تحويل المعرفة في التدريب إلى واقع ..بقلم : هنوف محمد اللميع
إذا كان المعتاد في المقالات أن تشرح الفكرة ثم تصل إلى النتيجة؛ فإني سأبدأ مقالتي بالنتيجة ثم أبين طريق الوصول إليها، فخلاصة هذا المقال أن التدريب يحتاج إلى مدرب ذي خبرة، وإلى معرفة متمكنة، وإلى مرونة في التنفيذ، وإلى قدرة على الاختيار.
ولم تكن المهارة يوماً من الأيام نتيجة صناعة مجالس التعلم وقاعات المحاضرات إذ إن المعرفة النظرية مهما كانت درجة إتقانها تبقى حبيسة المعاني الذهنية أو التصورات العقلية ما يحتاج معه إلى الانتقال من السياق التنظيري العلمي إلى مناحي أوسع من مجرد حصر المعرفة في دائرتها المعرفية.
ولما استشعر الدراسات المعاصرة خطورة المعارف النظرية التي تعتمد الكم من جهة، وتعتمد السياق التنظيري المعرفي المجرد من جهة أخرى واجهوا مشكلة تحويل الأفكار إلى واقع، ونقل المعرفة إلى المهارة، فلم يكن هناك سبيل إلا بالتدريب.
والتدريب عملية تحويل المعرفة إلى واقع، وتحويل العلم المعنوي إلى عالم الأشياء المحسوسة ما يواجه المتدرب تحدي مهم يتعلق بأن نجاحه في المعرفة النظرية لا يترتب عليه بالضرورة النجاح في العملية الواقعية ما لم يكن لديه تدريب مسبق بكيفية استثمار تلك المعرفة في الواقع.
والتدريب عملية مركبة معقدة تحتاج إلى ميدان عملي يتدرب فيه المتعلم، وتحتاج إلى خبير بالمجال يوضح للمتدرب الاستراتيجيات التطبيقية نظراً لكون المعرفة المعاصرة لم تعد تعتمد المعيار العلمي بل تعتمد في تقييم المدرب على مدى قدرته على منح المتدربين استراتيجيات محددة يكتشفون من خلالها الواقع، وهذا ما يحتاج إليه المتدرب، فهو بحاجة إلى خبير ذي مهارة، وإلى إتقان للمادة العلمية، ثم يأتي معيار في التدريب وهي المرونة في التطبيق والتنفيذ مع قدرة عالية على إيجاد البدائل، والاختيار بين الأمور المختلفة، وليس يوجد سبيل لتعلم ذلك إلا من خلال التدريب.
هنوف محمد اللميع