هشام عماد العبيدان يكتب: التعليم عن بعد في الكويت.. بين الظروف الطارئة وضرورات العصر!
كشف فيروس كورونا المستجد COVID19 عن البطء في التحوُّل التقني الذي نُعاني منه، وأظهر مدى تردُّد الجهات الحكومية في اتِّخاذ القرارات نحو خطوة تقنية متقدمة على مستوى التعليم في دولة الكويت.
تترافق هذه الوضعية مع توفر بيئة قانونية إلكترونية تُشكِّلُ سنداً لآلية التقدُّم التقني، وكانت تسمح بوجود مدارس وجامعات للتعليم عن بعد منذ صدور قانون التعاملات الالكترونية الكويتي عام 2014، ذلك مع عدم وجود أيِّ عائقٍ قانوني أو تنظيمي يتعارض مع نظام التعليم عن بعد.
وعلى الرغم من هذه البيئة التشريعية المُبشِّرة، إلاَّ أنَّ الصورة التربوية والتعليمية تبدو قاتمةً حقاً اليوم.
فعلى المستوى الثقافي، يبدو ضعف قناعة المجتمع بفكرة التعليم عن بعد، رغم أنَّها ستفتح الأبواب المغلقة أمام شرائح واسعة من الشباب التي ترغب باستكمال تعليمها.
إنَّ المشكلة الثقافية موجودة على صعيد قاعدة المجتمع الكويت قبل أن نراها لدى الجهات الحكومية أو حتى الأكاديمية العليا، فنرى النظرة نحو تحصيل الشهادة عن بعد تكون نظرة طعن وتشكيك واستخفاف، الأمر الذي سيُرخي بأثره سلباً بالتأكيد على جاذبية الشهادة هذه في سوق العمل.
أمَّا على المستوى التقني، فإنَّنا أمام إشكالية أكبر من كونها قانونية، فمجتمعنا الكويتي غير مستعدِّ لفكرة التعليم عن بعد بسبب النظر إلى التكنولوجيا وكأنَّها أداة ترفيهية وليس إدارية؛ كون الثقة بتقنيات التكنولوجيا التي يسهل اختراقها تبدو شبه منعدمة.
لكن يجب عدم تجاهل حق التعليم الذي كفله دستور دولة الكويت، الأمر الذي يفرض على الحكومة إيجاد أساليب مبتكرةً لتجاوز الظروف الطارئة.
فلا بدَّ أن يكون لوزارة التربية والتعليم العالي رؤية فنية منطقية تخدم المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، ابتداءً من التدريس، مروراً بطريقة الاختبارات التي سوف يُقدِّمها الطلبة، وانتهاءً بكيفية تسليم الشهادات المُصادَق عليها.
ويبدو لي أنَّ حل إشكالية التعليم عن بعد في الكويت تتمثَّل بالعمل على محورين:
(1) المحور الفوري للعمل؛ ويتمثَّل بتطبيق نظام التسجيل عبر الإنترنت والتدريس عن بعد عبر نظام الفيديو، ويمكن تطبيقه عبر منصَّة وزارة التربية ووزارة التعليم العالي، بحيث يتمُّ منح الطلبة بيانات خاصة بهم لتسجيل الدخول وإثبات قيدهم وحضورهم.
يهدف هذا المحور إلى إعادة ضخ الدماء للعملية التعليمية بكافة مستوياتها، وإعادة روح الانضباط والالتزام للطلبة والأساتذة.
ويمكن مع أول فصل أن يتمَّ الامتحان بشكل تحريري تقليدي لكن مع تقسيم الطلاب إلى فئات وشرائح بما يكفل احترام إجراءات حظر التجول والتباعد وتنفيذ إجراءات الوقاية خلال الامتحان، كما يمكن تسليم الشهادة بشكل ورقي مع اتِّخاذ نفس الاحتياطات؛ وهكذا نُحقِّق السلامة والموثوقية معاً.
(2) المحور التدريجي الانتقالي؛ من المتصوَّر عدم تقبُّل فكرة التعليم عن بعد نتيجة تفشِّي جرائم تزوير الشهادات، وسيزيد من هذه المشكلة عدم وجود حماية تقنية كافية من الناحية الفنية التكنولوجية؛ بناء عليه، يجب عدم التسرُّع بإسباغ الصفة الرسمية على شهادات الدراسة عن بعد.
لذلك، يمكن لوزارة التربية ووزارة التعليم العالي تفعيل طريقة اختيارية للطالب للُّجوء مبدئياً إلى الاختبار التقليدي أو عن بعد (إلكتروني)، على أن تأخذ الشهادة الصيغتين الالكترونية والورقية في هذا النظام الاختياري.
لكن يجب أن تضع الوزارات المعنيَّة في الحكومة خطَّة عمل لمدة لا تتجاوز سنتين، يتمُّ بموجبها إنشاء شبكة تعليمية كويتية محميَّة بأنظمة الحماية المُتقدِّمة، ممَّا سيمنح الامتحان وتصديق الشهادات ثقة كبيرة.
بحيث يكون تقبُّل المجتمع لفكرة الشهادات الالكترونية عن بعد قد انتقل أخيراً من فِكر “الظروف الطارئة” إلى “ضرورات العصر”!
الاسم: هشام عماد العبيدان محامي – ماجستير في القانون التجاري من كلية القانون الكويتية العالمية Kilaw