د. بلقيس النجار تكتب: لنحمِ كويتنا من الشهادات المزوَّرة
أصبح من الضروري أن تسارع وزارة التربية والتعليم العالي إلى اتخاذ القرارات الحاسمة لإنقاذ التعليم في البلاد، خاصة بعد انتشار معلومات عن تزوير شهادات دراسية وشراء درجات علمية رفيعة من خارج الكويت، يتقلّد بعدها أولئك المزورون وظائف حساسة في الدولة.
وعلى الرغم من قوانين في «الخدمة المدنية» تهدف الى استبعاد هؤلاء المزورين عن الوظائف الحكومية، مثل اشتراط ألا يكون الموظف قد حصل على الشهادة العلمية وهو على رأس عمله، فإن هناك كثيراً من الموظفين أصبحوا بين ليلة وضحاها من خريجي الجامعات وأصحاب درجات علمية رفيعة، والخطر كل الخطر أن يكون بينهم المدرس والمهندس والمحامي وغير ذلك من المهن الفاعلة في المجتمع.
وقد كانت ــــ ولا تزال ــــ سياسة جامعة الكويت الصارمة في إرسال المبتعثين للحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه على مدى العقود الماضية بمنزلة الحصن المنيع الذي يحول دون تسرّب من لا يرقّى علميًا إلى كوادر اعضاء هيئة التدريس في الجامعة. فالمتقدم للبعثة في جامعة الكويت يخضع للفحص والتمحيص في شهادته الجامعية الأولى للتأكد من توافر الشروط العلمية المطلوبة لكل تخصّص، ومن ثم تتم المفاضلة بين المتقدمين وهم عادة ما يكونون ذوي كفاءات ومستويات علمية متميزة، إلا أن الالتزام بقيود الميزانية يحتم اختيار مبعوث واحد او عدد محدود جدًّا من المبعوثين. وعند الاختيار يوقع المبعوث تعهُّدًا بمتابعة دراسته وعدم تغيير التخصص عند الابتعاث الذي يكون عادة في إحدى الجامعات المعروفة، وبعد ذلك وفي مقر البعثة على مدى السنوات التالية تتم متابعة تحصيله الدراسي فصليًا أو سنويًا من قبل المكتب الثقافي الكويتي في بلد الابتعاث.
وتطبّق هذه المعايير والشروط حتى في تعيين أعضاء هيئة التدريس من خارج خطة البعثات، فليس كل من حصل على شهادة دكتوراه يكون قادرًا على التدريس أو عضو هيئة تدريس في جامعة الكويت. ونسترجع ما حدث قبل سنوات عدة عندما احتج بعض حمَلة الدكتوراه من خارج خطة البعثات بمساندة بعض نواب مجلس الأمة وطالبوا بتعيينهم كأعضاء هيئة تدريس في الجامعة لمجرد أنهم كويتيون غير مدركين أنهم سيخضعون لمعايير اختيار المبعوثين نفسها، وسيجري فحص درجاتهم في الإجازة الجامعية الأولى ومطابقتها للشروط المطلوبة.
إن التزام هذه المعايير الصارمة في اختيار أعضاء هيئة التدريس هو ما يميز جامعة الكويت ويحميها من تسرّب ذوي المؤهلات المشبوهة ومن هم أكاديميًا دون المستوى المطلوب في عضو هيئة التدريس.
لذا، فإن الواجب يحتم على وزارة التربية والتعليم العالي وديوان الخدمة المدنية أن يكونا أكثر صرامة في تحديد نوعية الجامعات التي يمكن للطالب او الموظف ان يكمل فيها دراسته، وأكثر تشدّدًا في متابعة تحصيله العلمي أولاً بأول، وذلك حماية لمستقبل المجتمع والدولة.