م. رعد الصالح: المشرع للقرار ابتغى السماح لأعضاء هيئتي التدريس والتدريب ممن يشغلون وظيفة قيادية بالتقدم للترقية بمفهومها العام من حيث المتطلبات والإجراءات
استغرب عضو رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب م. رعد الصالح من المعلومات الغير دقيقة التي تم تداولها مؤخرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول قرار مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب رقم 1944/2015 بشأن السماح لأعضاء هيئتي التدريس والتدريب الذين يتم انتدابهم لشغل وظائف قيادية في الدولة بدرجة (وكيل وزارة/ وكيل وزارة مساعد) بالتقدم للترقية خلال مدة شغلهم لهذه الوظائف القيادية وفقاً للإجراءات والنظم المعمول بها في الهيئة، مشيرا إلى أن بعض من تداولوا هذا الخبر قالوا بأن هذا القرار ينحصر فقط بالسماح للقياديين بالتقدم للترقية ولكن بشرط أن تكون جميع الأبحاث المطلوبة للترقية قد تم إنجازها ونشرها قبل ترك العضو لوظيفته الأكاديمية (عضو هيئة تدريس/ تدريب)، وبنوا على ذلك بأن أي بحث ينشره العضو خلال فترة شغله للوظيفة القيادية لا يعتد به استناداً للائحة الترقيات، التي نصت بالفقرة الثالثة من الشروط الواجب توافرها في الأبحاث المقدمة للترقية ما يلي (أن يكون البحث منشوراً أو مقبولاً للنشر خلال فترة شغل عضو هيئة التدريس للدرجة العلمية الحالية).
وقال الصالح ردا على ما تم تداوله أن هذا الفهم للائحة مغلوط، حيث أشاد بدايةً بهذا القرار الذي يساهم في تشجيع الكوادر العلمية الكويتية من أعضاء هيئتي التدريس والتدريب على شغل الوظائف القيادية ليكون لهم دوراً بارزاً كأصحاب قرار في نهضة الكويت, كما نود الإشارة إلى أن الأساس القانوني الذي ذهب إليه البعض بقولهم من أن جميع الأبحاث المطلوبة للترقية يجب أن يتم نشرها خلال فترة شغل العضو لوظيفة عضو هيئة التدريس أو التدريب, وأنه لا يعتد بالأبحاث التي ينشرها العضو خلال فترة شغله للوظيفة القيادية، هو أساس غير سليم من الناحية الواقعية والقانونية وذلك للأسباب التالية:-
1. أن القرار رقم 1944/2015 قد جاء بصيغة عامة (أن يتقدم للترقية) وعليه فلا يجوز التخصيص إلا بنص طبقاً للقاعدة القانونية (لا تخصيص إلا بنص). المطلوب أساسا بالرجوع إلى نص القانون ذاته وإعماله في حدود عبارة النص فإذا كانت واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد الشارع عن طريق التأويل. (قرار محكمة تمييز)
2. أن القرار رقم 1944/2015 سالف الذكر لا يعدو كونه قراراً كاشفاً للحق وليس منشأً له، لذلك إذا حصل لبس في فهم هذا القرار يتم الرجوع إلى الأصل وهو قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ، حيث جاء هذا القرار بناء على شكوى محالة من لجنة العرائض و الشكاوى بمجلس الأمة ، وقد طالب الشاكي وهو أحد أعضاء هيئة التدريس ممن يشغل وظيفة وكيل وزارة مساعد بالسماح له من عرض طلبه للترقية على الجهات المختصة بالهيئة, موضحا ((الترقية العلمية هي نتيجة طبيعية للمجهود البحثي للعضو سواء كان هذا المجهود أثناء القيام بعمله الأكاديمي أو في فترة توليه للوظيفة القيادية، خاصةً وأن تولي الوظائف القيادية يكون دائماً لفترة محددة)) ، فلو كان مجلس إدارة الهيئة يبتغي أن تكون الأبحاث منشورة قبل ترك الوظيفة كان لزاما تقييد نص القرار بما يفيد بذلك ، ولكن إطلاق النص بصيغته العامة يشير الى إن المشرع ابتغى السماح بالتقدم للترقية بمفهومها العام من حيث المتطلبات و الإجراءات.
3. الواقع العملي والذي يبين أن هناك حالات تمت فيها ترقية أعضاء من هيئة التدريس بجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب في فترة شغلهم لوظائف قيادية خارج أسوار كلاً من الجامعة والهيئة، ومن الأمثلة على ذلك أعضاء بمجلس الأمة، ومدير عام سابق للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
4. التفصيل الوارد بمرسوم نظام الخدمة المدنية لعام 1979 والقانون رقم 47 لسنة 2005. حيث أن القانون رقم (47) لسنة 2005 قد نص صراحةً في مادته الأولى على إنه ((استثناء من أحكام المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية والمرسوم في شان نظام الخدمة المدنية المشار إليهما لعضو هيئة التدريس بجامعة الكويت أو الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، الذي انتهت خدمته بمناسبة تعيينه في وظيفة عامة، او استقالته بمناسبة ترشيحه لعضوية مجلس الأمة، او المجلس البلدي، او انتخابه عضو بأي منهما او تعيينه بالمجلس البلدي العودة – عند طلبه بعد انتهاء مدة خدمته بهذه الجهات – لعمله كعضو هيئة التدريس في جهة عمله الأصلية، أيا كانت المدة ما بين تركه العمل بها والعودة إليها، على ان يجمع بين المرتب والمعاش التقاعدي)). و يتضح من هذا القانون إن عضو هيئة التدريس الذي ترك الخدمة، ليس زهداً في العمل الأكاديمي، ولكن لشغل وظيفة عامة ، و انتهت خدمته الجديدة فإن المصلحة العامة تقتضي إعادته إلى جهة عمله الأصلية حتى تستفيد الجامعة او الهيئة من خبرته العلمية والعملية، على أن تكون هذه العودة حقاً له دون أدنى اختيار للمؤسسة الأكاديمية التابع لها عضو هيئة التدريس وأيا كانت المدة التي تفصل ما بين تركه العمل بالجامعة أو الهيئة والعودة إليها ، استثناءً من الأصل المنصوص عليه في المادة (11) من مرسوم نظام الخدمة المدنية الصادر سنة 1979. وطبقاً لذلك يتضح وبجلاء إن المشرع في القانون رقم 47 لسنة 2005 سعى الى تشجيع عودة علاقة العمل الأكاديمي بين عضو هيئة التدريس المنتهية خدمته بمناسبة تعيينه في وظيفة قيادية، وعليه يكون عمل العضو بالوظيفية القيادية هو في حقيقة الأمر امتداداً لوظيفته كعضو هيئة تدريس وبذات الدرجة العلمية عند تركه للوظيفة.
5. إن عملية دعم التعليم وتطوره -التي يبتغيها المشرع -لا تتم ولا تكتمل إلا بالبحث العلمي، لذلك كان من أهم متطلبات عودة علاقة العمل الأكاديمي بين عضو هيئة التدريس وجهة عمله التي كانت قد انتهت خدمته لديها وفقأ للسابق ذكره اًلا تنقطع كذلك جهوده البحثية والعلمية في مجال عمله الأكاديمي وما يترتب على ذلك من آثار أهمها ترقيته العلمية وفقاً للتدرج العلمي المعمول به لدى مؤسسته الأكاديمية. ولما كان القانون رقم 47 لسنة 2005 اقتصر على الاستثنائيين الواردين على شرط المدة وموافقة الجهة الإدارية، في حين تظل باقي الأحكام الأخرى التي تضمنتها المادة (11) من مرسوم نظام الخدمة المدنية لسنة 1979، والتي منها جواز عودة الموظف على درجة أعلى من تلك التي كان يشغلها قبل تركه الخدمة، مما يفتح المجال للمؤسسة التعليمية -عملا وتطبيقا لما سبق -أن تسمح بالترقية إلى الدرجة الأعلى متى تقدم إليها عضو هيئة التدريس بطلب الترقية، وإصدار القرار اللازم بهذا الشأن وإن كان يشغل وظيفة قيادية.
وأشار الصالح إلى أنه ووفقا لما سبق وما يراه صحيحا من الناحية الواقعية والقانونية، أن المشرع للقرار رقم 1944/2015 ابتغى السماح لأعضاء هيئة التدريس ممن يشغلون وظيفة قيادية بالتقدم للترقية بمفهومها العام من حيث المتطلبات والإجراءات حاله حال عضو هيئة التدريس الذي على رأس عمله لأن عمل العضو بالوظيفية القيادية هو في حقيقة الأمر امتداداً لوظيفته كعضو هيئة تدريس وبذات الدرجة العلمية عند تركه للوظيفة.