فواز الحسيني يكتب: التوحش الرقمي خطر رقمي وتحدي معلوماتي كبير!
في ظل التطور التقني وتنامي حجم تأثير برامج التواصل الإجتماعي، شكل هذا الأمر تحدي كبير أمام المعرفة كمفهوم يسهم في غرس القيم واكتساب السلوكيات، هذا يعني ان هناك تحولات قد تحدد لنا مفاهيم جديدة حول اشكال وانماط المعلومات السلبية التي تنتمي للسلسلة الجينية للإشاعة الالكترونية.
في مطلع عام 2017 قمت بالتركيز على فهم التحولات التي قد تطرأ على المعلومات، وكانت لي تساؤلات تطرح بين الحين والأخر على اساتذتي في القسم العلمي عندما كنت طالباً في علم المعلومات، وكذلك عبر حسابي الشخصي في مواقع التواصل الإجتماعي، ومن خلال اهتمامي البالغ بهذا الجانب تبلورت لدي وجهة نظر متواضعة تقول بأن هناك ثلاثة اشكال للمعلومات السلبية تتمثل بالاشاعة الالكترونية ،والغِر المعرفي، والمعلومات المغلوطة.
هناك تحولاً قد حدث للخارطة الجينية للمعلومات،هذه التشكيلات التي طرأت على المعلومات قد تذهب بنا نحو مسارات مختلفة فالاشاعة الالكترونية قد نختزلها في بث معلومات كاذبة مثل بلدية الكويت تفرض مخالفة مالية على من يبيع الخضار على الطريق بمقدار 500 دينار تناقل عدد كبير هذه الاشاعة في وسائل التواصل الاجتماعي دون الرجوع للحساب الرسمي لبلدية الكويت او وكالة الانباء كونا او جريدة الكويت اليوم او حساب وزارة الاعلام وهذا الامر يتطلب التعامل مع هذا النوع من الاشاعة الالكترونية في تصريح رسمي ينفي هذه الاشاعات الالكترونية.
اما “الغِر المعرفي” هو استعراض المعلومات المغلوطة بشكل علمي وتناولها في تسلسل منطقي يجعلها منطقية القبول مثال ذلك الفيديو الذي كان يتحدث عن ان المياة تموت وعودتها للحياة مرهون في وضعها في وعاء من الفخار وقد تم استعراض هذه المعلومات في تسلسل منطقي واسلوب علمي مما دفع الامر للاكاديميون المختصون في مراكز الابحاث من نفي هذه المعلومات
اما المعلومات المغلوطة هي المعلومات التي قد يدلي بها جهات او افراد تؤخذ محل اعتبار دون فحص موثوقية المحتوى وقد يتم اصدار موقف رسمي بناء على هذه المعلومات المغلوطة وغالبا ماقد يكون هذا الامر يحدث فيما بين الشركات او الجهات الرسمية نتيجة تقارير يشوبها مغلوطات او نقص في عملية التجميع او الاستعراض المعلوماتي ولنا في أزمة العمالة الفلبينية نموذجاً .
•التوحش الرقمي سلوك منحرف يعتمد على استثمار التطور التقني
وتزييف المحتوى المرئي:
لعلي هنا اطلق على هذا السلوك الرقمي مصطلح ” التوحش الرقمي ” وهو سلوك بشري يستخدم التطور التقني من أجل تقديم محتوى مرئي زائف يستهدف النيل من سمعة الأخرين او الجهات والمؤسسات، ومن خلال هذا المحتوى قد يصعب معرفة عدم مصداقية هذا العمل المتقن في تقديم مرئيات بها مغلوطات وحقائق مزيفة، كانت هناك تغريدات من قبل استاذ علم المعلومات في جامعة الملك سعود الدكتور سعد الزهري،وهو احد أكبر اعلام علم المعلومات في الوطن العربي وهو يعد احد ابرز المختصين في مجال المكتبات على مستوى العالم ، فقد استعرض صورتين تبين تمكن التقنية من اجراء التعديلات على الصور بشكل يسهم في تغيير جميع تفاصيلها وبناء صورة ذهنية وانطباع على هذا المشهد المغلوط، وحذر من هذا السلوك الرقمي الخطير ، فقد دفعني هذا الامر الى ان اتحدث عن الموضوع بشكل عميق وأن اضع مفاهيم و مصطلحات جديدة تتعامل مع هذه الظاهرة وهو مفهوم التوحش الرقمي.
•كيف نحد من ظاهرة التوحش الرقمي :
ممكن العمل على تقديم حزمة من الاجراءات التي قد تكافح هذا التوغل المعلوماتي المغلوط وذلك من خلال هذه الإجراءات المتمثلة في :
- تفعيل دور مؤسسات المجتمع في تبني نشر الثقافة المعلوماتية من أجل توعية منسوبيها ونشر مفاهيم الثقافة المعلوماتية في المجتمع
- إقامة مبادرات رقمية للتصدي لهذه السلوكيات من خلال التفاعل السريع في نفي هذا المحتوى الرقمي الزائف
- استحداث سياسات جديدة للشركات المالكة للبرامج الخاصة في التواصل الاجتماعي والاتصالات تفرض شروط استخدام وصلاحيات تمكن النظم الالية لها بالتعامل مع هذه الانحرافات الرقمية بحظرها واغلاق حساباتها واشتراكاتها ومسح محتواهاالمتاح للمستخدمين او المنشور على موقعها الشخصي .
- تفعيل دور المؤسسات التعليمية في تبني مقررات دراسية تسهم في تكوين الثقافة المعلوماتية للتصدي لهذا السلوك المعلوماتي المنحرف.
- سن تشريعات وقوانين تتعامل مع هذه السلوكيات السلبية في استخدام التقنيات والمعلومات للحد من انتشار هذه الجرائم المعلوماتية .
- عدم الإسهام في نشر المحتوى المرئي الخاص بالتوحش الرقمي وتفويت الفرصة على من يمارس هذا السلوك .
* مكونات التوحش الرقمي:
- توفر تقنيات حديثة وتطبيقات رقمية قادرة على معالجة الصور والفيديوهات والتحكم في شكلها.
- توفر سيناريو يرسم تفاصيل الرسالة المرئية للتوحش الرقمي.
- توفر وسائط نشر الكتروني قادره على البدء في نشر المحتوى الزائف للتوحش الرقمي.
- توفر بيئة حاضنة لهذا الانحراف المعلوماتي وذلك بسبب غياب دور الثقافة المعلوماتية.
إن مشكلة المعلومات تنحصر في عدم تفهم دور علم المعلومات في المجتمع لهذا تعاني كليات واقسام علم المعلومات من معضلة تفعيل دورها في المجتمع حيث لايتم تمكينها في مكافحة هذا السلوك المعلوماتي ولهذا قد نجد تحولات كبيرة قد تتشكل من استخدامات مغلوطة للتقنية او المعلومات قد تجعل عملية المعالجة اكثر تعقيداً، لهذا ارى ان تكون هناك مبادرات نحو نشر الثقافة المعلوماتية حتى نمنع إنتشار هذه الجرائم المعلوماتية والرقمية ونحد من وجود هذا السلوك الرقمي المنحرف،.يقول روزنشتين في كتابه (تاريخ العالم): إن أي وسيلة تسمح بتبادل المعلومات لهي سلاح ذو حدين، فقد تزيد من سرعة انحدار المجتمع نحو التقهقر والانهيار وقد تدفع به نحو التقدم والازدهار.