دراسة: 69 % من المغرِّدين يرفضون منع الكتب
نظم عدد كبير من الأدباء والمثقفين والقراء حملات شعبية واسعة في الاسابيع الماضية ضد ما تقوم به الرقابة ممثلة بوزارة الاعلام من منع الكتب بحجة مخالفة قواعد الرقابة.
واطلق المغردون عددا من «الهاشتاغات» على مواقع التواصل الاجتماعي لايصال رسالة بأن الرقابة مرفوضة، وان ما تقوم به الوزارة من منع الكتب والتضييق على الكتاب والروائيين والذين كانت تسمح بكتبهم سابقا يمثل تأخرا ثقافيا لم تشهده البلاد من قبل.
كما تطرق العديد منهم إلى ان منع الكتب يمثل مخالفة لمواد الدستور والتي تكفل حق المواطن في الاعتقاد والتفكير والتعدد الفكري.
قمنا بإعداد دراسة استطلعنا من خلالها توجهات الرأي العام في مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة توجهات المغردين حول ازمة الرقابة وآرائهم بشأن ما تقوم به وزارة الاعلام من خطوات لمنع الكتب المخالفة من خلال رقابتها على كل الكتب التي تدخل البلاد وتباع في المكتبات.
وتقوم هذه الدراسة بتحليل ورصد تعليقات مستخدمي موقع «تويتر»، حيث بينت النتائج ان غالبية التغريدات حول رقابة الكتب اتت سلبية بنسبة %69، فيما أيد %31 وجود رقابة على الكتب بحجة الحفاظ على المجتمع والاداب العامة.
وكشفت الدراسة ان %56 من التغريدات تطرقت للمسؤولية العامة، اي حملت مسؤولية التغيير وايقاف منع الكتب للجميع من دون الاشارة لجهة حكومية محددة أو شخص بعينه، بينما وجه %44 من المغردين اصابع المسؤولية إلى افراد معينين في ادارة الرقابة ووزارة الاعلام بأنهم وراء منع الكتب.
البيانات الكبيرة
غطت الدراسة نشاط المغردين في موقع «تويتر» منذ بداية سبتمبر الجاري إلى 25 من الشهر نفسه، وهي الفترة التي نشط بها موضوع «منع الكتب» في موقع تويتر من خلال تفعيل عدة وسوم للاعتراض على تدخل الرقابة وتعسفها في المنع.
واعتمدت الدراسة على طريقة تحليل البيانات الكبيرة big data بتحليل التغريدات التي تناولت موضوع منع الكتب للوقوف على رأي المغردين ومعرفة توجهاتهم ومشاعرهم، كما تم اعتماد منهجية تحليل المضمون لدراسة تعليقات المواطنين ومحتوى تغريداتهم.
لا للمنع
أشار التحليل إلى ان غالبية التعليقات التي وردت على موقع «تويتر» حول الرقابة الحكومية على الكتب جاءت سلبية بنسبة %69، بينما علق %31 من المغردين بالايجاب حول موضوع الرقابة مما يعني تأييدهم وموافقتهم لها.
بالنسبة للتعليقات السلبية على موضوع الرقابة فإنها أتت بشكل منظم مع استخدام الوسوم الخاصة بالموضوع مثل #لا تقرر عني #لا لمنع الكتب #كافي منع #ممنوع في الكويت، وكان للنشطاء الشباب دور كبير عبر اثارتهم للموضوع في التأثير وخلق رأي عام مساند ورافض لمنع الكتب.
أما الكتاب والمثقفون، لا سيما الشباب فكان لهم الدور الاكبر في دعم الموضوع وحشد الرأي العام الالكتروني، حيث قاموا بالتغريد المستمر ونشر الوثائق التي تؤكد على طريقة الرقابة في المنع دون ابداء الاسباب الواضحة للمنع.
