخين يتركون التدخين بدون مساعدة وبقرار شخصي لترك التدخين بإرادتهم الخاصة، أو بعد الإصابة بعارض أو قراءة مقال عن الأضرار أو بنصيحة طبيب، لافتاً أن ترك التدخين بشكل مفاجىء غير مضر بالصحة، إلا أنه قد يتسبب بأعراض كالتوتر علاوةً على بعض الأعراض الانسحابية، موضحاً أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة ينقسمون إلى نوعين، فهناك من يحتاج إلى علاج سلوكي من خلال دورات كيفية محاربة الإدمان من الناحية السلوكية، أو علاج دوائي من خلال تعويض مادة النيكوتين بشكل آمن وليس من خلال مواد التبغ سواء بشكل علكة أو لصقات الجلد، أو باستخدام أدوية تقلل من الرغبة في التدخين تؤخذ تحت إشراف طبي في البداية.
ودعا د. بهبهاني لزيادة التوعية بين أفراد المجتمع لمكافحة التدخين، موضحاً أن هذا الأمر لا يقتصر على التوعية الإعلامية كون التدخين يعد سلوكًا إدمانيًا، ويتطلب تعديل هذا السلوك ضوابط تحد من انتشار هذه الظاهرة منها زيادة سعر مواد التبغ بشكل حاد، ومنع التدخين كليا في الأماكن المغلقة والأماكن العامة، ووضع قوانين صارمة لتطبيق هذه الضوابط، والتقليل من تركيز مادة النيكوتين في مستحضرات التبغ وبالتالي تقليل خاصية الإدمان فيها، بالإضافة لمنع كافة أنواع الإعلانات في كافة الوسائل الإعلامية سواء مكتوبة أو مرئية ومواقع التواصل الاجتماعي وتسليط الضوء على أضرارها، والتعاون على مستوى الدول للتقليل من هذه الظاهرة.
وفي السياق نفسه أكدت عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتورة نعيمة طاهر أن التدخين يعد نوعًا من أنواع الإدمان لأنه يمثل اعتمادًا نفسيًا وعضويًا، حيث إنّ المدخن يعتمد على التدخين للتنفيس والوصول للراحة النفسية بالربط بينه وبين الحالة الشعورية والانفعالية له كالفرح والغضب، أما من الناحية العضوية فالتبغ ومادة النيكوتين تحديداً التي يستهلكها المدخن يؤثر على تركيب الدم بتأثير سلبي ينتج عنها أعراض انسحابية عند الإقلاع منها الصداع والقلق والتوتر وآلام جسدية.
وأردفت د. طاهر أن هذه الظاهرة منتشرة في الأغلب بين فئة الشباب من الجنسين الذكور والإناث ولها آثار جسيمة على صحة الرئتين، وصعوبة الحركة البدنية، وتسارع في دقات القلب، والتهاب وسرطان لثة الفم، ورائحة الفم الكريهة الناتجة عن التدخين بأنواعه، والذي بدوره يؤثر على الصحة البدنية للشباب وعلاقاتهم وحياتهم الاجتماعية.
ودعت إلى ضرورة إقامة دورات وندوات توعوية في المدارس والجامعات لعلاج هذه المشكلة من المراحل الابتدائية للشباب وتوعيتهم من مرحلة المراهقة والشباب المبكر عن مخاطر التدخين وأضراره ونتائجه السلبية على الصحة والعلاقات الاجتماعية.
وتطرقت طاهر في حديثها إلى الطرق الشائعة للإقلاع عن التدخين كعلكة النيكوتين التعويضية أو التعويض عن طريق الطعام والتي قد تكون غير مجدية، وذلك لكون الامتناع عن التدخين يجب أن ينبع من داخل الفرد بقرار يتخذه بقناعة تامة ومواجهة التبعات النفسية والعضوية الجسمانية بعد ترك التدخين دون ضغط خارجي أو إجبار، في حين أن زيادة أسعار منتجات التبغ أو فرض ضرائب عليها قد تشكل تحديًا للمدخن وتزيد من رغبته في التدخين.