أحفادي والجاحظ! بقلم أ. د. لطيفة حسين الكندري
كتاب “الجاحظ وكتاب الحيوان: رحلة استكشافية ممتعة” ركيزة أساسية لحملة تعليمية عالمية، وهو بجميع المقاييس التربوية والفنية كتاب طريف لطبقة الأطفال. الكتاب أنيق وجديد ورفيع القدر ويباع بسعر معقول وهو من اصدار مؤسسة “ألف اختراع واختراع” في بريطانيا بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. ومن الأنشطة الموفقة التي شهدتها أرض المعارض في الآونة الأخيرة على هامش معرض الكتاب العربي عرض شخصية الجاحظ بأسلوب تعليمي وعبر عدة فعاليات إعلامية ممتعة جذبت الأطفال، وأضفت جمالا وابداعا لأجواء معرض الكتاب العربي.
اعتاد أحفادي (عبدالله وبدر ونورية) الذهاب مع أبيهم ناصر ملك وأمهم عائشة الملا إلى معرض الكتاب العربي وفي هذه السنة استمتعوا بركن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الخاص بالأطفال وكانت شخصية الجاحظ ظاهرة متميزة حيث شاهدوا معا ما يسعدهم ويثقفهم، ويشد انتباههم ويثير خيالهم الخصب.
وفي العام الماضي حالفهم الحظ أيضا فكانوا في نفس المعرض ونفس المكان مع شخصية الحسن بن الهيثم الرجل الذي اكتشف كيف نرى بأعيننا، ومر الأحفاد يومئذ بخبرة ثرية مطمئنة حيث شاهدوا جملة معروضات تفاعلية وبرامج تثقيفية، وحوارات حية، وورشات عمل مصممة تصميما جيدا . إن الأطفال في عالمنا العربي فعلا يتعطشون لكل كتاب رزين رصين ولكل فعالية تنير حياتهم فتوعية الناشئة قاطبة بشخصيات علمية تزيدهم حبا بطلب العلم والمعرفة، وتربطهم برفق باللغة العربية الفصحى، وتحببهم بروائع الحضارة الإسلامية، وتأخذ بأيديهم نحو الآفاق الإنسانية. ولئن كانت مكتبة الطفل العربي تعاني من فقر الكتب العلمية الفريدة انتاجا ومضمونا، فإن الكتب التجارية الهابطة المزيفة غزت الأسواق، واكتسحت رفوف المكتبات على نحو مخيف وأخذت طريقها للبيوت لتشكل أذهان الناشئة مما يتطلب مبادرات تأليفية رائدة تعيد لمكتبة الطفل شموخها ونشاطها وعزتها. شكرا من القلب لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي وكل مؤسسة تخدم المحتوى العربي بأسلوب تأليف الكتب وإنتاج الأفلام ، وعمل ورشات العمل التي تحترم كيان الطفل، وتستثمر خياله الخصب، وروحه الطاهرة الوثابة.
لقد فرحتُ جدا عندما استمعتُ إلى أحفادي وهم يتحدثون عن تجربتهم الثقافية القصيرة في صالات معرض الكتاب العربي في الأسبوع الماضي وجلستُ معهم مسرورة غاية السرور ، وأتابعهم وهم يحملون كتاب الجاحظ الذي يحث على الاستكشاف ويقوم بتوعية الناشئة بروعة عالم الحيوانات وضرورة حماية البيئة، وأهمية الاستمتاع بالطبيعة وشكر المولى سبحانه. كانوا غاية في الفرحة وهم يتحدثون عن تجربتهم الاستكشافية الشغوفة في معرض الكتاب وهذا بالنسبة لي – ولكل مهتم بالتربية والتعليم- النجاح الأكبر، والكنز الثمين المكنون الذي هو لب التربية والتعليم. إن الجاحظ – من دون جدال – رمز من رموز العلم والذكاء المتوقد، والدقة في الملاحظة والرشاقة في الكتابة والروح الطموحة وحب المرح وسعة الفكر. هذه الخصال التي نريدها لأبنائنا وبناتنا وقصة الجاحظ سوف أرويها -بمشيئة الله- لأحفادي الذين لم يذهبوا للمعرض في هذه السنة؛ محمد ناصر، وعبدالرحمن البشير، وفاطمة محمد…
إن الجيل الجديد بكل تأكيد شغوف ومبهور بالمعرفة الهادفة وملاحقة عصر الانفجار المعرفي، ومواكبة التدفق العلمي المقرون بالتقنية الحديثة…نريد للجيل الجديد أن يقتفي أثر المبدعين أينما كانوا ونقول لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي أحسنتم في انتقاء برامجكم وننتظر المزيد فالطفل العربي يريد أن يشبع نهمه المعرفي والمجال للأمانة واسع وآمالنا عريضة ومضيئة وخير خدمة نقدمها لمجتمعنا هو رفد الطفل بالنافع من العلوم والفنون والمعارف العربية والعالمية على حد سواء.