هل يعاني ابنك المراهق من اضطراب سلوكي؟ هذا ما قد يساعده
رُبما تسأل نفسك لماذا قد يحتاج ابنك لتقييم الصحة النفسية في سن المراهقة؟ الإجابة ببساطة، أنه ليس من السهل دائمًا التمييز بين الحالة المزاجية المُعتادة للمراهقين، وقضايا الصحة العقلية الأكثر خطورة. معظم التهيج الطبيعي والعصبية في سن المراهقة، والتقلبات المزاجية تحدث وتنتهي سريعًا، ولكن عندما تستمر هذه المشاعر لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، أو يكون تكرارها شديد الكثافة وعلى فترات أقصر، يمكن أن يكون هذا علامة على أنها أكثر من مجرد التقلبات النفسية المُعتادة في فترة المراهقة.
إذا كان ابنك أو ابنتك لا يرغب في رؤية الأصدقاء، أو إذا كان يقضي معظم الوقت بمفرده، وأيضًا إذا توقف عن فعل الأشياء التي يستمتع بها عادةً، ولا يبدو أنه يستمتع بالأشياء التي يفعلها، أو أصبح أداؤه في المدرسة سيئًا، أو يُقدم على المخاطر وافتعال المشكلات بشكل يفوق المُعتاد، فقد تكون هذه علامات على أنك بحاجة إلى اتخاذ إجراء التقييم النفسي.
في السطور التالية يُمكنك التعرّف إلى التقييم النفسي، وكيف يحدث، وما الذي يجعله مُفيدًا لابنك في مرحلة المراهقة، فقد يكون حصول المراهق المضطرب على تقييم نفسي خطوة مهمة في الحصول على المساعدة المناسبة له.
ما التقييم النفسي؟
التقييم هو مجرد كلمة تُستخدم للتعبير عن موعد أو استشارة أو مقابلة، أو سلسلة من المواعيد، مع مختص صحة، مثل طبيب عام، أو طبيب نفساني أو مستشار، وتُصمم هذه المواعيد لمعرفة ماهية مشكلات الصحة العقلية للأبناء في سن المراهقة.
التقييم النفسي هو عملية شاملة يجري خلالها الفحص والتقييم لشخصية المراهق ومُشكلاته، تعتمد الطرق المستخدمة للتقييم على احتياجات ابنك المراهق، قد يتكون التقييم من سلسلة من الاختبارات النفسية أو العصبية والنفسية الرسمية، للتحقق من القلق أو الاكتئاب، أو القدرة على التعلم، أو احتمالية تعاطي المخدرات. وكذلك إجراء المقابلات السريرية المُصممة لتحديد ووصف المشكلات العاطفية أو السلوكية أو التعليمية، التي قد تساهم في حدوث المشكلات التي يواجهها الطفل في سن المراهقة، وقد يستخدم المختص الفن، أو الموسيقى، أو الصور، أو العلاج باللعب، أو الدراما، أو أدوات التقييم الإلكترونية، أو سرد القصص للحصول على وجهة نظر طفلك بشأن الأشياء.
تستغرق العملية عدّة ساعات وقد تستمر لعدة جلسات مختلفة، ويعتمد مدى طول مُدّة التقييم على عمر طفلك ونضجه أيضًا، إذا كان طفلك أكبر سنًّا، فمن المحتمل أن يكون على ما يرام مع المقابلات الطويلة، تتمثل ميزة المُقابلات التي تستغرق وقتًا أطول قليلًا، في أن طفلك يحصل على فرصة جيدة للتأكد من أنه مرتاح للمختص ويحب التحدث إليه، فإذا استطاع مختص الصحة العقلية أن ينسج علاقة جيدة مع طفلك، فسيكون لذلك تأثير كبير في مدى نجاح علاج صحته العقلية.
يشبه دور المُختص الذي يجري بالتقييم دور المحقق الذي يبحث عن أدلة لحل اللغز، كلما زاد عدد الأدلة التي يمكن التعرف إليها، زادت المعلومات لديه، والتي سيحتاج إليها لفهم ما يجري مع الأبناء في سن المراهقة، وتحديد الخيارات الأكثر ملاءمة لمساعدته.
كما سبق الذكر، يجب التفكير في التقييم النفسي في الحالات التي يكون بها شك وعدم يقين حول الأسباب التي تجعل البعض في سن المراهقة يعانون من مشكلات في المزاج، أو السلوك، أو التعلم.
ما الأشياء التي سيتحدث المختص بشأنها خلال عملية التقييم؟
سيتحدث المُختص مع ابنك المراهق عن أفكاره، ومشاعره، ومزاجه، وسلوكه، وعلاقاته، وأشياء أخرى مثل المدرسة والمنزل، إذ إن الهدف منها هو معرفة كيف تؤثر صحة طفلك العقلية في نوعية حياته.
سينظر في الخصائص والصفات الفريدة لطفلك فيما يتعلق بعالمه الاجتماعي والثقافي، سيتحدث مع طفلك عن معتقداته الشخصية وروحانيته، وكيف يمكن أن تؤثر في صحته النفسية والعقلية، وسيتحدث أيضًا عن أعراض وسلوكيات الصحة البدنية والعقلية.
من المُفترض أن يبدأ المختص بالمشكلات الأقل حساسية، على سبيل المثال، المنزل والمدرسة والاهتمامات والهوايات، ثم ينتقل بعد ذلك إلى مجالات أكثر حساسية مثل النشاط الجنسي وتعاطي المخدرات، سيغطي الطبيب أيضًا قضايا أكثر خطورة تتعلق بالصحة العقلية؛ مثل القلق والاكتئاب، وإيذاء النفس والأفكار الانتحارية، وذلك اعتمادًا على الموقف الذي يواجهه ابنك، والذي سيعرفه المُختص من خلال قيام الأبوين بسرد مُلاحظاتهما له، سوف يحصل طفلك على فرصة لرواية قصته أيضًا. وعادةً سيتحدث المختص مع طفلك وحده، فيما يخص كل جانب من تقييم الصحة العقلية.
تحدث المُختص مُنفردًا مع ابنك سيساعده على التحدث بصراحة عن مخاوفه، أما إذا كنت حاضرًا، فقد يشعر بالحرج من التحدث بصراحة، أو قد لا يرغب في التحدث عن القضايا الحساسة أو الخاصة أمامك.
ماذا بعد تقييم الصحة النفسية في سن المراهقة؟
في نهاية تقييم الصحة النفسية للمراهقين، سيقدم لك المُختص رأيًا في ماهية المشكلات التي يواجهها طفلك، ويقترح خطة علاجية، سيُحدد المُختص أيضًا ما إذا كان طفلك يعاني من حالة طوارئ تحتاج إلى إجراء فوري.مترجم: البلوغ يقتل ثقة الفتيات في أنفسهن! لماذا؟ وكيف تساعد ابنتك؟
من المستحسن التأكد من أن لخطة علاج طفلك أهدافًا واضحة يمكن لطفلك وعائلتك تحقيقها، على سبيل المثال، قد يكون الهدف هو الاستيقاظ في الوقت نفسه كل صباح، أو الذهاب في نزهة كل يوم.
على الرغم من أنك قد ترغب في معرفة ما حدث وما قيل في تقييم الصحة العقلية، فقد يحتاج طفلك لبعض الوقت قبل أن يتحدث عن هذه الأشياء معك، وقد يُقرر عدم مشاركة ما يحدث في مواعيد الصحة النفسية، الأمر الذي قد يجعل هذا صعبًا بالنسبة لك، لكنه حق لطفلك.
هكذا يُمكن أن يساعد التقييم النفسي الأبناء في سن المراهقة
الأهمية الجوهرية للتقييم النفسي هو أنه يستطيع تقديم معلومات مفيدة عن ابنك المراهق وشخصيته، وما هي المُشكلات التي يواجهها تحديدًا وبدقة، كما يُقدّم أنجح الطرق وأفضلها للتعامل مع هذه المُشكلات، بما يتناسب مع شخصية ابنك، وتشمل هذه المعلومات التي يُقدّمها التقييم النفسي:
- مدى شدّة أعراض الاكتئاب أو القلق، وما إذا كان الأمر يستدعي تدخلًا علاجيًّا حتى لا يتطور أم لا.
