كتاب أكاديميا

خطة بعثات التعليم العالي: احتياجات سوق العمل او لتكريس الخلل!!! بقلم د. عبدالله يوسف سهر

يا سمو رئيس الوزراء، نرجوك ونحن لك من الناصحين.

كُتب هذا المقال بتاريخ ٩ يونيو ٢٠٢٢، وأعيد نشره مع التعديل من اجل التذكير، “فإن الذكرى تنفع المؤمنين”.

بقلم د. عبدالله يوسف سهر

قبل ايام اعلنت وزارة التعليم العالي خطة البعثات الخارجية ( لسنة ٢٠٢٣-٢٠٢٤) والتي تضمنت تخصصات عديدة منها ما هو مطلوب لسوق العمل ومنسجم مع التوجهات العلمية العالمية خاصة في قطاع التكنولوجيا والمعلومات. ولكن الكثير من تلك التخصصات لا حاجة للدولة له بسبب وجود فوائض كبيرة منها ولا يزال اصحابها ينتظرون دورهم لايجاد فرص عمل مثل بعض تخصصات الهندسة والعلوم السياسية والعلاقات الدولية وادارة الاعمال والتسويق وغيرها. والاشكالية الاكبر بأن بعض هذه التخصصات التي تضمنتها خطة البعثات تتعارض مع ما تتبناه الوزارة والجهات المعنية بالدولة، بل وما اعلنه سمو رئيس الوزراء قبل فترة عندما تحدث عن وجود خطة لانقاذ التعليم حيث اشار في سياقها انها ستعالج الخلل بين مخرجات التعليم وسوق العمل!!!
مرة اخرى استرعي انتباه معالي وزير التعليم العالي والقياديين في المؤسستين التشريعية والتنفيذية الى التقرير الذي وضعته عشرة جهات حكومية منها وزارة التعليم العالي ووزارة التربية وجامعة الكويت وديوان الخدمة المدنية والامانة العامة للتخطيط والتنمية وغيرها من مؤسسات معنية، والذي قد أكد بوضوح على ذلك الخلل بين ما تحتاجه الدولة من تخصصات وما ليس له احتياج بل يشكل فائضاً عما يتطلبه سوق العمل، فلماذا يتم اهماله على الرغم من انه يمثل وثيقة تعليمية ومهنية متفق عليها بين تلك المؤسسات الرسمية. وحتى اكون اكثر شفافية سأتحدث عن تخصصي شخصياً وهو العلوم السياسية… فلدى جامعة الكويت ما يقارب ٥٥٠ طالب يدرسون تخصص العلوم السياسية ويتخرج معظمهم وليس له مكان يعمل به وفق تخصصه! ولكن وفي ذات الوقت تأتي وزارة التعليم العالي وتعلن عن بعثات خارجية في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في امريكا وانجلترا واستراليا!!! ولا اعلم ما اذا كانت خطة البعثات الداخلية للجامعات الخاصة ستشمل هذا التخصص ايضا مثلما كان عليه الحال في الاعوام السابقة!!! وهذا ينطبق ايضا على بعض التخصصات الاخرى التي حدها التقرير المذكور.
لذا، ارجو من القائمين على وزارة التعليم العالي ان يخرجوا لنا بتفسيرات وتبريرات لعلها تكون مقنعه، اما اهمال تلك الملاحظات فقد يقود الى اثارة للشكوك والاسئلة الظنية! وأحد تلك الاسئلة التي تتبادر الى الذهن هو: هل هناك علاقة عكسية ما بين ما تشخصه المؤسسات وتدوّنه رسمياً بتقاريرها وبين قراراتها؟ وهل لدى بعض المسؤولين مشكلة تتمثل في التعامل مع المعلومة؟ حقيقة بدأت اشك فعلا بأن البعض من هؤلاء لديه مشكلة من هذا النوع الخطير من الاعراض حيث يبدو بأنها متفشية في بعض مؤسسات الدولة مما يتعين اصلاحها من خلال عميلة تغيير وتأهيل لمهارات وقدرات هؤلاء القياديين الذين ليس لديهم القدرة للتعامل مع المعلومات، وذلك لكون قراراتهم تلك قد تؤثر بشكل سلبي على وضع الدولة ومخرجاتها الادارية والاقتصادية والفنية.

وختاماً، ارجوك يا سمو الرئيس لا تدعهم يعبثون بالتعليم العالي ومؤسساته والبعثات ومواردها المالية والبشرية اكثر مما هو كائن، فنحن لك من الناصحين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock