باحثات في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة بجامعة حمد بن خليفة يتركنَّ بصمتهنَّ في مجال الهندسة
بينما يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة في الهندسة، تتبادل أربع مديرات أبحاث بارزات في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، التابع لجامعة حمد بن خليفة، رؤاهن، وإلهاماتهن، ونصائحهن مع المهندسين الشباب، وتسلطن الضوء على التحديات التي واجهتهن في مسيراتهن العملية.
ورغم أن رحلتهن لم تكن سهلة، إلا أنها كانت مُرضِية حتى الآن. وقد أكملت الدكتورة هدى السليطي، مدير أبحاث أول بمرصد المخاطر الطبيعية والبيئية في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، دراستها لنيل شهادة الدكتوراه في الوقت الذي كانت تؤدي فيه دورها كأم متفرغة لخمسة أطفال. وحول ذلك، تقول الدكتورة هدى: “لا شيء يأتي بسهولة، وهناك دائمًا حاجة للكفاح عندما نشق طريقنا في هذه الحياة، ونحن بالتأكيد لسنا وحدنا في التحديات التي نواجهها. ويتناسب النجاح والإنجازات في الحياة بشكلٍ مباشرٍ مع مقدار الجهد الذي بذلناه والوقت الذي قضيناه في مواجهة تحدياتنا. وقد علمني القيام بأدوار مختلفة كيفية تحقيق الاستفادة الكاملة من وقتي ومهاراتي وقدراتي”.
وذكرت الدكتورة فيرونيكا بيرموديز، مدير أبحاث أول بمركز الطاقة في المعهد، أنها شعرت بالدهشة عند رؤيتها لبرنامج جامعي متخصص بعنوان “الفيزياء للنساء” في عام 1996. وأشارت إلى أن التحدي الحقيقي الذي واجهها تمثَّل في أن تظل صادقةً مع نفسها ووفيةً لتحقيق أهدافها. وقالت: “يتمثل التحدي الأكبر في فهم أن معركتي ليست حول أن أكون امرأة في عالم الرجل، ولكن حول أن أحقق ذاتي، وأن أحافظ على تخصصي، وأن أعرف أن التنوع هو مفتاح النجاح، وأن أسعى لنشر هذه الرسالة”.
وتتذكر الدكتورة حنان فرحات، مدير أبحاث أول بمركز التآكل التابع للمعهد، الوقت الذي كانت فيه المهندسة الوحيدة بين العديد من العاملين الميدانيين الذكور الذين يعملون على تنفيذ عملية إيقاف تشغيل مقرّر لإحدى شركات النفط والغاز في قطر قبل بضع سنوات، فتقول: “بصفتي مهندسة، فقد واجهت العديد من العقبات. وكان التحدي الأكبر بالنسبة لي يتمثل في جعل زملائي الذكور يتقبلون أننا سواسية، وأننا جميعًا نستحق الاحترام والحصول على نفس الفرص”.
ومع ذلك، كانت الأمور مختلفة تمامًا بالنسبة للدكتورة جيني لولر، مدير أبحاث أول بمركز المياه في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، التي تخرجت وحصلت على شهادة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية عام 2004، حيث كانت النساء تمثلن أكثر من 30٪ من طلبة البرنامج الذي التحقت به في أيرلندا، وهو ما يشير إلى كيفية تحسن الأمور حتى خلال عقد من الزمان. وحول ذلك، تقول الدكتورة لولر: “أنا متفائلة بطبعي، ورغم مواجهتي للعديد من التحديات في مسيرتي المهنية حتى الآن، فإن الحياة تتحسن كل عام. ولطالما استمتعت بالعمل الجاد، والسعي لتحقيق الأهداف الطموحة، والشعور بالسعادة والفخر مع كل إنجاز صغير أحققه في حياتي”.
وذكرت الباحثات الأربع الرائدات أن التحديات التي تواجه المرأة فريدة بالفعل. فعلى سبيل المثال، غالبًا ما تكون إجازة الأمومة فترة زمنية لا توضع في الاعتبار عند مقارنة المراحل الوظيفية للرجل والمرأة.
وأشارت الدكتورة هدى السليطي، التي نجحت في مكافحة مرض سرطان الثدي، إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه المرأة عمومًا هو كيفية تحقيق التوازن بين العمل والحياة. وتقول: “لا يزال هناك سقف زجاجي أمام النساء العاملات في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، ولكن هذا السقف يتراجع ببطء لحسن الحظ. وتتعرض النساء لمعوقات بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن عليهن تخصيص المزيد من الوقت لرعاية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية. وفي بعض الأحيان، تكون هناك أحكام تشير إلى أنهنَّ لسن بنفس كفاءة الرجال وأنهن عاطفيات”.
وقالت الدكتورة حنان فرحات: “في هذا الجزء من العالم، يُنتظر من النساء العاملات في مجال الهندسة بذل مجهودات إضافية لإثبات أنفسهن. وفي العديد من الأماكن، تكون هناك وصمة عار مفادها أنه لا يمكن للمرأة المشاركة في الأعمال الهندسية، وأنها ليست جيدة في حل المشكلات. ونتيجة لذلك، تُسند إليهن مهام غير صعبة تكون روتينية ومتكررة”.
ومع ذلك، ومن منظور مختلف قليلاً، تذكر الدكتورة جيني لولر أنها لم تشعر أبدًا بأنها خضعت لنفس الوصمة أو المعاملة أثناء عملها مهندسةً في صناعة الأدوية بجمهورية أيرلندا. وقالت: “لقد كنت محظوظةً لأنني كنت دائمًا أشعر بالقدرة على تحقيق النجاح، حيث كنت محاطة بأشخاص إيجابيين وموجِّهين، سواء في القطاع المهني أو في الأوساط الأكاديمية. ومن خلال العمل الجاد، وإظهار امتلاكي للمهارات والقدرات اللازمة لتحقيق النجاح، حزت دائمًا على القبول بشكلٍ سريعٍ، وترقيتُ بسرعة إلى المناصب القيادية”.
وذكرت الدكتورة فيرونيكا بيرموديز أن التغيير قادم بالفعل، حيث قالت: “أعتقد أنها مسألة وقت فقط. وحتى عندما ألقي نظرة على الخيارات التي كانت متاحة لأمي، والخيارات المتاحة أمامي الآن، أجد أن هناك فارقٌ كبيرٌ. فقد اكتسبت المرأة المزيد من الحقوق، وباتت تشغل مناصب قيادية الآن أكثر من أي وقت مضى”.
وتؤكد القائدات الأربع على أهمية الحصول على الدعم من الأسرة، والزملاء، والمجتمع. وشددت كل منهن على أهمية دور الآباء الذين مكنوهن من تحقيق أهدافهن، والأزواج الذين ساعدوهن في تربية الأبناء والقيام بالأعمال المنزلية، والرؤساء، والزملاء الذين وثقوا بهن وشجعوهن على تحقيق أهدافهن.
وقد ساعد التواجد في قطر، والعمل في معهد بحثي تابع لمؤسسة قطر، وهي جهة علمية وبحثية وتنموية لديها قيادات نسائية قوية ورعاة حقيقيين في مجال العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، مثل صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر؛ والشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمؤسسة، في إلهام الرائدات الأربع لمواصلة السعي لتحقيق أهدافهن وطموحاتهن. وتجدر الإشارة إلى أن النساء يشغلن أكثر من 50٪ من المناصب الإدارية العلمية العليا في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة.
وتمثلت نصيحتهن للجيل الأصغر في الاستمرار في التركيز والعمل الجاد، وتؤمن القائدات الأربع بنفس الشعار، الذي يرتكز على ضرورة إيمان الفرد بنفسه وقدراته. وتشجع الدكتورة هدى السليطي النساء على تحقيق أحلامهن فتقول: “واجهن تحديًا جديدًا كل يوم؛ وتعلمن شيئًا جديدًا ، وتخطينَّ الحواجز قليلاً في كل خطوة. ركزن على نقاط قوتكن، وليس على الجوانب السلبية التي قد تحاول دفعكن للأسفل”.
وتضيف الدكتورة جيني لولر: “تحلّين بالثقة، وكن قدوةً للشباب. ولا تخشين من الاعتراف بعدم المعرفة عندما لا تكن على علمٍ بشيءٍ ما، وكنَّ على استعداد للتعرف على المزيد من المعلومات عن ذلك الشيء”.
وأكدت الدكتورة فيرونيكا بيرموديز على ذلك، فقالت: “احترمن شخصياتكن، واتبعن مشاعركن ومعتقداتكن. واعلمن أن لديكن ما يكفي لكسر السقف الزجاجي وتحقيق النجاح. وحتى عندما يبدو هذا الأمر صعبًا، تحلّين بالثقة في قدراتكن، وارفعنَّ رؤوسكن عاليةً، وواصلنَّ التقدم للأمام”.
وحثت الدكتورة حنان فرحات النساء العاملات في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات على المثابرة، فقالت: “واصلن المحاولة، وثقنَّ بأنفسكن. ولن يكون الأمر سهلاً، ولكنكن ستتمكنَّ من بلوغ ذلك الهدف. ولن يحدث التغيير في يومٍ واحدٍ، بل سيحدث ذلك تدريجيًا. ولكن، إذا لم تحاولنَّ القيام بذلك، فلن تحققنَّ هذا الهدف أبدًا”.
ويعزز اليوم العالمي للمرأة في الهندسة مكانة النساء العاملات في مجالات الهندسة، ويركز الانتباه على الفرص الوظيفية الرائعة المتاحة للفتيات في هذا القطاع المثير. وتحتفي هذه المناسبة بالإنجازات البارزة للمهندسات في جميع أنحاء العالم.