م.شهد الناصر تكتب: كُنْ مع الله ولا تبالي
في كُلْ ليلة كالعادة أحكي لأخواتي الصغيرات قصة ماقبل النوم وأغرق معهنّ بعالمِ الخيال لكنْ في ليلةِ أمس كنتُ متعبة نعمْ متعبة لدرجة الإعياء من ضغوطات الحياة وكنتُ لا أريد الحديث مع أي أحد، ذهبتُ لأمي فوجدتها أنهَتْ صلاتها الوتر ،كنتُ محتاجة فقط أن أرتمي لحضنها وأعودَ طفلة “فأنا قوية ظاهرياً لكن روحي طفولية جداً” وبالفعل أخذتني أمي لحضنها وهي تلعب بخصلات شعري كانت على سجادتها بتلك اللحظة تعيذ بسمتي من الذبول وتعيذ عيناي من الحزن وكأنها تشعر بتعبي وفتور مشاعري ولذلك قالت وهي تبتسم “بَطلتُنا في إجازة اليوم؛ دوري بقصة النوم ” سبحان من وهب لأمي تلك الحكمة فهي تعطيني في كل مرة دروس في الحياة بطريقة غير مباشرة وهذا هو عمق التربية.
بدأتْ أمي بالقصة ونحنُ نستمع ونتخيل كل التفاصيل مع صوتها الدافىء وإضاءة بيتنا الخافتة
” يُحكى في زمانٍ بعيد بأنّ هناك قرية فيها أشجارٌ من المشمش يعيشُ أهلُ القرية على ثمارها لكنْ في أحد أيام الشتاء أتَتْ رياحٌ قوية أتلفت جميع الأشجار إلا شجرةً واحدة .. في ذلكَ الوقت جميع أهل القرية شعروا بالبؤس والقنوط وحسدوا صاحب الشجرة التي لم تقتلعها الرياح وسموها الشجرةَ المحظوظة ذلك العام فلقد أصبحت ثِمارُها غاليةً جداً .. ودخل الكِبر والغرور لقلب صاحب الشجرة وقام بتغطيتها خوفاً منْ الرياح منْ جهة، وخوفاً من الحسد منْ جهةٍ أخرى وقام بإهداء القليل من ثمارها فقط للمقربين من عائلته و قرر بيع الباقي بأغلى ثمن..
في اليوم التالي استيقظ أهل القرية على فاجعة فاجأتهم واكتشفوا شيء عجيب فلقدْ ماتَ جميع من أكل من ثمار الشجرة التي زعموا بأنها محظوظة وأدركوا أن جميع أشجار القرية كانت سامة وأن الله قد أتى بخطر الرياح الصغير ليقتلع خطر أكبر ألا وهو سم الأشجار..بالفعل لو أنّهم أكلوا الثمار المسمومة لماتوا جميعاً”.
انتهتْ القصة بحكمةٍ عظيمة ففي حياتنا مانظنهُ إبتلاء قدْ يكون نعمة ! ..
مايصرفهُ الله عنّا قدْ يكون فيهِ السوء الكبير لقلوبنا !..
مانظنها نهاية حزينة قد تكون بداية لأشياء جميلة !..
نحنُ لانُدركْ عُمق الحكمة الإلهية في تدبير أمورنا ..
لذلك علينا أنْ نشكر الله ونحمده على كل أحداث حياتنا، وعلينا أن نكون مؤمنين بقضاء الله ونستقبل أقدارنا بكل قبول ورضا ونتوكل على الله ونسلم أمورنا لهُ سبحانه ،وأنْ نكون أغنياء بالله فقط ولانتعلق إلا به ،وأنْ ندعوه وحده مُتيقنين أن ماهو مُقدر لنا لن يأخذهُ غيرنا ،ولاننتظر ولانتوقع سوى الأجمل فمع الله الخير الكثير..
لقد وهبتني أمي جرعة إيمانية بتلك القصة تكفيني لأستجمع قواي وأعود مشرقة كما اعتادني الجميع.
غفوتُ محلقة بروحي لطريق السماء على عبارة أمي التي فهمتُ عُمقها “كُن مع الله ولاتبالي” .
بقلمي الدافىء:
م.شهد الناصر