أخبار منوعة

شباب كويتيون يفتتحون مشاريعهم الخاصة بعربات طعام

في حين تعرف عربات الطعام في الكويت بكونها أكشاكا صغيرة تقبع على قارعة الطرق، يتوافد عليها “الغلابة” أو ما يعرف بالطبقة الفقيرة والمتوسطة، لانخفاض أسعارها وسرعة تحضير الطعام البسيط فيها، جاء الشباب الكويتي لتغيير هذا المفهوم والانتقال به إلى مستوى جديد.

“الفود ترك” كما تسمى في الكويت أو عربة الطعام المتنقلة كانت بوابة الشباب للعبور إلى مشاريع صغيرة ملهمة، تعينهم على الهرب من عباءة الوظيفة الحكومية.

عربات تجوب المحافظات وليس الطرقات فقط، تجدها أمام الشواطئ والمجمعات التجارية والمدارس وحتى داخل الجامعات، خلقت مفهوما جديدا لخدمة الزبائن، لا يأتي الزبائن إليهم فقط، بل يذهبون هم لزبائنهم أيضاً.

عربات الطعام المتنقلة في الكويت هي سيارات كبيرة، تُصمم في ورش عمل خاصة بألوان وأشكال مختلفة، وعلى أصحابها الحصول على ترخيص من وزارة التجارة لمزاولة عملهم، يصنعون الوجبات على مرأى الزبائن، فالسيارة مجهزة بمطبخ وعدة كاملة، وكل ما يلزم من كهرباء وماء تماما مثل المطاعم، بل تنافس المطاعم بخدمة تقديم الطعام، فتأتي العربة حتى باب منزلك، أو أمام الشاليه أو المخيم الخاص بك، لتوفر لك ولعائلتك أو أصدقائك خدمة كاملة حسب الرغبة.

حلا وقهوة

الجزيرة نت تعرفت على بعض أصحاب هذه المشاريع، الذين تحدثوا عن أسباب اختيارها والصعوبات التي واجهتهم، فكانت البداية مع صاحب عربة “حلا وقهوة” الشاب سعد الدوسري، الذي بدأ مشروعه في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وانتهى من مرحلة تصنيع وتجهيز العربة في شهر مايو/أيار. 

وبلغت تكلفة تجهيز العربة 18 ألف دينار كويتي (نحو ستين ألف دولار)، وبالرغم من التكلفة المرتفعة، يشكو الدوسري قلة خبرة أصحاب الورش، ومحدوية أفكارهم للتصميم، ويقول “أنا أرسم التصميم، لكن لا ينفذونه بالشكل المطلوب بالضبط، فالعمل ما زال حديثا ولا يوجد به محترفون، والمصانع تعاني ازدحاما بسبب كثرة العربات المطلوبة أخيرا، ولذلك لا نستطيع الحصول على مواعيد محددة للاستلام”.

ويقف الدوسري بعربته أمام الساحات التي تشهد مرورا كثيفا للسيارات، ويفضل الشواطئ والحدائق العامة، وبيّن سبب اختيار الحلوى والقهوة فقال، “هذا ما يبحث عنه الناس أولا، قهوتهم رفقة قطعة صغيرة من الحلوى يتناولونها لمدهم بالطاقة، وبالذات أنواع القهوة الحديثة”.

وطالب الدوسري بأن تواكب جميع جهات الدولة متطلبات هذا المشروع، حيث لفت إلى أن “ترخيص لائحة العربات صدر من وزارة التجارة، لكن الإشكالية الكبرى أن جميع الجهات الأخرى لا تواكب هذا الحدث، فأنا أحتاج ترخيصاً من هيئة الغذاء والتغذية وآخر من البلدية من أجل الإعلانات، وحتى من الإطفاء”، مؤكدا أنه لا يسمح لهم بوضع طاولات ومقاعد أمام العربة وإلا تتم مخالفتهم.

وعن أسعار عربات الطعام التي تنافس أسعار المطاعم بغلائها وربما تتخطاها، قال الدوسري إن صاحب العربة لديه تكلفة أيضا، بدءاً من تكلفة العربة، والبحث عن الزبون والذهاب إليه وتلبية احتياجاته، بالإضافة لصيانة المولد الدورية من أجل الحفاظ على المواد المخزنة.

بعيدا عن القطاع الحكومي

وعن تخليه عن الالتحاق بالقطاع الحكومي من أجل العمل، أشار إلى أن “هناك تكدسا في أعداد من يرغبون في الالتحاق بالوظائف الحكومية، بالإضافة إلى أنها لا تصقل المواهب ولا تنمي القدرات، وهذا يؤدي لإحباط الشباب الذين يبحثون عن حياة فيها من العمل والإنتاجية والسعي والكسب ما يكفي لجعلهم دائما على قيد الإرادة والطموح”.

عثمان أسعد، كان من أوائل من دخل عالم عربات الطعام المتنقلة، حيث قال “عندما بدأت كان بالسوق ست عربات فقط، كان شيئا مناسبا لطالب جامعي بعيدا عن إيجارات المحلات، وعلى قدر رأس المال الذي حصلت عليه من والدي، واخترت البرغر لأنني أحبه وسأبدع في تنفيذه”.

لاحقا أصبح اسم عربته “برغر لاين” التي كلفه تصنيعها وتجهيزها عشرين ألف دينار، نحو (65 ألف دولار)، لكنه عندما قام بافتتاح عربته الثانية، لم تكلفه إلا 12 ألف دينار، نحو (أربعين ألف دولار)، مؤكدا أن الخبرة جعلته ملما بأسعار السوق وأصبح قادرا على إدارة الأمور المالية لمشروعه بشكل أفضل.

ويصف أسعد الشتاء بموسم عربات الطعام حيث “الأجواء جميلة، والجميع في البر والشاليهات والمخيمات، ذلك أن العربة ليست مطعما مكيفا، ولذلك تحتاج للجو الجميل المعتدل بعيدا عن حرارة الصيف حتى يقبل الناس عليك أينما كنت، وتذهب إليهم في أماكنهم”.

وعن التحديات، بيّن أسعد أن كثيرا من الموظفين لا يقبلون العمل في عربات الطعام بسبب الأمان الوظيفي، على الرغم من أن دخل عربة الطعام في المواسم أعلى من دخل المطاعم، مؤكدا أن خدمة تقديم الطعام لجميع المناسبات تبدأ من سعر مئة دينار كويتي نحو (350 دولارا) لـ15 شخصا، وهو دخل إضافي أيضاً على مدار العام.

ويبرر أسعد غلاء الأسعار في العربات بأن المطاعم تطلب اللحم بالطن على سبيل المثال، بينما يطلب صاحب العربة بالكيلو وبالتالي التكلفة تكون أعلى، موضحا أن “في عربتي أستخدم لحما يربى بطريقة خاصة ومكلفة جدا، وتستخدم منه أجزاء معينة لعمل البرغر، وهنا الجودة والطعم أهم من السعر”.

ورأى أسعد أنه -بعمله- يبني حلمه بنفسه بدلا من بناء حلم غيره بالعمل لديه، لذا “أفضل أن أكون أنا رب عملي، فالوظيفة قد تؤمن لي حياة كريمة لكنها لن تغنيني”.

المصدر :

الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock