أ. انوار العازمي تكتب: تحديات التدريب الالكتروني في ظل جائحة كورونا
لقت جائحة كورونا بظلالها الثقيلة على شتى مناحي الحياة في شتى بقاع العالم لا سيما الناحية التعليمية والتدريبيبة منها، إذ عانت المدارس والجامعات والكليات والمعاهد التدريبية من الإغلاق التام لمدة تزيد عن ستة أشهر، مما أثر على مدخلات العملية التعليمية والتدريبية والذي بدوره انعكس سلباً على جودة مخرجاتها، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى اتباع منحى جديد وإيجاد البدائل والسبل التي من شأنها المحافظة على استمرار العملية التعليمية والتدريبية ، فلجأت الحكومات إلى التعليم والتدريب الإلكتروني كحل مؤقت عن التعليم الوجاهي، ومن هنا برزت الحاجة إلى أهمية تدريب وتنمية قدرات المعلمين والمدربين والطلاب وطلاب الجامعات والمعاهد لتلبية متطلبات التدريب الإلكتروني؛ من أجل صقل خبراتهم في التعامل مع التطبيقات والبرامج الحاسوبية، إذ تلعب برامج تدريب وتنمية المدربين مهنياً دوراً كبيراً في سد الفجوات المعرفية لديهم. وفي ظل استحالة الاعتماد على التدريب التقليدي، وتداعيات الحجر الصحي الالزامي الذي فرضته علينا جائحة كورونا، كان لزاماً على القائمين على استمرار المسيرة التعليمية أن يتوجهوا إلى إيجاد وسائل بديلة وفعالة في الوقت ذاته، فظهر التدريب الإلكتروني كحل بديل لهذه المعضلة.
تتجه العديد من الدول في الآونة الأخيرة إلى التدريب الإلكتروني لتطوير كوادرها التربوية، حيث بإمكان المعلم أن ينخرط في دورة تدريبية كاملة مطعمة بالفيديو وبالصور والوسائل الإيضاحية، يتلوها اختبار في نهاية الدورة لمعرفة مدى تمكنه من المحتوى التدريبي الذي حصل عليه، وبالتالي يستطيع أن يحصل على شهادة باجتياز تلك الدورة التدريبية.
إن للتدريب أهمية كبيرة في هذا العصر المتطور الذي نعيش فيه، إذ إن التطور التكنولوجي والعلمي بات سريعاً بحيث أننا باستمرار بحاجة لتعلم مهارات وعلوم جديدة، فليس هناك مثال أشهر أو أوضح من الحاسوب وتطوراته السريعة بحيث أننا نحتاج لتعلم الجديد في هذا المجال وربما كل أسبوع، لذلك فلننظر إلى التطور السريع في مجال العلوم الإدارية وتأثير العولمة على مفاهيم الإدارة، إلى جانب المجال الصناعي حيث نجد أن التطور التكنولوجي يجعلنا مضطرين لاستخدام معدات متطورة وبالتالي نحتاج إلى التدريب المهني المستمر الذي يعزز المهارات ويصقلها بإتقان.
ويمكن القول بأن مفهوم التدريب الإلكتروني يعد الرديف لعدة مفاهيم منها التدريب عن بعد، التدريب الرقمي، التدريب عبر الشبكات، جميعها تعد مترادفات متشابهة لنفس المصطلح الذي أصبح يمثل ضرورة من الضروريات التي فرضتها علينا كوفيد19، وقد كان من النواتج التي تمخضت عن التدريب الإلكتروني وارتبطت به ارتباطاً وثيقاً لا سيما في ظل هذه الأزمة الراهنة التي يعيشها العالم ظهور مصطلح المعلم الرقمي، إذ كشفت جائحة كورونا وما نتج عنها من ظروف الحجر المنزلي الاجباري عن شغف كبير لدى المعلمين والمدربين ورغبة شديدة في التعلم والتدريب عن بعد لتلبية متطلباته.
وكما ونجد أن منصات التدريب الإلكتروني المختلفة تسعى إلى توظيف تقنيات وتطبيقات الحوسبة والشبكة المعلوماتية وغيرها في دعم العملية التدريبية التي تتم في بيئات التدريب التقليدي التي تستند إلى وجود المتدربين في نفس المكان والزمان وبأقل التكاليف وتحقيق أفضل النتائج المرجوة.
وفي هذا السياق، أصبح مصطلح التدريب الإلكتروني متداولاً في الآونة الأخيرة خصوصاً في مجتمعات الطلاب والمؤسسات التعليمية، فصار شائعاً في أوساط الشركات والأعمال لتعدد استخدامه في تلك المجالات، حيث يُعرف التدريب الإلكتروني أيضاً بالتدريب على الحاسوب ( CBT ) Computer Based Training ، وهو شكل من أشكال التعليم الذي يحدث على شبكة الانترنت بشكل كلي، ينطوي على مجموعة متنوعة من عناصر الوسائط المتعددة، بما في ذلك الرسومات والصوت والفيديو وروابط الويب Links، والتي يمكن الوصول إليها جميعها من متصفح الإنترنت، وتستخدم هذه العناصر بدلاً من مكونات الفصول الدراسية التقليدية.
ولكن التدريب أصبح ليس مرتبطا فقط بالعلوم والمعارف والتقنيات الحديثة ولكن التدريب له أسباب أخرى، فمن أهم هذه الأسباب تقوية نقاط الضعف لدينا أو لدى العاملين في المؤسسة والتي تقل من كفاءتهم لأداء أعمالهم، لذلك قد يكون مَنشأ نقاط الضعف هذه ضعف التعليم أو الاختلاف بين التعليم وبين متطلبات العمل أو تغيير المسار الوظيفي. فالكثير منا عندما يبدأ حياته العملية يكتشف أنه لا علم له بكتابة تقارير العمل ولا بتنظيم الاجتماعات ولا بقوانين العمل ولا بأساليب تحليل المشاكل. لذلك فإن هناك الكثير من نقاط الضعف التي نحتاج لتقويتها بالتدريب، فكثيرا ما ترى المديرين يستهزؤون بمهارات الخريجين الجدد ويكتفون بالتحدث عن ضعف مستواهم وهذا أسلوب غير بناء وغير محترم.
ومن هذ المنطلق، فلو حاولنا تدريب هؤلاء فإننا قد نكتشف أن لديهم قدرات عظيمة وسيفيدون العمل كثيرا وسيكون لديهم قدر من الولاء للمؤسسة التي منحتهم فرص التدريب وكذلك يكون لديهم قدر من التقدير لمدراءهم الذين اهتموا بتنمية وصقل مهاراتهم التدريبية.
يعطي التدريب الإلكتروني المتدربين فرصة التفاعل الحي وتقديم الآراء والمشاركة عن طريق الأسئلة والاختبارات القصيرة والمسابقات. ويجرى التفاعل بين المدرب والمتدربين أيضاً من خلال وسائل أخرى؛ مثل: النقاشات، والمدونات، والبريد الإلكتروني، وغيرها من أشكال التواصل على شبكة الإنترنت.
إن التدريب لإلكتروني بشكل عام هو تعلم ذاتي ومخصص لملاءمة حاجات الأفراد المختلفة، لذلك فمن الممكن إجراؤه في أي زمان أو مكان بتوفر الأجهزة الذكية أو الحاسوب وسرعة إنترنت جيدة، وهو بالتالي يساعد المستخدمين على الاستفادة من التدريبات بما يتناسب مع جدول أعمالهم اليومي، ويسمى هذا الشكل من التدريب الإلكتروني ” تدريباً غير متزامن “، أي يتم دون التقيد بوقت نشر المواد التدريبية، في حين يسمى التدريب من خلال البث الحي المباشر على الإنترنت ” تدريباً متزامناً”.
وفي الواقع، إن أهمية التدريب الالكتروني ترجع إلى أن جميع الدلائل تشير الى ضرورة الاهتمام بنشاط تكنولوجيا التدريب خاصة بعد كبر حجم المشروعات وتعدد أنشطتها وزيادة سرعة تطورها وتغيرها. يضاف إلى ذلك، أن تقدم أي فرد في أي مشروع يعتبر بحد ذاته مرهون بكفاءته الانتاجية وكفاءته الانتاجية مرهونة بدرجة خبرته ومهاراته في التدريب وإلمامه بالتكنولوجيا وتطبيقات التدريب الحديثة، وأخيرا خبرته ومهاراته مرهونة بمقدار التدريب الذي حصل عليه.
أ / أنوار راشد علي العازمي مدرب لغة إنجليزية
المعهد العالي للخدمات الإدارية