خالد الطراح يكتب: صناعة الشهادات!
يبدو أن مصيرنا كشعب التعايش مع فضائح الفساد بفضل إدارة حكومية عليلة!
للأسف، إن الشعب يتحمّل مسؤولية ما نشهده من استشراء لفنون الفساد والمفسدين، فالشعب ليس بكامله طبعا، وإنما جزء منه، بمن في ذلك بعض نواب حكومة الظل في مجلس الأمة، تحول بعضه او عدد كبير منه لأدوات مخططات الفساد، في حين وقعت الغالبية الكبرى من الشعب ضحية لهؤلاء المفسدين من مواطنين يعملون في الوظائف الحكومية على مستويات مختلفة!
الفضيحة الأكثر حداثة تكمن في «الشهادات الوهمية او المزوّرة او شهادات مصدقة.. ولكن غير معتمدة»!
حين تغيب القبضة الحكومية السياسية، وتدعي الحكومة ــــ كالعادة ــــ الوقوف ضد فساد الشهادات العلمية حديثا فقط، تتدافع اطراف مختلفة؛ منها اصحاب مصالح حماية حاملي الشهادات العلمية المصطنعة، في حين تتوه الاصوات الباحثة عن الحقيقة لتحديد الجهة المسؤولة لما آلت اليه الاوضاع الحالية نتيجة فوضى عارمة تسود الساحة المحلية وصمت حكومي مطبق!
وزارة التربية والتعليم العالي تواصل تصريحاتها بتطبيق القانون، بما في ذلك الاطراف المعنية بالشهادات العلمية المصطنعة ورقيا، وتتوعّد ايضا بالتحقيق، ولكن من المستحيل ان نتطلع الى مساءلة، وبأثر رجعي، لكل مسؤول عن هذه الصناعة الحديثة!
طبعا نتمنى ان يبادر وزير التربية الحالي بطلب فتح التحقيق معه وغيره من مسؤولين حاليين.
هذا الوضع المستحيل، لا يملك جعله غير مستحيل واقعيا، سوى مجلس الوزراء من خلال تشكيل ـــ ان امكن ـــ لجنة تحقيق محايدة تبدأ بوزير التربية الحالي والمسؤولين كافة ايضا، وتنتهي بوزراء ومسؤولين سابقين وملحقين ثقافيين ايضا، للوقوف على حجم المسؤولية التي تتحمّلها وزارة التربية وجهات اخرى ايضا.
في حال تعثّر تحقيق هذا المقترح، وهو محتمل جدا، فيمكن استبدال فريق تقصٍّ بلجنة التحقيق من اجل تسهيل حفظه؛ تقديرا لظروف ليست من حقنا معرفتها!
الافراد المعنيون بصناعة الشهادات العلمية ليسوا سوى جزء من منظومة فساد، فقد انتقلنا من مراحل التزوير السياسي في مجالس الامة السابقة وسرقات المال العام إلى مرحلة صناعة الالقاب العلمية، فمن الواضح ان الامطار الغزيرة التي هطلت على الكويت كشفت عن فساد العقود، ولكنها لم تطهر علة حكومية في التصدّي للفساد كلاما لا اكثر!
من حق الحكومة الاستفادة من فضيحة الشهادات لكونها حديثة، لتصبح لدينا منطقة حرفية لصناعة الشهادات العلمية، طالما لم يتحقق انشاء وادي سيليكون فالي Silicon Valley، فمن حق من تعثّر دراسيا ان يحقق حلمه في التربّع على المنصب الحكومي حاملا مسمى علمي ايضا والاستفادة المادية من المال العام، فالحكومة كفيلة بتحمّل المسؤولية!
* * *
شكراً لكل من وزير التربية الاسبق د. بدر العيسى والمدير العام للتعليم التطبيقي السابق احمد الاثري، على «الجرأة» التي حلت عليهما أخيراً على شاشة تلفزيون الراي بعد خروجهما من المنصب الرسمي، وهي عادة كويتية!