جلسة «المخدرات هلاكك»: تكاتف الجهود للتصدي للآفة والحد منها
المشاركون فيها أكدوا ضرورة نشر ثقافة مجتمعية للوقاية من خطر الإدمان بكل أنواعه والترويج له
- أحمد الشطي: الأسرة حجر الزاوية في علاج الإدمان وعلينا أن نكون «سنداً لهم وليس العقاب»
- يعقوب الشطي: ليس لمراكز علاج الإدمان إجبار المريض على العلاج ولا أحد يملك هذا الحق
- أمثال الحويلة: لابد من توحيد الجهود الحكومية والأهلية لوضع سياسات عامة للوقاية من الإدمان
- محمد العارضي: تكثيف العمليات الميدانية لضبط تجار ومروجي المخدرات والمهربين
أكد المشاركون في الجلسة الحوارية التي نظمتها «كونا» بعنوان «المخدرات هلاكك» ان أهم عوامل التصدي للمخدرات والحد منها هو نشر ثقافة مجتمعية للوقاية من خطر الإدمان بكل أنواعه والترويج له من خلال تكاتف جهود الجهات المختصة في البلاد.
وأضاف المتحدثون في الجلسة الحوارية التي أدارتها مدير عام (كونا) د.فاطمة السالم، ان للإعلام دورا مهما في تسليط الضوء على مخاطر إدمان المخدرات وتأثيرها على السلوك النفسي والصحي والأسري.
وقال الرئيس التنفيذي للمشروع الوطني للوقاية من المخدرات (غراس) د.أحمد الشطي في مداخلته بالجلسة، ان هناك علامات تدل على الإدمان منها الهمس خلال الاتصالات والاتصالات التي تتبعها صحبة غير معروفة وفقدان بعض الحاجيات من المنزل وتدني المستوى الدراسي وعدم العناية بالنظافة الشخصية وغيرها من الأمور التي تلاحظها الأسرة.
وأكد الشطي ان الأسرة تعد حجر الزاوية في موضوع العلاج من الإدمان، وعلينا ان نكون «سندا لهم وليس العقاب»، حيث انه لا يوجد شخص بذاته قادر على حل المشكلة كلها.
وكشف انه خلال وقت الحظر الكلي أثناء جائحة كوفيد- 19 اكتشفت العديد من الأسر إدمان أولادها وتمت ملاحظة حالاتهم عن كثب، مضيفا انه تمت مساعدة بعض هذه الأسر للتصدي إلى الحالات.
وأشار الشطي إلى ان هناك مظاهر جسدية تتمثل في علامات واضحة على جسد المتعاطي منها وجود علامات تعاطي الحقن على الذراعين وتغيير الشهية ونقصان الوزن إلى جانب الإجهاد والأرق بصورة مستمرة.
وأضاف ان هناك مظاهر سلوكية تتمثل في أنماط تعامل الشخص بعد التعاطي وهي العزلة والانطواء، حيث تكون العزلة على مرحلتين في بداية رحلة التعاطي وسببها الخوف من الأهل، والثانية متأخرة ويكون سببها ان بيئة الأسرة لم تعد هي البيئة المناسبة لهذا الشخص.
وذكر الشطي أن العزلة في المرحلة الثانية هي بسبب انتمائه إلى شلة التعاطي، حيث ينفتح على من يؤيده بسلوك التعاطي من المتعاطين والمروجين ما يترتب عليه الإهمال في المظهر الخارجي والتقاعس عن أداء الواجبات واختلاق الأعذار.
وقال انه علينا مسؤولية التفهم وكيفية فهم المشكلة ونوع المخدر المستخدم والاستعانة بالدعم الصحي وأيضا الاجتماعي، مشيرا إلى ان جمعيات النفع العام لا تترد في مد يد العون للأسر وعلينا ألا نتردد بالتواصل مع الجهات المعنية لدعم الأسرة وإنقاذ أبنائنا.
وأوضح الشطي أن هناك جوانب تشريعية تتعامل مع المدمن على أنه مريض وعلينا علاجه وليس عقابه وهذا بدوره يرفع مستوى الوعي وكيفية التعامل مع العلاج من الإدمان.
مسؤولية مشتركة
ومن جهته، قال رئيس وحدة الخدمة النفسية في مركز علاج الإدمان التابع لوزارة الصحة يعقوب الشطي إن هناك إشارات تسبق الإدمان وعلامات واضحة وتدهور عام في جميع نواحي حياة المدمن سواء كان على المستوى الدراسي أو العملي أو الفكري أو السلوكي، مؤكدا انها إنذارات تسبق الوقوع في براثن المخدرات.
وذكر ان مسألة الإدمان ليست على مستوى فرد فقط بل هي مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع، مشيرا إلى ان الدولة تقدم خدماتها من خلال مراكز علاج الإدمان والتوعية من خلال المساجد والمحاضرات وغيره ومن ثم يأتي بعدها دور مراكز الإدمان في العلاج الحقيقي للحالة.
وبين ان هناك عملية تقييم للحالة المرضية والتفريق بين تعاطي المريض ومرحلة إدمان المريض وأن أغلب الأحيان لا يأتي المتعاطي منذ المراحل الأولى للأسف وهذا خطأ كبير ويأتي بعد تدهور الحالة الصحية له.
وأوضح انه يتم البدء بالمراحل العلاجية التقليدية بإزالة التأثير الكيميائي من الجسم وهي تشبه الإنفلونزا الحادة جدا ويتم التعامل مع هذه الأعراض بشكل طبي وبعدها تتم مرحلة بناء الدافع وان يعترف المريض في قرارة نفسه انه مريض فعلا كي يتم الانسجام وتفهم الحالة الصحية في داخله.
وأفاد بأنه تبدأ مرحلة التأهيل المتقدم وهي ان يأتي بفترات صباحية بدل الإقامة وحضور المحاضرات والفحص بشكل دوري وعشوائي بعض الأحيان.
وأشار إلى ان المسار الثاني هو مسار منتصف الطريق يحققها المريض خلال 6 شهور يرمم بها كل ما تم خسارته من وضع وظيفي واجتماعي ونمط الحياة الصحي المريض.
وأضاف انه ليس هناك فرق بين مريض أتى للعلاج من تلقاء نفسه أو أتى مجبرا للعلاج لأن المريض عندما يكون تحت تأثير المخدرات لا يعي ولا يدرك ما يحدث له إلا بعد ان يفيق من محنته التي يمر بها «لأننا نتكلم هنا عن تشويش وليس إرادة».
ولفت إلى أن الأعراض الانسحابية تؤثر بالعلاج بعد الانتهاء ويبدأ المريض يعي ما يحدث ويدرك ان العزيمة تكون خلو يومه دون تعاط وهذا دليل كاف على أن المريض يستطيع ان يتجاوز باقي الأيام مثلما تم تجاوز اليوم بأكمله.
وأكد أن مراكز علاج الإدمان في وزارة الصحة لا تستطيع إجبار المريض على الخضوع الإجباري للعلاج ولا أحد يملك هذا الحق.
من جهتها، قالت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د.أمثال الحويلة ان الإدمان يعد من الموضوعات الشائكة وهي من الموضوعات القديمة والمتجددة باستمرار مشددة على أهمية الاعتراف بوجود مشكلة الإدمان ومعرفة حدودها وإحصائياتها الحقيقية.
وأضافت الحويلة أنه لابد من توحيد الجهود الرسمية من المؤسسات الحكومية والأهلية من خلال وضع سياسات واستراتيجيات عامة و«مبتكرة» لطرق الوقاية من الإدمان.
وأشارت إلى خطر وسائل التواصل الاجتماعي ودورها «ذو الحدين» في قضية الإدمان والترويج لها وقدرتها على الوصول الى فئات عمرية مختلفة بسرعة أكبر من وسائل الإعلام التقليدي.
وأشارت الى قدرت وسائل التواصل الاجتماعي على تغيير سلوك وفكر الأفراد بطريقة كبيرة مع كثرة التعرض لها من قبل المتلقين، مؤكدة أهميتها إذا ما استخدمت بطريقة وقائية صحيحة.
وأوضحت د.الحويلة ان الحملات الوقائية تحتاج الى ثقافة مجتمعية لدى الأفراد من اجل الانتباه وكشف أعراض الإدمان لدى أحد أفراد الأسرة في وقت مبكر إضافة إلى أهمية ملائمة أسلوب الحملة ومعلوماتها للفئات العمرية المستهدفة.
وأكدت أن المدمن لا يقع ضرره على شخصه وأسرته فحسب بل يمتد لشمل جميع المجتمع والدولة وأمنها الاجتماعي، مشيرة إلى ضرورة مشاركة الدولة الأسرة في بناء نشئها خاصة في زمن العولمة والعالم الافتراضي.
وبينت د.الحويلة أهمية دعم دور الأسرة وبنائها لمواجهة المؤثرات الخارجية التي تستهدف النشء في كل مكان الى جانب مساندة جهات الدولة ومؤسساتها في القيام بدورها المناط بها في هذا الشأن.
وذكرت أن الإدمان في السنوات الأخيرة أخذ منحى وأشكالا كثيرة ومبتكرة في طرق الترويج والإيصال لها، مشيرة إلى قدرة العديد من أنواع المخدرات الحديثة على إتلاف خلايا الدماغ.
حرب عابرة للقارات
وبدوره، قال المقدم محمد العارضي من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في وزارة الداخلية ان آفة المخدرات تعد حربا عابرة للقارات وتعمل الإدارة على التصدي لها من خلال استراتيجية عملت عليها لتجفيف منابعها والحد من انتشارها في البلاد.
وأوضح العارضي ان الإدارة قامت في السنوات الأخيرة على تكثيف العمليات الميدانية لضبط تجار ومروجي المخدرات فضلا عن التوسع بالتنسيق الدولي بالتعاون مع الدول وإنشاء مكاتب في الحدود البرية والبحرية والجوية لضبط المهربين بالتعاون مع الإدارة العامة للجمارك.
وعلى الصعيد الوقائي، أضاف العارضي ان الإدارة أطلقت عددا من البرامج استهدفت طلبة المدارس والمعاهد والجامعات وأفراد المجتمع للتوعية من أضرار المخدرات من خلال مراكز تنمية المجتمع المنتشرة في البلاد.
وأفاد بأن الإدارة استحدث مؤخرا برنامجا يلامس الشريحة الموقوفة لدى الإدارة بتهمة التعاطي مستفيدة من تواجدهم لفهم الأسباب والعوامل التي أدت إلى توجهم للتعاطي ومساعدتهم على العلاج والوقائية من تكرارها أو التوجه لها من الآخرين.
وبين ان المواد التي تستخدم متنوعة ومختلفة وبعضها مواد طبيعية وأخرى كيميائية فضلا عن العقاقير الطبية التي تستخدم من غير وصفة طبية، لافتا إلى أن مادتي «الشبو» و«اللاريكا» تعد أكثر المواد التي يتم ضبطها مع المتعاطين.
وعلى هامش الجلسة أقيم معرض مصغر عن الآلات التي تستخدم في تعاطي المخدرات بالإضافة إلى المواد الكيميائية المخدرة.