أخبار منوعة

عادات رمضانية في الكويت… الغبقة

“الغبقة” الرمضانية في الكويت مائدة طعام تعد ما بين السحور والإفطار تهدف إلى جمع الأهل من العائلة أو الأسرة الواحدة أو الجيران، بعد صلاة العشاء داخل منزل أحدهم، إلا أن “الغبقة الرمضانية”، لم تعد مائدة عامرة بالطعام فقط بل بالمشاعر والأفكار والأحاسيس الإنسانية وانتقلت من البيوت إلى المؤسسات.

بعض الكويتيين يسمون شهر رمضان “شهر الغبقات”، حيث تقام الغبقات طوال الشهر الفضيل بداية من الأسر الكويتية ومرورا بالشركات والمؤسسات الخاصة، ووصولا إلى الجهات الحكومية التي تقيم الغبقة من أجل التهنئة بشهر رمضان ولقاء الموظفين مع المسؤولين.

وعن أصل كلمة الغبقة أوضح الباحث في التراث الكويتي، يعقوب الغنيم، “الغبقة مشتقة من لفظ الغبوق، وهي من مفردات اللغة العربية الفصحى، وتعبّر عما يتناوله المرء ليلا من اللبن والتمر”.

وتقول باحثة  “الغبقة الرمضانية مصطلح دارج في التراث الكويتي منذ عقود، وهي عبارة عن وليمة تقام بعد صلاة التراويح في رمضان للأهل والجيران، ويتخللها تقديم أصناف متنوعة من المأكولات الشعبية الشهية والتي غالبا ما تكون خاصة بالشهر الفضيل”.

وأضافت، “الغبقة الرمضانية في الكويت في الوقت الحاضر أصبحت تقدم فيها كل ما لذ وطاب من الأطعمة والمقبلات بأنواعها المختلفة والحلويات الكويتية والعربية والمشروبات الباردة والساخنة”.

ويقول باحث في التراث إن كلمة “الغبقة” تطلق على طعام الليل، واعتاد الكويتيون أن يقيموا الغبقة منذ سنين بعيدة بدأت من الأجداد وتوارثتها الأجيال، مضيفا أن الغبقة سابقا كانت عبارة عن لقاء الأقارب والجيران والأصحاب للتهنئة بالشهر الفضيل وكان الطعام فيها عبارة عن مأكولات خفيفة وليس كما يحدث الآن من الإعداد لولائم كبيرة تصرف عليها مبالغ كبيرة للتفاخر.

ويشير العالم الفلكي د. صالح العجيري إلى أن “الغبقات الرمضانية خرجت من سور المنازل لتتجه إلى المؤسسات الحكومية والشعبية والقطاع الخاص، التي دأبت على إقامة الغبقات خلال الشهر المبارك لإشاعة جو مميز ودافئ بين الموظفين والقياديين وضيوفهم”.

وقال د. صالح العجيري إن “كل مؤسسة من تلك المؤسسات، بدأت تبتكر في طريقة عرض الأجواء الرمضانية المختلفة لا سيما وأنها تعتبر من تراث الكويت الأصيل التي تحرص الأسرة الكويتية على إقامتها”، مضيفا أنها “غالبا ما تقام في أحد الفنادق”. وأصبحت “الغبقة الرمضانية”، في رأي العجيري، “سمة مميزة للكثير من هذه الجهات في الكويت ووسيلة لتجمع أبناء الجهة الواحدة ليتعارفوا ويتواصلوا مع بعضهم البعض ويتحدثوا في الكثير من الأمور الخاصة والعامة”.

ودأبت المؤسسات والشركات الكويتية في السنوات الأخيرة، على تنظيم “الغبقة الرمضانية”، في شكل حفلات ضخمة في الفنادق وقاعات الحفلات عقب صلاة التراويح، حيث تجمع العمال والموظفين وعائلاتهم على موائد الطعام بعيدا عن ضغط العمل. وتتيح “الغبقة” للموظفين، فرصة التلاقي والتعارف والسمر، مما يعزز الروابط الاجتماعية بين أفراد المؤسسة الواحدة، كما أنها فرصة لتكريم الموظفين المميزين، بحسب موظف في مؤسسة إعلامية.

وقال مدير علاقات عامة في شركة نفط كبرى “إن الشركة اعتادت مؤخرا استغلال شهر رمضان في تحديد يوم لـ’الغبقة الرمضانية’، تجمع فيه موظفيها حرصا على التواصل معهم بعيدا عن أجواء العمل الرسمية وضغوطها”. وأوضح، أن “الغبقة” تساهم في التواصل بين الموظفين والقياديين وتبادل الأحاديث الودية، وفي التعارف ما يعزز حبال الود والانسجام وينعكس إيجابا على العمل.

وليمة تفاخر

وبحسب المدير فإن “الغبقة عادة أصيلة لدى الكويتيين منذ سنوات، وإحياؤها في الشهر الفضيل، يهدف إلى المزيد من تذكر العادات الإيجابية في مجتمعنا، واللقاء بين أبناء الشركة في جو اجتماعي يقرّب بينهم ويكسر روتين العمل اليومي”.

وقالت موظفة في المجلس الوطني للفنون والآداب والثقافة، (حكومي) قالت إن “الغبقة الرمضانية مائدة عامرة ليس بالطعام فقط بل بالمشاعر والأفكار والأحاسيس الإنسانية”، مشيرة إلى أن “قيمتها الأهم في التواصل بين الناس”.

وأضافت أن هذه المناسبة  “تعمق الألفة والمودة والمحبة بين الموظفين من جهة وتجدّد اللقاء بينهم لا سيما حين يكون هناك أكثر من مكان لإدارات الجهة الواحدة، فالتواصل في غالب الأحيان يتم عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن في الغبقة هناك حميمية اللقاء المباشر في أجواء يسود فيها الإخاء والمحبة والعادات الأصيلة”.

وعن انعكاس ذلك على أجواء العمل، قالت الموظفة إن “مثل هذه المناسبات تخلق نوعا من الترابط الاجتماعي وبث روح الفريق الواحد وهذا أمر مهم للعمل”. بدورها قالت آلاء الكندري، وهي موظفة بإحدى شركات الهواتف الكبرى في البلاد، إن الغبقة الرمضانية “تعتبر فرصة لتجاذب أطراف الحديث وتبادل الآراء حول مختلف الموضوعات، لكن يطغى عليها الجانب الاجتماعي”.

ولفتت إلى أنها “تسهم في التعارف بين الموظفين لا سيما في الشركات التي نادرا ما يلتقي موظفوها لاتساعها”. ووفق الكندري، فإن “بعض زملاء العمل لا يحصل اللقاء بينهم طوال العام إلا مصادفة أو في مثل هذه المناسبات الاجتماعية التي دأبت الشركة على إحيائها”، مبينة أنها “تزيد من التماسك والترابط الاجتماعي بين الموظفين”.

وقال موظف في إحدى المؤسسات الإعلامية الكبرى، إن “مؤسسته تقيم الغبقة في رمضان المبارك لجمع الموظفين وعائلاتهم وزيادة التعارف والترابط بينهم”.

وأضاف أنه “من الأشياء الجميلة في الغبقة، فضلا عن أجواء الألفة، تكريم الموظفين المميزين تقديرا لدورهم الإيجابي مما يشجع البقية على مواصلة العمل وبذل الجهد للحصول على التكريم السنة المقبلة”.

والغبقة في السابق كانت عبارة عن أطباق الهريس، والقريش والنخي وهو “الحمص” وباجيلا وهي “الفول المطبوخ”، وبعض المقبلات مثل السمبوسة والكوبة بأنواعها وهي عبارة عن بطاطس مطحونة مع لحم، بالإضافة إلى الحلويات بأنواعها مثل كريم الكرميل والجيلي وبلح الشام والكنافة والقطايف وغيرها، وليس كما يحدث الآن من الإعداد لولائم كبيرة تصرف عليها مبالغ كبيرة للتفاخر.

القريش والهريس

ويعتبر القريش والهريس أهم طبق في الغبقة هو الهريس والقريش، والهريس يتكون من حب “القمح” يضاف إليه البعض من الدجاج أو اللحم والسمن

المصدر:

شبكة دروازة نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock