هذا العصر قد انتهى! |بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
نجحت مقدمة البرامج التليفزيونية الشهيرة أوبرا وينفرى فى أن تلهب حماس الملايين حول العالم بكلمتها التى ألقتها فى حفل توزيع جوائز الجولدن جلوبز والتى تحدثت فيها عن معاناة المرأة والتمييز ضدها من خلال تجارب شخصية عاشتها أوبرا مع والدتها التى كانت تخدم فى البيوت لتطعم أطفالها وكذلك تجارب لأشخاص آخرين كالأمريكية ذو البشرة السوداء ريسى تايلور والتى تم إغتصابها على أيدى 6 رجال بيض مسلحين اثناء عودتها لمنزلها فى عام 1944ولم يتم إدانة المجرمين من القضاء فى ولاية ألاباما مما حفز كثير من المنظمات الحقوقية لتخوض نضال كبير ضد التمييز والإعتداء على المرأة بكافة أنواعه .
وذكرت أيضاً أن كثير من النساء حول العالم واللائى لا نعرف أسمائهن مروا بتجارب مماثلة على الرغم من أنهن عاملات أقوياء فى المصانع والمزارع ومهندسات وطبيبات ومجندات فى الجيش ولكن معاناة المرأة تمثلت فى أنها عاشت فى عصر يحكمه رجال فاسدين أقوياء لا يسمحون للمرأة بالحديث أو الإعتراف بحقيقة.
ولكن نحن نقول لهم أن هذا العصر قد انتهى وتوقف ! وأن القوة فى أننا نملك القدرة على قول حقيقتنا …… إنتهى كلام أوبرا وينفرى والذى إستطاعت من خلاله أن تبث مشاعرها بعبارات قوية ومؤثرة أصابت كبد الحقيقة التى تعيشها نساء كثير حول العالم فى ظروف قاسية وصعبة ، تحدثت أمام الملايين بلسان حالهم وطالبت من كل مستمعيها رجالاً ونساءاً أن يقولوا ( وأنا أيضاً ) .
ما ذكرته أوبرا وينفرى كان على سبيل المثال وليس الحصر فالتمييز ضد المرأة موجود فى كل ثقافة وجغرافيا وعرق ودين وسياسة ومكان عمل ، موجود فى أروقة محاكم الأحوال الشخصية فى عالمنا العربى من أجل الطلاق أو النفقة أو حضانة الأطفال أو إثبات نسب ، موجود فى تزويج القاصرات والحرمان المبكرمن إستكمال مراحل التعليم أو المنع النهائى !! .
لقد إستطاعت المرأة فى المجتمعات الغربية أن تنتزع جزء كبير من حقوقها بالنضال مما أسهم فى تقدم هذه المجتمعات والإستفادة من قدراتها كنصف للمجتمع ولا تزال تناضل ، ولكن نبقى نحن فى عالمنا العربى والإسلامى نبحث عن الحد الأدنى من هذه الحقوق للمرأة لكى تساهم بفاعلية فى تقدم ونهضة مجتمعها ، وأن النظرة الذكورية للمرأة كخادمة ومربية أطفال فقط لن تفيد بل ستضر الجميع بلا إستثناء .
إن غلبة النزعة الذكورية على حقوق المرأة فى عالمنا العربى والإسلامى أدى إلى إختفاء دور المرأة فى الحياة العامة فقد ظهرت أصوات على إستحياء تطالب بحقوق المرأة لعل أبرزها كان فى مصر مطلع القرن الماضى على يد الشيخ محمد عبده وقاسم أمين والأخير ألف كتاباً إسمه (إصلاح أخلاق الأمة ) والذى كان يرى فيه أن النظام القائم على إستبداد الحاكم على المحكوم وإحتقار القوى للضعيف أو الغنى للفقير وإمتهان الرجل للمرأة هو نظام هرمى أدى إلى ظلم الحلقة الأضعف فى هذا التسلسل وهى المرأة الضعيفة وخاصة الفقيرات منهن مما أدى إلى فقدان حقوقها الضرورية وعدم القيام بدورها المطلوب فى المجتمع ،.
ولا نزال ندفع ثمن هذا الجمود والتعنت والحرمان من جهود نصف المجتمع ولا نتعلم من الغرب الذى تقدم علينا بسنين ضوئية لأنهم حقيقة أنصفوا أنفسهم وأعطوا كل ذى حقِ حقه ووقفت خير أمة أخرجت للناس فى موقف المتفرج لا تحرك ساكناً ولا تعترف بالقصور والخطأ ، ونسأل الله الهداية والرشاد وإنا لله وإنا إليه راجعون.