د. طلال الجسار يكتب: «الآيلتس»
أخذ موضوع اشتراط وزارة التربية اجتياز اختبار الآيلتس لطلبة الثانوية للالتحاق بالبعثات لغطا ونقاشا حادا خلال الأيام الماضية وبعيدا عن الآراء المؤيدة أو الرافضة للموضوع سأقوم بتوضيح الموضوع من وجهة نظر أكاديمية علمية متجردة.
إن القرار من وجهة نظري إيجابي وصائب ويفيد الطالب حتى المعترض عليه الآن سوف يشعر بفائدة هذا القرار لاحقا.
يجب أن نعلم أولا ان نسبة الـ ٥ التي اشترطتها الوزارة ليست مرتفعة وبالتالي من يحصل عليها الآن فلا توفر له قبولا جامعيا في أي من الجامعات المعترف بها وذات السمعة الجيدة لأن أغلب الجامعات تشترط نسبا أعلى.
لذلك هي بداية جادة وجيدة ومن المفترض بعد هذه النسبة أن يبدأ الطالب الذي تخرج في المدارس الحكومية دراسة مكثفة للغة الانجليزية لمدة عام فيحقق نسبة أكبر للقبول الجامعي في أفضل الجامعات ثم وهو الأهم أن يصل إلى مستوى لغوي مرتفع يساعده على مواصلة الدراسة الجامعية بنفس قوي ومتين، ومما يدعم ذلك أن هذا القرار جاء بعد ازدياد حالات التعثر والتوقف الدراسي التي كشفت عنها وزارة التعليم العالي مؤخرا وكان لهذا التعثر والتوقف أسباب متعددة، وأهمها المستوى اللغوي الذي لا يوفر أساسا صلبا لمواصلة الدراسة وإن حصل الطالب على قبول جامعي.
فالدراسة الجامعية لا تختزل في امتحان القدرات بل تحتاج الى مستويات لغوية مرتفعة لأن امتحان القدرات يقوم على أسلوب ونمط معين يقيس فقط بعض القدرات اللغوية ويستطيع الطالب بعد التدرب عليه ومعرفة طريقته النجاح فيه ولا يحتاج الى الدراسة سنوات طويلة، وبالتالي يجب ان نفهم أن النجاح في امتحان القدرات لا يعني أن الطالب أصبح كأحد أبناء هذه اللغة، كما ان تحقيق مستويات كبيرة في أي لغة والذي يسمى «التمكن اللغوي والقدرة الاتصالية» يتطلب وقتا وصبرا وجهدا، ولهذا تنصح أغلب الدول مبتعثيها بتحقيق مستوى لغوي معين في لغة البلد المبتعث إليه، فمثلا تقدم هيئة الابتعاث الألمانية «DAAD» بعثات للطلبة الجامعيين الألمان لدراسة سنة واحدة في دول أخرى من باب زيادة الخبرات والتنوع الثقافي والمعرفي وتشترط على المتقدم النجاح في «الآيلتس» أو «التوفل» للدول الناطقة باللغة الانجليزية وما يعادل ذلك في دول أخرى لمن يدرس لغتها مع أن البعثة فقط لفصلين دراسيين ثم يتخرج في جامعته الألمانية مع ملاحظة أن الطالب الألماني كالطالب الكويتي يدرس الانجليزية كلغة أجنبية في مراحل دراسية مختلفة وربما لساعات أقل.
فإذا اتفقنا على ما ذكر آنفا تبقى نقطة الخلاف هي في طلبة المدارس الحكومية ممن مستواهم اللغوي الانجليزي أضعف من خريجي المدارس الأجنبية الخاصة، وخروجا من الجدال الدائر حول امتحان «الآيلتس» أقترح أن تقدم الوزارة فترة سماح لا تقل عن ٦ أشهر لهؤلاء الطلبة لتحقيق المستوى المطلوب وهو معدل الـ ٥ وهي فترة كافية، وأغلب الظن أن حتى طلبة المدارس الحكومية يستطيعون الحصول على هذه النسبة بعد دراسة مكثفة لا تزيد على ٣ أشهر لان امتحان القدرات كما ذكرنا له أسلوب معين ويحتاج الى تدريب، وفي المستقبل نأمل ان تقدم تقدم الوزارة دورات متخصصة رخيصة الثمن للطلبة الدارسين في المدارس الحكومية قبل تخرجهم ولمن يرغبون في الالتحاق بنظام البعثات بالتنسيق مع مراكز اللغات في جامعة الكويت أو «التطبيقي» لتحقيق المستوى المطلوب في «الآيلتس».