كتاب أكاديميا

التفوق ليس حكرا على الأذكياء | بقلم أ. د. بدر محمد ملك

*عرض موجز لكتاب جديد لتوجيه الشباب

الكتب الأكاديمية أو التحفيزية والتوعوية الموجه إلى شريحة الشباب وعموم المعنيين بالتربية والتعليم والتثقيف ذات قيمة كبيرة في بناء الأوطان، والارتقاء بالإنسان. ولا ريب أن بناء شخصيات الشباب واكتشاف مواهبهم، وتوجيههم نحو تحقيق ذواتهم، وتأمين مستقبلهم، وإنماء بلادهم من أسمى الغايات التعليمية.

وفي هذا الاطار التطويري البنائي المتجدد تخصص المربي الفاضل والمدرب القدير: د. سعد سعود عايد الكريباني، المعلم والمدرب لأكثر من ربع قرن، ولا يزال نجما لامعا في مزاولة هذا المجال الحيوي. في كتابه الجديد “التفوق ليس حكرا على الأذكياء” الصادر عن مكتبة العبيكان في المملكة العربية السعودية يستكمل الكريباني مشواره الأصيل النبيل في هندسة الموهبة؛ توجيه الشباب نحو قمم اكتشاف وشحذ الملكات فيروي القصص القصيرة الهادفة في كل فصل من فصول الكتاب. قصص الكتاب بانية للأخلاق مقرونة بالحقائق الموثقة، ومدعمة بنواتج الدراسات الجامعية، وفي كل محطة للمؤلف تحليلاته التربوية واجتهاداته الشخصية. يروي د. سعد الكريباني في كتابه الشائق خبراته الشخصية في مضمار الحياة وتأتي قصة ابنه يوسف في أكثر من موطن في الكتاب وهي قصة ذات دلالة عميقة للشباب وللوالدين والمعلمين تحديدا، وتجيئ قصص طلابه وتجاربهم في المرحلة الثانوية والجامعية لتؤكد بسلاسة وبساطة أهمية الخبرات الميدانية، وأن التعامل مع المتعلمين بإخلاص ومهنية ومثابرة أساس ثقافة المعلم المتميز. ولعل القصة التي كانت أكثر تأثيرا بالنسبة لي قصة يوسف ابن المؤلف وهي قصة عائلية ومجتمعية لا تنقصها الصراحة… وأنصح الشباب وأولياء الأمور والمعلمين بقراءتها وهي تحت عنوان “شوف له مدرسة ثانية”.

ولقد وفق د. سعد الكريباني في اختياراته حيث اقتبس كثير من المقولات والمواقف من حياة عامة الناس، ومن المشاهير عربيا وعالميا من مثل: ماريا منتسوري، وأوبرا وينفري، جون واطسون مؤسس المدرسة السلوكية ، والمتحدث التحفيزي زيج زيجلر، وجوزيف رنزولي عالم الموهبة والتفوق. وعلى المستوى التراثي استفاد من قصص رواد الفكر الإسلامي من مثل ابن حزم واستفاد المؤلف من عدد من الشخصيات الكويتية من مثل الرياضي فهد الديحاني، والممثل القدير أحمد الصالح، وداعية الخير عبدالرحمن السميط الذي يقول ” التعليم هو مفتاح التنمية وبوابة التطور”.

ولقد ورد في التعريف بمضمون الكتاب: “هذا الكتاب برهان على توافر التفوق والنجاح لكل أحد ودليل على قدرة المتعلم العادي على اجتياز نجاحات حتى من وصفوا بالذكاء والموهبة. الواقع، التجارب، الأبحاث، الميدان التربوي، علماء الموهبة والتفوق، استشاريو المخ والأعصاب يؤكدون ذلك ، ويشيرون إلى أن التفوق المهني والحياتي لا توارث له ولا أسرار فيه. بل هي خطوات وعوامل متاحة معروفة يمكن للجميع تجربتها وتنفيذها”.

يقول د. سعد الكريباني في نهاية مقدمته للكتاب “قسمت كتابي إلى فصول كثيرة، أحدها يبرهن أن الذكاء يكتسب والمواهب تصنع، آخر لا يشترط الترابط بين التحصيل الدراسي والتفوق المهني، أو بين درجة الذكاء والانجاز الحياتي، آخر يحذرك من توقعات الآخرين -حتى الخبراء منهم – لحدودك وامكاناتك، وآخر يكشف أن الذكاء ليس له شكل واحد بل أشكال مختلفة. باختصار إنه كتاب يقول لك بوضوح: ليس لطاقاتك وابداعاتك حد ولا نهاية معلومة، فاختر لنفسك سقف الإنجاز الذي تريد”.

د. سعد الكريباني كاتب تربوي مرموق وهو صاحب كتاب “كيف أصبحوا عظماء”، واليوم يقدم كتابه الجديد “التفوق ليس حكرا على الأذكياء” ليثري بنظراته الفاحصة المكتبة العربية بإصدارات تجمع بين فني الأصالة والمعاصرة مستوحيا من الفكر الإنساني مادة تربوية تكشف عن جوانب من فلسفة هاورد غاردنر في الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في البيت والمدرسة والمجتمع. يزود الكتاب المعلمين والمتعلمين وكل مهتم بفنون تعزيز الطاقات الشابة واستثمارها بطرق متنوعة من شأنها أن تبني وتطور ثقافة الموهبة والإنجاز والإبداع والمثابرة. يسعى الكتاب في جميع أجزائه الجميلة وفقراته المترابطة إلى تقديم قدر وافر من الاقتباسات والاستنباطات المتعلقة بنشر القناعات الصحيحة، والآليات الإجرائية لتنمية الملكات من أجل الارتقاء بالشباب من جهة بنائية، وتحريرهم من الوهم والتثبيط والوصم السلبي المبكر من جهة وقائية.
إننا نطمع في أوطاننا برؤية الشباب الطموح يدخل الجامعات والكليات والمعاهد التطبيقية والدورات التدريبية متسلحين بروح المثابرة وطلب العلم بلا حدود خدمة للوطن. تحتاج أوطاننا إلى شباب يثقون بربهم، ويثابرون في تنمية معارفهم ومهاراتهم ويحبون إنجاز كل عمل نافع مهما كان صغيرا. هؤلاء سيجدون في كتاب د. سعد الكريباني مرئيات وموجهات واجتهادات تجعلهم بعون الله ثروة وطنية مباركة.

الجمعة / 23 / رمضان / 1439 هـ – 8 يونيو 2018

بقلم/ أ.د. بدر محمد ملك
قسم الأصول والإدارة التربوية- كلية التربية الأساسية
الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock