توصيات الملتقى العلمي الخليجي لجائحة كورونا (كوفيد -19) من منظور شرعي ونفسي وتربوي
أكاديميا |
انطلاقا من دوره المجتمعي والإنساني والشرعي قام قسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية الأساسية بتنظيم الملتقى العلمي الخليجي المتعلق بجائحة كورونا (كوفيد -19) من منظور شرعي ونفسي وتربوي، وذلك تحت رعاية مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور علي فهد المضف. ومن أجل ذلك أعد هذا الملتقى قسم الدراسات الإسلامية بالتنسيق مع قسم الأصول والإدارة التربوية وقسم علم النفس في كلية التربية الأساسية وبالتعاون مع مركز ابن الهيثم للتدريب أثناء الخدمة، ومركز تقنية المعلومات والحاسب الآلي في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب. شارك في هذا الملتقى الحافل العديد من الباحثين والباحثات من دول الخليج العربي وذلك عبر البث الحي بواسطة منصات التواصل الإلكتروني.
وفي هذا الصدد أشارت أ.د. إقبال عبدالعزيز المطوع رئيسة قسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية الأساسية أن هذا الملتقى الخليجي المتميز في غاية الأهمية لأن نشر الوعي الصحي والشرعي والنفسي والوطني ركيزة أساسية للتعامل مع جائحة كورونا. الهدف من الملتقى هو تبادل الخبرات الخليجية العلمية في مواجهة الوباء بصورة شاملة ومُجدية. وأكدت أ.د. اقبال المطوع على أن وظيفة مراكز العلم والجامعات مواكبة الأحداث الجارية وتوجيهها نحو المصلحة العامة والتصدي للتحديات وفق رؤية شرعية شاملة، ومناهج علمية تعزز السياسة المجتمعية. والجدير بالذكر كما تقول المطوع أن المؤتمر استعرض ما يقارب من عشرين ورقة بحثية غزيرة المعنى تتطرق إلى استراتيجيات الحد من انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد من منطلق تحقيق مقاصد الشريعة والتي مناطها الحفاظ على النفس وجلب المصلحة العامة، فكل ما يُتوصل به إلى حفظ النفس البشرية فهو مطلب شرعي كما أشارت توصيات الملتقى.
وفي الختام أشادت الدكتورة اقبال المطوع بالجهود المبذولة لعقد هذا الملتقى الخليجي النافع، وشكرت جميع المشاركين الذين تنوعت تخصصاتهم العلمية، وتعددت أوراقهم البحثية ولكنها اتفقت في محصلتها على ضرورة حماية الناس ومصالحهم من هذا البلاء. وأكدت المطوع على أن الشريعة الإسلامية السمحة من السعة بمكان وهي قادرة على تقديم توجيهات رشيدة لحفظ المصالح العامة للناس. إنه من دواعي السرور والغبطة والاستبشار أن نجد هذا التكاتف العلمي الخليجي في هذا الملتقى حيث لمسنا حرص الباحثين والمتابعين على الاستفادة من هذا اللقاء الثري بغرض توعية المجتمع ودعمه لتجاوز الجائحة بأقل الأضرار وبما يحفظ صحة ومصالح الناس.
ولقد جاءت توصيات الملتقى وفقا لما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فنوجز أهم التوصيات العلمية التي توصل إليها المشاركون في الملتقى العلمي الخليجي لجائحة كورونا (كوفيد -19) من منظور شرعي ونفسي وتربوي
- أن الأصل في الإجراءات الاحترازية المعمول بها في دولة الكويت وكثير من الدول للحد من انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد هو تحقيق مقاصد الشريعة والتي مناطها الحفاظ على النفس وجلب المصلحة العامة، فكل ما يُتوصل به إلى حفظ النفس البشرية فهو مطلب شرعي.
- دراسة المستجدات والنوازل الطبية والمالية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد دراسة فقهية.
- الاطلاع على جميع المؤتمرات والبحوث والفتاوى المتفرقة، للتوصل إلى وضع معايير شرعية للمسائل الطبية المتعلقة بالتعامل مع الأوبئة، بالإضافة إلى الدعوة إلى إنشاء موسوعة شرعية متخصصة بهذا الشأن، وترجمتها للغة الانجليزية وجميع اللغات الحية ليتسنى للمسلمين في جميع بقاع الأرض الاستفادة من هذه الموسوعة وليُعَلم عُمق الشريعة وأنها صالحة لكل زمان ومكان.
