قسم السلايدشو

التسوّق في الكويت… «زوارة» تنتهي بشجار!

411180_1413
أكاديميا | الرأي
تتزاحم الأجساد، وتتضايق، حتى تكاد الأنفاس أن تختنق. تلتقط عدسات الهواتف صوراً للجموع، وتنشرها عبر الوسيط الإكتروني… تزداد الجموع، وتتساير، وتتخالف أحياناً، وأحياناً أخرى تشتبك في شجار.

هذا هو المشهد في «المول»، في مجمعات التسوق المنتشرة بالبلاد. ففي فرصة الأعياد خاصة يصل التزاحم إلى حد التراص.. يراقب الجالسون السائرين.. وآخرون ينتظرون الدور للدوران في مربعات المكان.

مراقبة الآخرين، وحتى الابتسام أو النظرات قد تنهي الزيارة بشجار. وحديث كثير يثيره المتتبع لأخبار المجمعات عن حركة المرتادين التي جعلتها بيئةً تثير الجدل. فعلى خلاف مواقع التسوق عادة يمثل المجمع التجاري الكبير الذي يقع في اطلالات متفرقة على مناطق البلاد ومحافظاتها كافة حالةً اجتماعية منفردة.

تحركنا مع الزائرين في أيام العيد الفائتة، استطلاعاً لأحوال المراكز التجارية والترفيهية التي شهد بعضها سابقاً جرائم قتل وحالات اعتداء، ولا تزال موضوعاً للحديث بتصرفات روادها «غير الاعتيادية» كما يثار.

والحديث العام عن المولات وتجمعاتها ارتفعت وتيرته باضطراد عبر مساحات التواصل الإلكترونية والاجتماعية عامة، بعدما صار ملتقى لأحداث وتصرفات جديدة في المجتمع.

مرتادو المجمعات لا يتسوقون غالباً، وبعضهم لا يتناول وجبات في المطاعم أو المقاهي المنتشرة في الأنحاء. وتلك ملاحظة اختصت بها مجمعات أكثر من غيرها، منها كبيرة المساحة، ومتفرعة العلامات التجارية، والتي تشغل أخبارها خاصة في نهايات الأسبوع والعطلات خطوط الحديث العامة في الإنترنت وغيره من حوارات. وفي المقابل فإن الاحتشاد والدوران والمراقبة، خاصيات بدت الأكثر أهمية لمرتادي تلك الأماكن.

«زوارة» مول

يبدو الزائرون في مجموعات، يراقب الجائلون الجائلين الآخرين مستطلعين هيئاتهم وتحركاتهم. وليست التجمعات في المول حكراً على المراهقين كما في المجمعات التجارية بكل مكان. بل تتحضر الطاولات في المقاهي لجلوس افراد الاسر الكبار في تجمعات أخرى تذكر بيوم الزيارات العائلية المعروف كويتياً بالـ«الزوارة». ويتحرك عموم من لا يرهقهم السير أو الوقوف مستثمرين أجواء ومشاهدات تجمع أطراف البلاد بوسطها كما في موقع المول!

تقول روان النصر الله « بيئة المول في بالبلاد مثيرة للعجب»! ثم تستطرد شارحةً السبب «علمت أن بعض الأسر نقلت يوم زوارة الجمعة إلى بعض المولات، هل يعقل أن ينقل أفراد أسرة يوم اجتماعهم العائلي بكل ما فيه من خصوصية ومرح وتواصل اسري خاص إلي مكان يعج بالغرباء؟! ثم تختتم بالقول «لذلك أرى الذهاب إلى المجمع في الكويت اليوم صار سلوكاً مرتبطاً بعجز الناس عن التواصل مع بعضها البعض ومعايشة اللحظات الحميمية على مستوى الاقرباء والاسرة، والاستماع والإنصات كل إلى الآخر. نحن مجتمع يعاني بعد المسافات بين أقرب أفراده، ولذلك نختار أحياناً ارتياد مكان يعج بالزحام هرباً من التواصل غير الناجح مع بعضنا». هذا ما رأته روان.

عالية من باب خلفي دخلت مسرعة إلى المجمع، ببنطلون جينز وتي شيرت لشراء قطعة ضرورية من أحد المحال، وبهيئتها وانعزالها عن الجموع بدت هي الأخرى بعيدة عن «مجتمع المول» كما تقول. أشارت إلى تصرفات المرتادين وقالت ان لها خصوصية. فما يحدث في المول لا يحدث خارجه في محلات تسوق أخرى وما يجري في بعض المولات لا يجري في غيرها فلبعض المولات أيضاً خصوصية، بحسب عالية. وتضرب مثلاً بمجمعات تجارية موجودة في قلب العاصمة أو على شارع الخليج العربي ويقصدها الناس غالباً للتسوق أو تناول الوجبات «دون أن تبدو فيها ظواهر لافتة على عكس مجمعات أخرى تبدو أكثر قدرة على «صنع الإثارة».

مظاهر صارخة

خصوصية أخرى لاحظها عمر بدت في الأناقة اللافتة لكثير من الزوار إلى المول، وسواء كان اللباس تقليدياً أم حديثاً يبدو أن كثيراً ممن يرتادون المجمع مهتمون بالظهور في مظهر لافت، وتساعد ممرات المكان ومساحاته المترابطة عند مربعات ونقاط مركزية على الاستعراض و»القز» وإظهار الذوق والجمال وحتى التجميل، من وجهة نظر عمر.! ويرى أن هذا هو أكثر ما يثير الاستغراب. فالمكان «سوق يا ناس سوق» كما يقول، ولا داعي لهذا المظهر المبالغ به.

وفي اللباس، تتميز المجمعات الواقعة في منطقة وسط بين العاصمة ومشارف المناطق الخارجية بتناقضات صارخة أحياناً في المظهر! فالأزياء الحديثة التي يرتديها سكان المناطق الداخلية تصطدم بتقليدية شديدة يبديها أبناء المحافظات الواقعة على الاطراف من محافظات الفروانية والجهراء والأحمدي الذين يتجمعون باستمرار بالمركز التجاري مجاراة لنمط حياة يرونه ضرورة عصرية في موقع ليس ببعيد عن سكن كثير منهم. ورغم أن للمحافظات الخارجية مولاتها ومراكز للتسوق تتميز بالمنتج الاستهلاكي والترفيهي ذاته كما في المولات التي تتوسط المناطق، إلا أن رواد تلك الواقعة على الأطراف يقصدونها للشراء وترفيه الأطفال أو تناول وجبة في أحد المطاعم، دون أن تثار حولهم إشكالات الصدام والمزاحمة كتفاً بكتف للدوران في مربعات وجدت أصلاً للتسوق.

«في أيام العطل تحديداً تصدر الغرائب من زوار المكان» ملاحظة أطلقها مبارك، مجاوباً على سؤال حول خاصية المول وسبب تصدره الـ«هاشتاقات» في (تويتر) وكل الشبكة العنكبوتية، ارتباطاً بحدث أو موقف لافت أو غريب في المجتمع.

ويضيف مبارك «تصرفات الناس في المجمعات مختلفة، وما يفعلونه داخل المجمع لا يفعلونه خارجه، فهناك جرأة كبيرة في المعاكسات، كما أن السير في قروبات، وملاحقة الآخرين بنظرات الإزعاج، والتطفل بل والتجرؤ عليهم أحياناً بالاستفزاز والتحرش ضرباً، سلوك ارتبط ببيئة هذا المجمع وربما يرجع السبب فيه إلى تعدد الشرائح الاجتماعية التي تقصد المولات وكل شريحة اجتماعية تحاول إظهار قوتها ومميزاتها على الأخرى لفرض وجودها وفي النهاية يتورط الجميع في مشادات أو مواقف مزعجة ونتورط نحن كبلد بمسرح أحداث مستغربة وتصرفات حادة وصادمة أحياناً.

ظواهر لافتة

ظواهر لافتة بشدة ومظاهر صاعقة للبعض ومناسبة للبعض الآخر، التقطتها عدسات الهواتف لأصحابها الجائلين، يوثقون مشاهدات المول و«هوشات» المول، لمدوناتهم وصفحاتهم على الإنترنت،منهم مريم المدونة في مجال «الحديث والرائج» محلياً على مستوى الشباب. وتقول مريم عن المول «ألاحق أخباراً تهم الشباب باستمرار لنشرها عبر مدونتي وفي متابعتي لاحظت أن للمكان الذي يقصده جيل الشباب اثرا في سلوكه.!. بمعنى أن الشباب من الجنسين يميلون للتصرف بدرجة أعلى من الاندفاع في المجمع التجاري»، وتضيف «الغريب أن البيئة الكويتية عموماً تثير تصرفات أكثر اندفاعية وأحياناً عدائية من الشباب مقارنةً بنفس الأماكن حين يرتادها الكويتيون خارج الكويت». ففي الخارج، بحسب مريم، يبدو الكويتيون أكثر هدوءاً واستفادة من أجواء المولات بالتسوق وتناول الوجبات في حين يبدو الأمر مختلفاً في الكويت.

كما تلفت مريم إلى ما لاحظته من تغير سلوك البعض نحو الاندفاع ومضايقة الآخرين عندما يدخلون أجواء المول في الكويت على عكس تصرفهم في مجمعات أكبر حجماً وربما أكثر ازدحاماً في بلدانهم.

المول في البلاد نافذة الترفيه الأخيرة في جو حار، ودخل عال ومستهلكين اعتياديين. وبدعوى ازدياد الاستهلاك وقلة النشاط يشكو كثيرون من تفاقم الإقبال على ترفيه المولات. وفي المول بدت ظاهرة الازدحام والاندفاع والصدام أكثر وضوحاً، في حين تستهلك الأوقات في الزوايا ذات الأضواء العالية، وتقل الفعاليات الاجتماعية والتطوعية والثقافية باسم «مسايرة الجموع»… في الزحام.


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock