كتاب أكاديميا

هاشمية الهاشمي تكتب: ولا تمنن تستكثر

 

قال تعالى في سورة المدثر :” ولا تمنن تستكثر ” آية عظيمة لها عدة تفاسير لعلماء ومفسرين جاهدوا في البحث العلمي والتدبر الأدبي وفي حياة الرسول ونشأته للتوصل الى المعنى الصحيح للآية الكريمة ، فالقرآن لا يعرف تأويله الحقيقي غير الله جل جلاله ، مهما جاهد المحدثون في التفسير والتدبر والشرح .. والقرآن نور مبين وهدى للعالمين وتبيان به يستنير.

ونزلت آية مماثلة للآية التي نحن بصددها توضيحا في قوله :” يمنون عليك أن أسلموا ”

بأن الله سبحانه وتعالى يقول لرسوله الكريم :” هؤلاء القوم يمنون عليك بإسلامهم ، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان والصلاح .

ومن ضمن معاني التفسير ” الإنفاق ” ، فلا تمنن أيها العبد على ربك بما أنفقت من مال زهيد ،  فتسرع متضرعا الى الله وداعيا بطلب المزيد من المال والبركة .. أي تعويضك ما أنفقته ، فأنت تملك الكثير لكي تعطي الكثير وما قمت به من خير يعلم به الله فلا تجزع أيها الإنسان ، ” والله يعلم وأنتم لا تعلمون ” وقد غرس الله بنا صفاتا وأحاسيسا من الرحمة والرأفة لإعانة المحتاجين فعطاء الرحمن أعظم بكثير من بعض الصدقات المحدودة التي تخرجها من مالك ، فلا تستكثر الفتات من المال ، وندعو الله أن يهبنا خيرا في جميع الأحوال .

جبلنا على عمل الخير كعادة أهل الكويت قديما ، فالغني يعين أخاه وتكثر الأعمال الخيرية والتي

تعتبر مكسب كبيرمن فيض رزق عظيم ، والموائد تمتد الى حد البصر ، لكل جائع وهائم يبحث عن قوت يومه وطعامه فلا يجد منه سوى القليل ، فيأكل هنا غذاؤه ويتزود هناك بعشاء متواضع خلقنا فقراء وأغنياء لنعيش معا .. هكذا هي الحياة .

وقد وهب الله لنا الخيرات في المال والبنون ، وقليل من قليل هو عطاؤنا ، والأقربون أولى بالمعروف في الصدقات .

من الغرابة في الأمر أن بعض الهيئات الخدمية حددت سقفا معينا للمساعدات الاجتماعية والمالية بحيث يكون الراتب أقل منه .. يكاد يكون هذا النهج غريبا والمستفيدون قلائل ..

المساعدة الاجتماعية هي إعانة للمعسر فيما يشكو منه حتى يستقيم وضعه الاجتماعي ، فلا ضير بأننا مختلفون في مواجهة بعض العقبات التي تمنع إعانة المدين والمعسر الذي تعثر كثيرا بديونه

فهل تدعم الصناديق الخيرية والتنموية والتي حازت على لقب (النفع العام) في علاج المرضى ومساعدة المعسرين والمحتاجين كافة ؟ أم أنهم يشاركون في علاج  الحالات نفسها خارج الكويت!

فعلا إنه وطن الإنسانية حينما يتطوع الدكتور المواطن بإجراء عمليات جراحية لعدة أمراض ولحالات عديدة في بعض الدول التي تعرضت للحروب والكوارث فتلك عادة توارثنا عليها في بلد الخير والإنسانية .

من ” الطباع ” الغير محببة ان بعض الأفراد من الهيئات التطوعية يقومون بتصوير أنفسهم مع الفقراء وهم يمدون لهم أيديهم  ببعض من المال البسيط .

إمتنع عن التصوير وتواضع أمام المتعففين المعدمين والذين يعيشون في بيوت متهالكة من الطين والقش لا ستار له، قد يخجل أمام عدسة الكامرا وانت تلتقط له صورا لا يستسيغها ، فاكرمه بالمال والإحترام لتنال رضاء الله .. ففي الحديث الشريف :” رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله مما تنفق يمينه ” .

فالكثيرون من أبناء هذا الوطن ، الذين بسط الله لهم في تجارتهم ورزقهم خيرا وفيرا ، لم يبخلوا على إخوانهم من المواطنين والمقيمين بإنشاء المستشفيات التخصصية وتزويدها بأفضل وأحدث الأجهزة الطبية للمرضى وتوفير الدواء اللازم لهم .. بارك الله في عملهم هذا ، وأثابهم أضعاف ما قاموا به لإخوانهم المواطنين والمرضى .

وقد نال المزارعين الكويتيين كذلك إعجاب الكثيرين بمساهمتهم الفعالة في توزيع الشتلات والشجيرات المثمرة والإستعداد التام بتشجير المناطق الجديدة والطرقات ، مساهمة منهم في تجميل وتشجير الأراضي الشاسعة والمناطق السكنية والواجهات ..

التنمية المستدامة لا تتحقق إلا بمشاركة الآخرين همومهم وإحتياجهم الفعلي ، والإستمرار فيه من دواعي المحبة والرقي ، فافعل الخير .. تجد أثره

وجميل بأن يتقرب الإنسان الى الله بالعمل الصالح وبالبر والإحسان الى الآخرين ، ويجب على الإنسان أن ينفق الكثير، فلا يحتسب ما خسره من مال أو جهد حيث قال تعالى في كتابه الكريم : ” ولا تمنن تستكثر ”

 

 

بقلم  :   هاشمية الهاشمي

Twitter : @H_ALHASHEMMI

Email  :  [email protected]

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock