نايف الجاسمي يكتب: لصوص الشهادات «شبه المزورة»
قبل سبع سنين تقريبا توجه احد الأصدقاء لاستكمال الدراسة في بريطانيا للحصول على درجة الدكتوراه عبر بعثة من الدولة وكان ممن يهتمون بالعلم والأدب وفي إحدى الزيارات وتبادل الحديث معه عن كليته التي يتلقى فيها العلم قام بسرد الكثير من التفاصيل حول زملائه ومعلميه وكان كثيرا ما يذكر أحدهم بإعجاب وهو فرانك ولم أكن أهتم للتفاصيل كثيرا، وبعد عدة زيارات وتواصل بيننا أراني مكان سكنه ومكان الدراسة عندهم وكيف هي الحياة هناك وبين الكثير من الصور عبر جهازه ظهر أحد أصدقائه وهو رجل وقور وكبير بالسن وقال لي هذا هو فرانك الدكتور المشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة بي وهو يعتبر من أكثر الدكاترة علما ومعرفة، والحمد لله أنه من يهتم بي وأتابع معه رسالة الدكتوراه الخاصة بي، وبطبيعة الحال تساءلت ولماذا لا تسميه الدكتور فرانك؟ ضحك وقال لا أستطيع ذلك، فهو الذي يرفض وبشدة هذا المسمى، والمبرر لديه أنها صفة علمية حصلت عليها ولا تعني طلابي أو أصدقائي وليس لهم إلا العلم الذي أحاول توصيله لهم، أما مسماي فهو لي ولا تعدو درجة علمية تجاوزتها ومنذ زمن بعيد.
مصيبة لو فرانك يقابل أهل الشهادات المزورة أو شبه المزورة (راح يقنعونه أنه غلطان وتعب نفسه عالفاضي.. واحتمال كبير يقط وياهم في جاخور بكبد).
مشكلة الدولة والمجتمع الحقيقية ليست مع المزورين فهي مشكلة سهل الحل فيها وبمجرد تفعيل القانون تنتهي إلى الأبد، المشكلة الأكبر في الشهادات شبه المزورة والحاصلين عليها من أقل الجامعات مكانة وأذكر الكثير من الشباب من يحضر للجامعة فقط للاختبارات وبعلم السفارات ويحصل على الدرجة الجامعية مثله مثل من داوم العام الدراسي كاملا مع إضفاء روح كلمة حلال وبعلم ولي الأمر تستباح الحدود المحرمة للأسف – ولي الأمر بالنسبة له هو عبارة عن أي موظف طنش وضعه الدراسي المشبوه، والكل يعلم عن الكثير من أشباه المزورين الذين تأتيهم الاختبارات في القهوة قبل الاختبار بيوم ولم يقتصر هذا العمل على الدارسين في بعض الدول العربية فقط بل أيضا توسع إلى دول المفروض انها تحترم العلم والدارسين والشهادة منها مقدرة ومحترمة، لقد عاث الكثير من هؤلاء (أشباه المزورين) فسادا في الأرض فهو يحمل في قلبه الحقد لمن حصل على نفس الشهادة بالصورة الحقيقة فهذا يملك مرجعية حقيقية في التخصص على عكسه هو فهو لم يتعب في تخصصه أو شهادته ولا يعلم بماهيتها ولا على ماذا تأسست فكرة تخصصه أصلا وقد تعلم على السهولة والدفع من أجل الحصول على ما يريد فما الضير عنده حينما يعكس العملية في أي مجال وظيفي في الوطن؟ (وينك يا فرانك تيجي وتشوف العلم عقبك صار خردة؟).
وضع إطار وقانون حقيقي للعلم وأهل العلم يفرح الجميع ومنهم الجادون في التعلم ولا يستاء من الحزم في هذا الإطار أو القانون سوى من يود الحصول على تلك الورقة للتكسب الشخصي وللترقي والتكشخ بحرف الدال الذي أصبح رخيصا جدا.
نايف الجاسمي
الانباء