يوسف عوض العازمي يكتب: طالب الحقوق .. و السلم الموسيقي !
” إذا كنت تعتقد أن التعليم باهظ الثمن، فلتجرّب الجهل ”
( ديريك بوك )
في إحدى الجامعات ببلاد ماوراء البحار ، حدثت حكاية طريفة تحمل عدة معان ، إذ كان احد الطلبة بكلية الحقوق يبحث عن مادة عامة ، و بالطبع تكون هناك إستشارات بين الطلبة و أسئلة متداولة يفهمها طلبة الجامعات ، و اكثر الأسئلة حول المادة السهلة التي يتحقق بها ال A بسهولة !
نصح احد الطلبة الأصدقاء طالب الحقوق بتسجيل مادة الموسيقى ( أيامها كان التسجيل يدوي و ليس عن طريق النظام الألكتروني ) و بأنها مادة سهلة ، و يستطيع الطالب إجتيازها و تحقق ال A بأقل جهد ، و اقتنع طالب الحقوق و ذهب لجهة تسجيل المقررات و سجل مادة الموسيقى !
كانت محاضرة الموسيقى في مكان آخر و منطقة أخرى ، و ليست قريبة من كلية الحقوق ، لذلك أخذ الطالب المجتهد بالإعتبار حساب الطريق و حساب التوقيت بين المحاضرات ، و كانت الامور اقرب إلى المثالية ، و كان ملفتا” له كطالب حقوق يدرس القانون الجنائي و القانون الخاص و غيره من القوانين ، أن تكون نهاية يومه الدراسي مع الآلات الموسيقية و العود و ” الدنابك ” !
كان الطالب يعتقد بأن الأمر لن يتجاوز ” طقطقة ” و صفقة و صفقتين ، و إنتهى الامر ، و بالنهاية ال A بأقل جهد ، إنما ماكان خافيا” عليه هو أنه امام علم و نوتة موسيقية ، و سلم موسيقي يفترض عليه كطالب أن يتعلمه و يفهمه و يعزف على الآلة الموسيقية بناء على النوتة المكتوبة ، و بأن الامر ليس ” طقطقة ” إنما سلم ثلاثي و رباعي ، و نغمة معينة لها رنة معينة ، وبناء عليها يتم العزف المطلوب ، إذن الموضوع ليس سهلا” كما تصورة الطالب ، لكنه خرج من مصيبة ليقع في مصيبة اخرى ! ( لو افترضنا ان دراسة القانون مصيبة ! )
تأقلم الطالب الحقوقي مع المصيبة الجديدة ، و حاول ان يستوعب المادة كيلا يتعثر ، في مادة ” بغاها طرب و صارت نشب ” !
في وقت صلاة العصر قبل بداية المحاضرة ، كان الحقوقي في المصلى القريب من قاعة الموسيقى ، و صادف ان إستاذ المادة معه في نفس المصلى لإداء الصلاة ، و بعد الإنتهاء من الصلاة ، دار حديث بين الإستاذ و الطالب ، حيث سأل الإستاذ تلميذه عن ماهية تخصصة ، فصدم الإستاذ لما علم بتخصص الحقوق ، و صرخ عليه : يخرب بيتك إيه اللي جابك هنا !
و بعد الحوار الساخن فهم الحقوقي من الإستاذ بأن وجودة في المادة خطأ ، و بأن تسجيلة بها كان خطأ إداري جسيم ، وان طالب الحقوق غير مطلوبة عليه هذه المادة ، و بناء عليه، عليه مغادرة المكان فورا” !
كانت مشكلة اخرى للطالب ، كيف يشطب مادة و وقت السحب و الإضافة إنتهى ، ناهيك عن القادم المجهول و الإجراءات غير المعروفة التي قد تضره في مسيرته كطالب جامعي !
كان لابد من حل ، و عمل شئ سريع يصلح الامر ، و بالفعل بعد تدخل مشكور من احد الاساتذة الذي فهم الموضوع و أبعاده ، عاد طالب الحقوق لإستكمال الفصل الدراسي ، و إعيدت الامور إلى نصابها إستثنائيا” ، تقديرا” لظروف الحالة الغريبة التي حصلت ..
و استكمل طالب الحقوق مقرراته ، و تفرغ للقوانين ، و اصبح السلم الموسيقي و الثلاثي و الرباعي من الذكريات الجامعية التي لاتنسى !
يوسف عوض العازمي
alzmi1969@