سوسن إبراهيم تكتب: الدرجة الأكاديمية أم المهارة!
لقد أصدر مؤخرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا بتعيين الموظفين في الإدارة الفيدرالية بناءًا على مهاراتهم وليس شهاداتهم. وبذلك فقد رسم شكل المستقبل الوظيفي ( ليس من ضمنها الدراسات الدقيقة كالطب أو الهندسة.. ) الذي قد يعتمد على مهارات الشباب وكفاءتهم العملية أكثر من شهاداتهم الأكاديمية. وأن الحياة لن تصبح كسابق عهدها خاصة في سلك التوظيف والعمل. سيكون التركيز على شحذ المهارات المتنوعة والعمل على تطوير الذات لتنافس في سوق العمل.
ولأن أمريكا دولة مهيمنة حتما سيصبح هذا القرار متداولا عما قريب في أنحاء العالم. والتوجه العام سينطلق للاهتمام بالتدريب والممارسة المهنية بدلا من الطريقة التقليدية التي أكل عليها الدهر وشرب في بروتوكولات التوظيف والعمل.
ولكن ماذا عن الوطن العربي؟ الشعب الأكثر تفاخرا بالمسميات الوظيفية والألقاب العلمية!
بالحقيقة، الأخذ بهذا القرار سيعطي الشباب فرصة أكبر للعمل بدون عرقلات الخبرة المهنية التي غالبا ما تكون تعجيزية في بعض المؤسسات. حيث أن بعض أصحاب الشركات يطلبون خبرة قد تصل إلى ١٠ أعوام أو ٢٠ عام حتى. ولذلك يبقى الخريج عاطلا عن العمل وقد يضطر الأغلب إلى العمل بأعمال لا تتماشى ولا تتناسب مع شهاداتهم الأكاديمية. بل هذه فرصة حقيقية لأشخاص مميزين لم تسعفهم ظروف الحياة لاستكمال التعليم، فتكون المهارة هي بوابة إشراكهم بسوق العمل وبذل الجهد لدفع عجلة التنمية في المجتمع ولتعزيز القوى العاملة بالبلاد.
وفي هذا السياق سُئل بيل جيتس في إحدى مقابلاته الشخصية عن سر نجاحه فقال بأن “اقتناص الفرص” هو السر. ولذلك نتمنى ان نرى هذا التوجه في وطننا العربي لكي ينعم شبابنا بحقهم في التوظيف والتعيين.
ولا ننكر أن كثير من شباب الوطن العربي يعاني من البطالة والعوز وإذا مكنّاهم من العمل بلا أولوية لشرط الدرجة الأكاديمية حتما سنرى مهاراتهم وستظهر كفاءة لم تُعط حقها بالظهور. ولأننا للأسف نتقن تكسير المجاديف وإحباط الشباب الاقل حظا سنحتاج لإجراء قرارات كهذه تعيد الثقة للشباب بأنهم قادرون على العطاء والنجاح.
ولقد سبق وأن عملت شركتي Apple وGoogle بهذا القرار قبل أن يعي أغلب أرباب العمل لأهمية المهارة والكفاءة وأقرتا على أن الدرجة العلمية ليست من شروط التعيين ولكن المهارة هي الشرط الأساسي لتصبح عضوا في هذه الشركات. ولذلك فقد نجحتا بشكل ساحق على مستوى العالم. فالنجاح يأتي من خلال الثقة. قدم الثقة للشباب وسترى كفاءات تستحق التقدير.
لا ننكر فضل الشهادات الأكاديمية _ ولكنها لن تصبح إلا من كماليات التقديم على الوظائف أو من أجل الاستزادة بالعلم في المستقبل القريب _ ولكن ندعو لمستقبل مهني مُسلط على الابداع والمهارة لا على المحسوبية _ الواسطة_ والمعرفة الاجتماعية القوية التي غالبا ما يكون لها الدور الاكبر في الاستحواذ على الفرص.
سوسن إبراهيم