أين الخصخصة ؟!
في بداية القرن العشرين كانت أغلب الدول العربية تنظر لسياسة التأميم وهي تحويل ملكية الشركات الكبرى التي يملكها القطاع الخاص لملكية وسيطرة للدولة نصرا وانجازا وطنيا ، والشواهد على ذلك كثيرة مثل تـأميم قناة السويس واغلب الشركات العالمية الكبرى التي كانت تعمل في العديد من المجالات وخاصة النفط والصناعات الثقيلة والمملوكة لبعض الدول أو لبعض الاقطاعيين.
ونجد أن عودة ملكية هذه الشركات للدولة لم ينتج عنه تقدم وتميز في العمل والإنتاجية لهذه الشركات التي تملكها الدولة بسببطول و تعقد الاجراءات الحكومية وسوء ادارة الدولة لهذه ألشركاتمما دعى العديد من الاقتصاديين ورجال الاعمال والسياسيين إلىالدعوة لخصخصة هذه الشركات الحكومية الكبرى بل الدعوة لخصخصة العديد من القطاعات الصناعية وغير الصناعية رغبة في ايجاد مؤسسات وطنية ذات إنتاجية عالية وخدمات متميزة.
وقد شهد أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين نشاطا ملحوظا و فاعلا في اعطاء دور أكبر للقطاع الخاص حيث تم بيع العديد من الشركات المملوكة للدولة للقطاع الخاص بهدف اعادة هيكلة الاقتصاد وتحرير التجارة رغبة فيإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص و ايجاد شركات وطنية أكثر انتاجية وكفاءة من تلك التي تملكها الدولة.
وقد أعطت دولة الكويت أهمية خاصة للخصخصة وللقطاع الخاص في خطتها الاستراتيجية 2014/2013-2011/2010 حيث نصت في الهدف الثاني من أهدافها الاستراتيجية أن «القطاع الخاص يقود التنمية وفق آليات محفزة»، كما ركزت السياسات الاقتصادية في الخطة على سياسات دعم وتوسيع دور القطاع الخاص بحيث يفسح المجال بشكل اكبر للقطاع الخاص ليقوم بالدور الأساسي في عمليات الإنتاج والتوظيف والإدارة وتوليد الدخل.
وتهدف هذه السياسة إلى نمو استثمارات القطاع الخاص بمعدلات تفوق نظيرتها في القطاع العام، وأهمية مبدأ الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام ومبدأ تخصيص العديد من الأجهزة والمؤسسات الحكومية والعامة وتحفيز وتشجيع نمو القطاع الخاص ليمارس دورا أكبر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على أن يقتصر دور الدولة للقيام بمهام التنظيم والرقابة والمتابعة والحفاظ على سيادة القانون والنظام «From government to governance» ولذلك تبرز أهمية إصدار التشريعات اللازمة لخلق بيئة أعمال أفضل لقطاع الأعمال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر وبصفة خاصة يتطلب الامر ضرورة اصدار وتفعيل بعض التشريعات والقوانين مثل قانون حماية المستهلك وحماية المنافسة وقانون الخصخصة وإدخال التعديلات اللازمة على بعض القوانين مثلقانون نظام البناء والتشغيل والتحويل«B.O.T» وقانون الوكالات التجارية ليصبح أكثر تشجيعا للمواطنين وضمان عدم تأثر العمالة الوطنية سلبا في المشروعات التي سيتم تحويلها إلى القطاع الخاص بهدف تخفيف الأعباء غير الضرورية التي تتحملها الدولة ولتحسين الأداء الجهاز الحكومي وبما يحقق الرؤية والأهداف الإستراتيجية.
وإذا كانت السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة والسلطة التشريعية ممثلة بمجلس الأمة مؤمنتان بأهمية ودور الخصخصة برفع كفاءة وإنتاجية مؤسساتنا الوطنية وتحقيق رؤية الدولة وتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية، وبعد بذل هذه الجهود في مجال الخصخصة وعقد العديد من الاجتماعات وإجراء العديد من البحوث والدراسات العلمية المتخصصة في مجال الخصخصة ودعم وتوسيع دور القطاع الخاص، فالسؤال الذي يطرح نفسه: أين قانون الخصخصة؟ وما هو دور القطاع الخاص ؟ وأين ذهب الاقتصاديون ورجال الأعمال والسياسيون الداعيين للخصخصة والداعمين لها؟ وأين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من قانون الخصخصة؟! هل قانون الخصخصة «بيض صعو» ؟ نسمع عنه ولا نراه؟! أو «فص ملح وذاب»؟أم أن الاسلوب والمنهج الذي تم اتخاذه للخصخصة لم يكن مناسبا؟!أم أن اسلوب الخصخصة قد تم إعاقته من المتنفذين وغرق في بحر تعارض المصالح؟..أسئلة وغيرها الكثير تنتظر الرد من المتخصصين ومن يهمه الأمر.
ودمتم سالمين
د.محمد الدويهيس