- أن أحاديث نفي العدوى وإثباتها صحيحة، ولا وجه لرد بعضها بحجة التعارض، فلا تعارض بين حديث نفي العدوى، وبين الأحاديث التي تأمر بالفرار ممن به مرض مُعْدٍ، وأن العلماء وَفَّقُوا بين هذه الأحاديث بطرق متعددة من أوجه الجمع المقبولة البعيدة عن التكلف والتعسف. وأن هذه الطرق تجمعها نقطتان:
الأولى: التأكيد على أنّه لا شيء في الوجود مستقل بذاته، وإنما المتصرف في هذا الكون هو الخالق جل وعلا، وأن على العبد أن يَرُدَّ كل شيء لإرادته ومشيئته، وهذا ما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى » .
والثانية: أن الله عز وجل شاءت حكمته أن يجعل لهذا الكون سُنَنًا تحكمه، وخلق أسبابًا ورتب عليها مسبَّبَاتها، وكلف عبادة الأخذَ بها وعدم إهمالها، وهذا ما تدل له أحاديث الابتعاد عن مسبِّبات الأمراض، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «فِرَّ من المجْذُوم كما تَفِرُّ من الأسَد». - أن مبدأ سدّ الذّرائع أمرٌ مطلوبٌ؛ لئلا تتشوش النفوس وتضطرب. وهذا يقتضي البعد عن أصحاب الأمراض المعدية، وأن ذلك لا ينافي التوكل؛ فإن التوكل أمرٌ قلبيٌّ، والابتعاد عن الأمراض المعدية أخذٌ بالأسباب الظاهرة.
- أن الإسلام وضع الأساس لقواعد الحجر الصحي وهو المستفاد، من قوله صلى الله عيه وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا» وهذا يدلّ على الحجر الصحي العام. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدَنَّ ممرض على مُصِح» : يدل على الحجر الصحي الجزئي،، ويعبر عنه بالعزل الجزئي.
- أن جمهور العلماء رجحوا حرمة الدخول والخروج إلى الأماكن الموبوءة، وحملوا النهي على ظاهره وما يقتضيه.
- وأنه كما يجب على الأصحاء رعاية المرضَى وعدم تركهم فريسةً للمرض، فعلى المرضىَ أيضًا مراعاة مصالح الأصحاء بالبعد عمّا يسبب لهم انتقال المرض، وأما تعمد ذلك فهو من الجنايات التي حدد لها الفقهاء أحكامًا تختلف بحسب ما ترتب على ذلك من أذى، وأن العمل على سلامة المجتمع من مقاصد الشريعة التي ينبغي الالتزام بها.
- الاستفادة مما توصلت إليه الكشوف الطبية من رصدٍ لأنواعِ الأمراض المعدية وطرق علاجها، ونُظُم العزل فيها، وكيفية التعامل معها، والتقيّد بالتوصيات التي تصدرها الجهات الصحية في البلد المعني؛ لما في ذلك من الحفاظ على المصالح الخاصة والعامة، في الأنفس والممتلكات.
10- الدراسة المتأنية للنوازل من جميع النواحي، فلا يمكن أن يفتي المفتي بما يسمعه أو يراه من الأخبار أو وسائل التواصل، بل لابد للدولة أن تعقد اجتماعاً لهؤلاء المفتين، وما يلزم من أطباء واقتصاديين؛ لأن الإفتاء الجماعي والمؤسسي تكون الفتوى فيه منضبطة أكثر من الفتاوى الفردية.
11- لا بد من النظر المستمر بعقد الاجتماعات لهيئات الفتوى وقت النوازل، لأن الأحكام تتغير بتغير الأحوال، فلا يمكن أن تطلق الفتوى وتنسحب على جميع الأحوال والأوقات.
12- ينبغي ترسيخ التربية الأسرية عبر المحافظة على الحوارات العائلية الرشيدة، والالتزام بالمحافظة على تنمية الجوانب الإيمانية والصحية وتأصيل القيم الصالحة في المجتمعات وعلى رأسها الأسرة.
13- وجوب التبين والتثبت من الأخبار والمعلومات المتعلقة بالأزمات، من خلال، التأني والنظر والبحث في مصدرها ودقة نقلها.
14- التحذير من الأخبار والآراء المبنية على الظنون والتخمينات، أو المتعلقة بالأهواء والميول الشخصية والتي تفتقر للأدلة والبراهين.
15- الرجوع إلى أولي الأمر من المسؤولين الأمناء والعلماء الثقات لمعرفة ما يجب أن يذاع من الأخبار في الأزمات، وكيفية إذاعته لتجنيب المجتمع الفتن والمفاسد.