الحمود: السحب من احتياطي الأجيال هو الأكل من اللحم الحي
السحب من احتياطي الأجيال القادمة يترتب عليه نتائج سيئة تمتد لسنوات وتلزم بسداد أصل الدين وفوائده
آن الأوان لتنظيم ضرائبي تكون الضريبة التصاعدية على الدخل جوهرة وتتحقق فيها العدالة والمرونة
إيجاد مصادر للإيرادات العامة يمكن الاعتماد عليها مسألة ليست بالصعبة
أكاديميا| الجامعة – احتياطي الأجيال
أكد رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس الدكتور ابراهيم الحمود أنَّ السحب من احتياطي الأجيال القادمة هو الأكل من اللحم الحيّ فاحتياطي الأجيال هو المخزون المتراكم لمالية الدولة عبر الزمن وتحديداً عبر خمس وأربعون سنة، ذلك إنّ فكرة احتياطي الأجيال كانت من إبداعات المرحوم سمو الأمير الأسبق الشيخ جابر الأحمد في عام 1976 بتطبيقه نظرية الميزانية الدورية أي تجميع الفوائض المالية لسنوات الرخاء الاقتصادي لتمويل العجوزات في سنوات الكساد الاقتصادي . وهذه النظرية ترجع في جذورها الأولى لسيدنا يوسف عليه السلام عندما فسر حلم عزيز مصر الذي مفاده ؛حلمه بسبع بقرات عجاف يبتعلن سبع بقرات سمان ، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات فطلب إفتاءه في رؤياه أن كان القوم للرؤيا يعبرون ، فقال سيدنا يوسف للملك بأنه تزرعون سبع سنين دأباً فما حصتم فذروه في سنبلة إلا قليلاً مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم إلا قليلاً مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون .
وقال الحمود في تصريح صحافي إنَّ أهمية هذه النظرية تكمن في الموافقة على تنظيم الدورة الاقتصادية على نحو يمكن من السيطرة على العجز المالي في سنوات الركود الاقتصادي ، وذلك عن طريق ضخ المصروفات الاضافية التي تم ادخارها لإنعاش الاقتصاد ، وفي المقابل زيادة الإيرادات في سنوات الرخاء لمحاربة التضخم المالي .
وتابع: ولا شك في أنَّ السحب من احتياطي الأجيال القادمة هو البديل عن اللجوء للقرض العام وما يرتبه من نتائج سيئة تمتد لسنوات لاحقة توجب الالتزام بسداد أصل الدين وفوائده .
إنّ السحب من احتياطي الأجيال هو رهان محفوف بالمخاطر بحسبانه تآكل للاحتياطي بذاته وبأصوله المدرة لدخل لذلك يجب أن يكون الخيار الأخير عندما تنتهي كل الخيارات وتقف جميع الحلول الممكنة أي يجب أن يكون الحل الذي لا حل غيره .
وأكد أنّ الموازنة والتفاضل بين اللجوء للقرض العام أو السحب من احتياطي الأجيال يرجح الحل الأول على الثاني لاسيما وأن احتياطي الأجيال القادمة تم وقف تمويله من الإيرادات العامة العادية السنوية بنسبة 10% منها قبل عمل الميزانية العامة بمقتضى القانون رقم 18 لسنة 2020 المعدل للمرسوم بالقانون رقم 106 لسنة 1976 ما دام لا يوجد فائض في الميزانية العامة .
وأضاف إنَّ إيجاد مصادر للإيرادات العامة يمكن الاعتماد عليها لتمويل النفقات العامة مسألة ليست بالصعبة ولا هي من المستحيلات فالإيرادات الدائمة هي الايرادات الضريبية وهي محور جميع الميزانيات في دول العالم ، فالضرائب على الدخل تمثل شريان الضرائب بحسبان تجدد الدخل ودوريته ومن ثمّ صلاحيته كمصدر ثابت وعادل للإيرادات العامة لاسيما إن قيام الضريبة على مفهوم التصاعدية والمقدرة التكليفية إذ كلما زادت قدرة الشخص في تحمل الأعباء العامة يجب أن يزداد معدل الضريبة المفروضة عليه وهذه هي العدالة الضريبية.
ولفت إلى أنَّ الضرائب حقيقة واقعية وأداة أساسية لتمويل الانفاق العام ، فالدستور جعل الضرائب حق للدولة وواجب على الجميع وأن تقوم على العدالة والمساواة في تحمل الاعباء العامة وفي الكويت وحتى عام 1975 كانت الايرادات العامة ضريبية بنسبة 100% وقبل تملك الدولة للثروة النفطية لم يكن هناك ايراد آخر غير الضرائب وتاريخ الكويت هو تاريخ ضريبي بامتياز .
وأكد بأنّه قد آن الأوان لتنظيم ضرائبي تكون الضريبة التصاعدية على الدخل جوهرة وتتحقق فيها العدالة والمرونة والثبات وأن تكون فلسفتها تحقيق البرامج الاقتصادية والاجتماعية وهدفها الرخاء للمجتمع .
واختتم الحمود بأنَّ السحب من احتياطي الأجيال هو الأكل من اللحم الحيّ فمصدر ضمان الموقف المالي ومصدر الايرادات المتجددة هي الصناديق السيادية ومن ثم فإن الانتقاص منها رهان خطير ومجازفة جريئة بمقدرات الدولة فهل هناك دراسة لهذا الموضوع قد تمت وهل هناك خطة اقتصادية قد وضعت لتمويل آثار السحب وتداعياته ، ويلاحظ – بحق – إن مشروع قانون السحب من احتياطي الأجيال القادمة قد وضع ليكون السحب مستمراً وبشكل سنوي وكأنه يحل محل الاحتياطي العام ولعل المفهوم من ذلك أنه لم يعد هناك احتياطي عام يمكن التحدث عنه ، أو التفكير بعودته وإرجاعه .