- هل يجد ابنك صعوبات في التعلم؟ هذا السؤال سيستطيع التقييم النفسي أن يُجيب عنه بدقة، سيُحدد أيضًا السبب وراء صعوبات التعلم هذه، سواء أكان مُشكلة في التركيز واستجماع الانتباه، أم أنه يرفض المادة الدراسية، أو يرفض المدرس الذي يدرسُّها، وغيرها من الأسباب المُختلفة.
- تحديد نقاط القوة والضعف الأكاديمي، يمكن للتقييم النفسي تحديد الأشياء التي يُمكن أن يتفوق فيها ابنك أكاديميًّا لأنها تتناسب مع شخصيته، وما الأشياء أو المواد التي سيكون دراستها عبئًا عليه لأنها لا تتناسب مع شخصيته.
- تحديد الأسباب الجذرية للمشكلات العاطفية، يستطيع التقييم النفسي أن يُقدّم تفسيرًا جذريًّا حول المُشكلات العاطفية التي يواجهها طفلك، كذلك يُمكنه تحديد أسباب السلوك العدواني الذي قد يسلكه الطفل أحيانًا أو دائمًا.
- تقديم معلومات حول كيفية نظر ابنك المراهق إلى العالم، وتزويدك بنظرة ثاقبة حول شخصيته، وهذا سيجعلك قادرًا على فهمه بشكل أعمق والتعامل معه بشكل أفضل.
- إيجاد الحلول وتحديد العلاج، يُمكن للتقييم النفسي أن يُرشدك بشأن الخطوات التي يجب اتباعها مع ابنك، والطريقة التي ينبغي أن تتعامل معه بها، وتحديد العلاج اللازم للمُشكلات التي يواجهها.
كيف يمكنك إعداد ابنك المُراهق لتقييم الصحة النفسية؟
يمكن أن يساعدك الصدق والتحدث مع طفلك بشأن المخاوف التي تهمك بخصوص صحته، في الحصول على أقصى استفادة من الاستشارات والعلاج في مجال الصحة النفسية والعقلية، تعتمد كيفية إعداد طفلك لتقييم الصحة العقلية للمراهقين على نمو طفلك، أن تعرف طفلك على أفضل وجه، يُمكِّنك من الحكم على نوع ومقدار التفسير الذي يجب أن يُقدّم له، ويمكن لمختص الصحة النفسية أن يُقدّم المشورة لك.
إذا كان طفلك مترددًا في رؤية مختص الصحة العقلية، فقد يساعدك أن يتحدث أحد أفراد العائلة أو صديق موثوق به مع طفلك، ولكن تجنب خداعه في الذهاب، على سبيل المثال، لا تُخبر طفلك بأنكما ذاهبان للتسوق بينما تأخذه بالفعل لرؤية مختص الصحة النفسية أو العقلية، لا يعد هذا أمرًا جيدًا للثقة بينكما.
6 طرق يمكنك من خلالها تشجيع ابنك على رؤية مختص الصحة النفسية
- تحدث إلى ابنك عن التغييرات التي لاحظتها مؤخرًا، على سبيل المثال، التغييرات في مزاجه، أو سلوكه، أو علاقاته، أو أدائه المدرسي، وأخبره أنك قلق عليه.
- اشرح لماذا تعتقد أن رؤية مختص قد تكون فكرة جيدة، على سبيل المثال، أخبره أنك تعتقد أنه قد يساعده التحدث مع شخص خارج العائلة يجيد مساعدة الشباب.
- حاول طمأنة ابنك أن رؤية مختص الصحة النفسية أمر عادي كالذهاب إلى الطبيب العام، وأن أي معلومات سيقولها له ستبقى طي الكتمان؛ لأن هذا صميم عمله.
- قدّم لابنك معلومات حول الخدمات وكيف يمكنهم المساعدة، على سبيل المثال، الإرشاد وعلم النفس.
- اشرح أن مختص الصحة العقلية لن يخبر طفلك بما يجب فعله، ولكنه سيقترح أشياء ويساعد في إيجاد حلول للمشكلات.
- اشرح أن الذهاب إلى تقييم الصحة العقلية ليس عقابًا، وأنك لا تقترح المشورة أو الدعم النفسي لأنك غاضب، وأن كل ما تريده فقط هو المساعدة، كي يعبر سن المراهقة بسلام.
المصدر: ساسة بوست