كما كان التأثير الأكبر هو لحملة تصوير الكتب الممنوعة من الكويت، حيث تفاعل معها المغردون وتسابقوا لنشر صور الروايات الممنوعة التي يقتنونها في مكتباتهم الخاصة.
بالمقابل علق %31 من المغردين بإيجابية عن موضوع الرقابة ومنع الكتب وفسروا ذلك بأنه نوع من الضبط العام والمحافظة على المجتمع، حيث قام بعضهم بنشر نصوص موجودة في الكتب «تخدش الاداب العامة» على حد وصفهم، معللين ان الرقابة واجبة ومسؤولية الدولة في أن تحافظ على الشباب وتراقب ما يتم ادخاله من كتب.
اما التعليقات الداعمة للرقابة، فكانت ترى بأن الموضوع به جانب ديني بحت، حيث كتبوا ان الرقابة واجبة بسبب بعض الكتب التكفيرية والتي تحرف الدين وتدعو إلى الانحراف الفكري والاخلاقي داعين الدولة إلى تشديد الرقابة على تلك «السموم».
مستوى المسؤولية
قامت الدراسة بتحليل التغريدات التي تناولت موضوع الرقابة على الكتب بتطبيق نظرية الاطار الاعلامي وتم تطبيق «اطار المسؤولية» والذي عادة ما يتم استخدامه لفهم وتحليل تغطية وسائل الاعلام للأزمات وقد تم تطبيق دراسة سابقة لجويوور ويونغ تم نشرها في مجلة «بلك ريليشن ريفيو» العلمية، حيث لخصت الدراسة انه في وقت الازمات يتم تأطير المسؤولية من خلال اطارين رئيسيين، الاول اطار المسؤولية الشخصية والثاني المسؤولية العامة.
وعند تطبيق الدراسة على موضوع رقابة الكتب في الكويت، اشارت النتائج إلى ان %56 من التغريدات حملت اطار المسؤولية العامة و%44 اتت في اطار المسؤولية الشخصية، الأمر الذي يعني ان غالبية المغردين (%56) يرون أن موضوع منع الكتب والرقابة عليها مسؤولية الجميع ومسؤولية الدولة، حيث لم يحملوا شخصا بعينة المسؤولية (كوزير الاعلام او شخصية محددة او لجنة بعينها) بل كانت تعليقاتهم تحمل الجميع المسؤولية.
الا ان %44 من التعليقات اتت بشكل مغاير وحملت مسؤولية منع الكتب إلى اشخاص معينين مثل ادارة الرقابة في وزارة الاعلام او وزير الاعلام على انه هو المسؤول شخصيا عن ايقاف مثل هذه الممارسات.
تحليل المشاعر
كما قامت الدراسة بتحليل مشاعر المغردين الذي خاضوا في موضوع الرقابة والمنع على الكتب باستخدام دراسة «سيديانا» المختصة بتكنولوجيا الاعلام الالكتروني في سوفيوم تكنولوجيز 2017، حيث قامت بإصدار مؤشر خاص يحتوي على سبعة مشاعر اساسية يعبر عنها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في تغريداتهم، وهي: السعادة، الانبهار، الهدوء، الخوف، الحزن والاحباط، الغضب والشعور بالقرف، وبتطبيق هذا المؤشر على «منع الكتب» تبين ان %32 من التغريدات تحتوي على مشاعر احباط وغضب من الوضع الذي وصلت اليه الكويت في المجال الثقافي، في حين تنوعت بقية التغريدات بين الانبهار (الاستغراب) من بعض الكتب الممنوعة واسلوب الرقابة في الرد.
من جانب اخر، بين التحليل ان الكثير من التعليقات اتى في اطار السخرية وعدم الجدية في الطرح، ولعل ذلك سمة يتسم فيها المغرد الكويتي الذي دائما يأخذ الامور بصورة غير جادة ويقلب الموضوع إلى هزلي وهو نوع من انواع التعبير عن السخط والاعتراض على الوضع القائم.
المصدر:
القبس