أخبار منوعة

لماذا تنتابك حالة “التجمد” في بعض المواقف الحرجة؟.. إليك الأسباب؟

وفق المعهد الأميركي للتوتر، هناك استجابتان يتعامل بهما الجسم كردود أفعال تُشير إلى التغيرات الفسيولوجية اللاإرادية التي تحدث له، بسبب التوتر الناتج عن أي خطر جسدي، كهجوم كلب أثناء ممارسة رياضة الجري في الصباح، أو ضغط نفسي كالاستعداد للتحدث أمام حشد كبير، على سبيل المثال، وهما استجابة “القتال” بمعنى البقاء ومواجهة التهديد، أو استجابة “الهروب” للاختباء أو الاحتماء بحثا عن الأمان.

وكلاهما تحدثان تلقائيا عبر إفراز هرمونات -كـ”الكورتيزول” و”الأدرينالين”- تزيد ضربات القلب وضغط الدم ومعدل التنفس، لتوفير الطاقة والأكسجين، وتُقلل تدفق الدم للوجه الذي يتناوب بين الاصفرار والاحمرار، مقابل زيادة تدفقه في الدماغ والعضلات والساقين والذراعين؛ والارتجاف الذي يجعل العضلات متوترة ومهيأة لمواجهة الإجهاد، ويؤدي إلى زيادة حدة الصوت، وجفاف الحلق. واتساع حدقة العين، لتوفير رؤية أفضل لموقع الحدث؛ وزيادة معدل تخثر الدم، لتقليل النزيف في حالة الإصابة. حتى زوال التهديد، وبقاء الجسم من 20 إلى 60 دقيقة قبل عودته إلى حالته الطبيعية.

تشمل أعراض التجمد، الشعور بالرهبة، وانخفاض معدل ضربات القلب، وانقباض الأنفاس
استجابة التجمد
هي حالة ثالثة تُعد الأكثر شيوعا بشكل عام، وتنتاب الأشخاص الذين مروا بتجارب مؤلمة بشكل خاص؛ تُسمى “استجابة التجمد”، وتُسببها عملية فسيولوجية مختلفة عن القتال أو الهروب. فعلى عكس ما يحدث في استجابة القتال، قد يحدث شد عضلي، وانخفاض في معدل ضربات القلب عند التجمد، وليس زيادة الضربات.

وتحدث في حالات الضغوط القوية، حيث تجعلنا غير قادرين على التفكير أو التصرف؛ في رد فعل وصفه بحث نُشر عام 2015، بأنه حالة من “الجمود اليقظ”، حيث يكون الشخص “المُجمّد” في حالة يقظة وتأهب شديد، لكنه في الوقت نفسه غير قادر على التحرك أو اتخاذ إجراء ضد الخطر.

وشبَّهته المُعالجة النفسية، جاكلين كارسون، بـ”زر الإيقاف المؤقت”، بسبب الأعصاب المُثقلة بالعواطف والأفكار والخيارات المعقدة للتعامل مع الخطر؛ والتي تجعل دماغ الشخص “يتجمد”، في محاولة لتحقيق الحماية الذاتية، والنجاة بالنفس.

وينظر علماء النفس إلى “التجمد” باعتباره استجابة حادة للضغط، قد تدفع الشخص إلى “التخبط”، لافتقاد الاستجابة الجسدية أو العقلية تماما، وهو أحد سمات “اضطراب ما بعد الصدمة” (PTSD)؛ في محاولة لاسترضاء مصدر التهديد، أملا في الإفلات من الأذى؛ وصولا إلى الإغماء؛ وكلها تُعد “استجابة فاشلة” ناتجة عن الخوف أو الصدمة.

وقد تنجم استجابة التجمد عن حدث مُزعج لمرة واحدة، “كما هو الحال في الحياة اليومية الطبيعية”، كما تقول كارسون. لكنها توضح أن “من يعانون من القلق أو الإجهاد المزمن، يكون الجهاز العصبي اللاإرادي لديهم أكثر عرضة للإصابة بالتجمد، وكلما واجهوا موقفا صعبا، تنتقل أدمغتهم تلقائيا إلى وضع التجمد، بفعل التغيرات الفسيولوجية في الجسم”.

يعاني العالقون في وضع التجمد -وفقا للعلماء- من الشعور بالثقل، وبذل مزيد من الجهد لمجرد البدء في العمل
أعراض التجمد
بخلاف “الإفراط في التفكير، وعدم الرغبة في تجربة أشياء جديدة، وتجاهل الاحتياجات الجسدية والعاطفية، وانخفاض مستويات الطاقة والرغبة في الأكل، وعدم الحصول على نوم جيد”، يعاني العالقون في وضع التجمد –وفقا للعلماء– “من الشعور بالثقل، وبذل مزيد من الجهد لمجرد البدء في العمل أو المهام المنزلية، أو القيام بالأشياء العادية؛ وغالبا ما يبقون متجمدين في نفس المكان لفترات طويلة من الزمن؛ إلى جانب الشعور بالذنب والإحباط والمزاج السيئ. وكلها أعراض قد تزيد من تفاقم التجمد”.

“فيصبح من شبه المستحيل فعل أي شيء، مهما كان لديهم من مسؤوليات متراكمة”، كما تقول كارسون، معللة ذلك، “بالشعور بفقدان القدرة على القتال، والقدرة على الهروب أيضا، مما يجعلهم يعانون من جفاف الفم، أو توتر العضلات، أو الشعور بالبرودة والشحوب، وربما النزيف”.

كما تشمل الأعراض الأخرى -وفق كارسون- “الشعور بالتعثر في جزء معين من الجسم، والشعور بالرهبة والخدر، وانخفاض معدل ضربات القلب، وانقباض الأنفاس”.

و”قد تتسبب استجابة التجمد في الشعور بالتعب أكثر من المعتاد، أو الافتقار إلى الدافع، أو الشعور العام بالكآبة، وهو ما قد يجعل من الصعب تلبية متطلبات الحياة المعتادة، كما يثير مشاعر القلق والإحساس بالذنب والإخفاق”.

لماذا نتجمد؟
قد تبدو استجابة التجمد كأنها رد فعل بديهي أو عابر، ولكنها -كالقتال أو الهروب- “تقنية بقاء قديمة على شكل استجابة عصبية تلقائية يُنشّطها الدماغ لتنبيهنا وحمايتنا من الخطر”، كما تقول كارسون؛ وتحدث من أجل:

•التأهيل للتصرف، حيث تشير مراجعة نُشرت عام 2017، إلى أن “التجمد قد يعمل كمكابح مؤقتة للدماغ، لإعطائه الفرصة كي يُقرر كيفية الاستجابة للتهديد، وتحديد ما يجب فعله”.
•زيادة الإدراك البصري، فوفق دراسة أجريت عام 2015، يرتبط التجمد بإفساح مجال رؤية الشخص، من أجل إدراك أفضل لما يحيط به، لمساعدته على معالجة المعلومات ذات الصلة بالتهديدات بشكل أسرع”.
المساعدة على الاختباء، ففي بعض المواقف، قد يكون السكون الشديد هو الملاذ الأخير، لإبقاء الشخص في مأمن من الخطر، عندما تفشل استجابات القتال أو الفرار.
التخفيف من وقع الصدمة، وفقا لما ذكره مقال بحثي صدر في عام 2017، فإن استجابة التجمد “قد تُهوّن الأحداث المؤلمة، حتى تبدو أقل واقعية؛ مما يجعل الشخص يشعر ببعض الخدر أو الانفصال، لبرهة من الزمن”.
كيفية احتواء التجمد
للتأقلم مع تأثيرات الاستجابة للضغط النفسي، ينصح الخبراء “بمحاولة الانتقال إلى مكان هادئ وآمن، أو فعل شيء مختلف في غرفة مختلفة؛ ولو سكب كوب من الماء لنفسك، أو غسل وجهك، أو حتى فتح النافذة”، بالإضافة إلى “طلب المساعدة أو قبولها من الأصدقاء أو العائلة أو زملاء العمل الموثوق بهم والرفق بالنفس، في حالة الشعور بالقلق والتعب في الساعات والأيام التي تلي استجابة التجمد”.

أما كارسون، فترى أن الحل يبدأ من الاعتراف بالتجمد وملاحظة وقت حدوثه، ثم تفادي المحفزات التي قد تسببه؛ وتقول “إن تقليل التعرض للتوتر سيساعد على إعادة توازن الجسم”، وذلك من خلال “الحفاظ على التنفس ببطء وعمق، والتحرك وممارسة نشاط بدني، كالمشي أو الجري أو اليوغا، وغيرها من الممارسات التي تساعد على تهدئة العقل وتسهيل التعافي من التوتر والقلق”.

المصدر : مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock