(…ولاتحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا…)
أكاديميا|
المسلم لايحسد ولايكون الحسد خلقاله ولا وصفا فيه مادام يحب الخير للجميع ويبغض خلق الحسد لأن الحسد اعتراض علي قسمة الله وفضله بين الناس ، قال تعالي :(أم يحسدون الناس علي ماآتاهم الله من فضله)(5)النساء
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو العشب)أبوداود
ولكم هذه القصة تحكي عن عاقبة ا لحسد( الساقي والملك من التراث الشعبي المغربي ) :
كان هناك ساقٍ اسمه ( أمين ) ، يبيع الماء للناس وهو يتجول بجرته الطينية في الأسواق، وقد أحبه الجميع لحسن خلقه ولنظافته. ذات يوم
سمع الملك بهذا الساقي فطلب من وزيره إحضاره فبحث عنه الوزير في الأسواق وأتى به إلى الملك الذي أعلمه أنه من اليوم فصاعداً لا عمل له خارج قصره حيث سيسقي ضيوفه ويجلس بجانبه يخبره بطرائفه التي اشتهر بها؛ ولم يكن من ( أمين ) إلاّ السمع والطاعة.
عاد ( أمين ) إلى زوجته يبشرها بالخبر السعيد وبالغنى القادم
وفي اليوم التالي، لبس أحسن ما عنده وغسل جرّته وقصد قصر الملك. دخل الديوان الذي كان مليئاً بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء عليهم وكان حين ينتهي يجلس بجانب الملك ليحكي له الحكايات والطرائف المضحكة، وفي نهاية اليوم يقبض ثمن تعبه ويغادر إلى بيته
بقي الحال على ما هو عليه مدة من الزمن، إلى أن جاء يوم شعر فيه الوزير بالغيرة من ( أمين ) وداخله الحسد بسبب المكانة التي احتلها من قلب الملك
وفي أحد الأيام وبينما كان الساقي عائداً إلى بيته، تبعه الوزير وقال له أن الملك يشتكي من رائحة فمه الكريهة. تفاجأ الساقي وسأله ماذا عليه أن يفعل حتى لا يؤذيه برائحته، فنصحه الوزير بوضع كمّامة عندما يأتي إلى القصر. وفي صباح اليوم التالي، وضع الساقي ( أمين ) كمّامة حول فمه وحمل جرّته واتجه إلى القصر كعادته. استغرب الملك منه ذلك لكنه لم يعلّق. استمر ( أمين ب) وضع الكمّامة يوماً بعد يوم .
في أحد الأيام، سأل الملك وزيره عن سبب وضع ( أمين ) للكمّامة فقال الوزير : ” أخاف يا سيدي أن أُخبرك فتقطع رأسي ”
ردّ الملك قائلاً : ” لك مني الأمان فقل ما عندك “.
قال الوزير : ” لقد اشتكى ( أمين ) الساقي من رائحة فمك الكريهة يا سيدي ”
فاستشاط الملك غضبًا وأخبر زوجته بالأمر فعلّقت قائلة : ” مَن يجرؤ على قول هذا! لِيُقطع رأسه غداً ويكون عبرة لكل من سوّلت له نفسه الانتقاص منك ” ووافقها الملك الرأي.
وفي اليوم التالي، استدعى الملك الجلاّد وأمره بقطع رأس من يخرج من قصره حاملاً باقة ورد
وكعادته كل صباح، حضر الساقي وقام بتوزيع الماء وحين حانت لحظة ذهابه قدّم له الملك باقة من الورد. وفي طريقه إلى الخارج، التقى الساقي بالوزير فقال له الوزير : ” من أعطاك هذه الورد ؟ ” فأخبره بأنها من الملك. فأجابه : ” أعطني إياها أنا أحق بها منك “.
أعطاه الساقي الباقة وانصرف.
عندما خرج الوزير رآه الجلاّد حاملاً باقة الورد فقطع رأسه.
وفي اليوم التالي، حضر الساقي كعادته دائماً ملثّماً حاملاً جرّته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين، فاستغرب الملك رؤيته لظنه أنه ميت، وناداه وسأله : “ما حكايتك مع هذه الكمامة “؟؟!
فأجابه : ” الوزير أمرني بوضع كمامة على فمي لأن سموّك تشتكي من رائحة فمي الكريهة “.
ثم سأله عن باقة الورد،
قال ( أمين ) : ” أخذها الوزير فهو بنظره أحق بها مني”.
ابتسم الملك وقال : “حقاً هو أحق بها منك “.
قاتل الله الحسد ما أعدله ، بدأ بصاحبه فقتله !
بقلم : أ.ايمان السنان
المعهد العالي للخدمات الإدارية – التطبيقي