التأخر في اكتشاف «صعوبات التعلّم» يهدّد مستقبل الطلاب
- مدارس تفتقد متخصصين لإكتشافهم.. وآباء يخشون توقفهم عن الدراسة
- طلاب يعانون «صعوبات التعــــلم» متهمون بالكسل والغباء
يواجه الطلبة المصابون باضطراب صعوبات التعلم، الذين لم تشخص حالاتهم، تحديات متعددة في مسيرتهم التعليمية، لا تقتصر على ضعف التحصيل الأكاديمي، بل تمتد لتشمل تعرضهم للتوبيخ والمساءلة المستمرة من معلميهم أمام زملائهم، نتيجة أدائهم الدراسي الذي لا يرقى إلى مستوى أداء أقرانهم في الصفوف الدراسية، فضلاً عن نعتهم من قبل بعض نظرائهم بصفات قد تخلف ندوباً عميقة في نفسياتهم، ما ينعكس سلباً على سلوكياتهم، وعلاقتهم بمحيطهم، وقد يحول دون استمرارهم في العملية التعليمية. وبسبب ضرورة الوقوف على هذا الاضطراب، ومعالجة أسبابه في الوقت المناسب، طالب أخصائيو صعوبات تعلم بإخضاع طلبة المدارس الحكومية والخاصة للاختبار والتقييم، بدءاً من السنة الدراسية الأولى.
واقترحوا تشكيل لجنة مصغرة مكونة من أخصائي نفسي وتربوي في كل مدرسة، لإجراء اختبارات ومقابلات للطلبة في رياض الأطفال للوقوف على تلك الحالات، كما دعا ذوو طلبة ممن يعانون صعوبات في التعلم إلى توفير مختصين ومناهج مبسطة وخطط علاجية لأبنائهم.
وفيما أعرب آباء لطلاب مصابين بهذا الاضطراب عن خشيتهم من أن تتسبب معاناة أبنائهم في كراهيتهم للتعليم، والتوقف عن الدراسة، أكدت وزارة التربية والتعليم أنها وضعت خطة جديدة لتعليم وتقييم الطلبة الذين يعانون هذه المشكلة، والعمل على مساعدتهم على تخطي هذه المشكلة، وحمايتهم من آثارها، لافتة إلى أن فريق التربية الخاصة في كل منطقة تعليمية هو الجهة المختصة بتحديد مستوى صعوبات التعلم لدى الطلب، كما أنه المعني بصياغة التوصيات الخاصة بخطة تعليمهم وتقييمهم، وفقاً للخطة التربوية الفردية واللائحة العامة لتقييم الطلبة.
وتمثل صعوبات التعلم أحد أبرز أسباب حالات الضعف المستمر في المستوى التعليمي، إذ يكون الطفل أقل مستوى من حيث الفهم والاستيعاب ودرجة الذكاء من بقية زملائه في الصف بشكل واضح، ما يجعله مقارباً في درجة الذكاء لطلاب الصفوف الأصغر عمراً، ما يعني أن الطالب يظهر انخفاضاً واضحاً في واحدة أو أكثر من مهارات التعلم، كالقراءة والكتابة، أو التركيز، أو الاستماع، أو التفكير، أو النطق، أو الحساب، دون أن يكون لذلك أي صلة بإصابة الطفل بإعاقة ما، أو مشكلات نفسية، أو اجتماعية تحيط به.
وتفصيلاً، دعت المؤسس والمدير التنفيذي لمركز تعليم للتدريب وتطوير المهارات، شيرين النويس، إلى تشكيل لجنة مصغرة مكونة من تربوي وأخصائي نفسي، في كل مدرسة، لإجراء اختبارات للطلبة بهدف تحديد ذوي صعوبات التعلم من بينهم، على أن ينفذ ذلك الإجراء في سنوات التعليم المبكرة (من الروضة حتى الصف الثاني الابتدائي)، لافتة إلى أن الاكتشاف المبكر لصعوبات التعلم يسهل تطبيق العلاج وعدم ظهور سلوكيات مثل الهروب من المدرسة وتكوين رفقاء سوء.
خطة تدريس
قال مديرو مدارس في دبي إن الوزارة وضعت خطة لطلبة صعوبات التعلم، للنهوض بمستوياتهم التعليمية، لافتين إلى أن معلم الصف هو الأقدر على اكتشاف وجود مشكلة صعوبات التعلم لدى طلابه. كما أن انتقال طلبة صعوبات التعلم من صف إلى آخر دون علاج يجعلهم مضطربين سلوكياً، ويصيبهم بالانطوائية والعدوانية تجاه الآخرين.
وأكدوا أنهم يشددون على تجنب وصف هؤلاء الطلبة بـ«الغباء» لما يترتب على ذلك من تدهور في مستوياتهم التعليمية نتيجة إصابتهم بحالات نفسية سيئة، وشعورهم بأنهم منبوذون من جانب زملائهم ومعلميهم، لافتين إلى أن المعلمين مطالبون بالعمل على تقييم الطلبة في الصفوف الدراسية الأولى في المدارس الحكومية والخاصة، لتحديد من يعاني منهم صعوبات التعلم، تمهيداً لوضع برامج علاجية لهم.وذكروا أن وزارة التربية والتعليم عينت أخصائي صعوبات تعلم لكل مجموعة من المدارس، لمتابعة تنفيذ خطة التدريس الخاصة بهم من معلميهم، وتعريفهم بسبل التعامل السليمة مع هذه الفئة من الطلبة. وقالوا إن «تعيين أخصائي واحد لكل مجموعة مدارس راجع إلى قلة عدد هؤلاء الطلبة بالمدارس الحكومية».
مؤشرات صعوبات التعلم عند أطفال ما قبل الدراسة:
صعوبات النطق.
صعوبات إيجاد الكلمات المناسبة (محدودية المفردات).
صعوبات في الإنشاد.
صعوبات في تعلم الحروف والأرقام والألوان والأشكال وأيام الأسبوع.
صعوبة في اتباع وتنفيذ الأوامر أو تعلم الروتينيات.
صعوبة في التحكم في الأقلام والألوان والمقصات أو التلوين داخل الخطوط المحددة.
صعوبة في إغلاق الأزرار أو السحاب أو كيفية ربط الحذاء.
في عمر 5 – 9 سنوات:
صعوبة تعلم العلاقة بين الحروف والأصوات.
صعوبة دمج الأصوات لتكوين كلمات.
اضطراب نطق الكلمات الأساسية عند القراءة.
استمرارية الأخطاء في التهجي وعمل أخطاء متكررة في القراءة.
صعوبة تعلم أساسيات الحساب.
صعوبة تحديد الوقت أو تعلم التسلسل وتذكره.
البطء في تعلم المهارات الجديدة.
• أخصائيون يقترحون إنشاء لجان لاكتشاف «صعوبات التعلم» عند الطلبة.
• خبراء: التشخيص المبكر يسهل العلاج ويمنع ظهور سلوكيات غير مرغوب فيها.
• كثافة المناهج تمنع المعلمين من التركيز على طلبة صعوبات التعلم الموجودين في صفوفهم.
وتابعت: «كثير من ذوي طلبة هذه الفئة لا يتقبلون فكرة وجود صعوبات تعلم لدى أطفالهم، ويصرون على تعليمهم كالأطفال الآخرين، ما يحرمهم الالتحاق بالبرامج المخصصة لهذه الفئة، وهي متوافرة في بعض المدارس».
وأكدت النويس أن «عدم وجود اختبارات تشخيصية مبكرة في مرحلة ما قبل المدرسة، وتأخر اكتشاف الصعوبة عند الطفل إلى سن متأخرة، يزيد الوضع سوءاً، إذ يترتب عليه والسخرية من الطفل في المنزل والمدرسة والمجتمع، واتهامه بالغباء والكسل، وقد يطرد من المدرسة».
وفي ما يتعلق بما يواجه هذه الفئة من الطلبة في ظل المناهج الجديدة، أوضحت أن المناهج تتسم بكثافتها وطولها، ما يجبر المعلم على الإسراع في تغطيتها قبل انتهاء الفصل الدراسي، الأمر الذي يمنعهم من التركيز على طلبة صعوبات التعلم الموجودين في صفوفهم.
غياب برامج التوعية وحذرت أخصائية الإعاقة ومديرة مركز «سيدرا لصعوبات التعليم»، باسمة الحجلي، من خطورة غياب الكشف المبكر عن حالات صعوبات التعلم، إذ تؤدي تلك المشكلة إلى وجود طلاب مضطربين سلوكياً، وفاقدين للمهارات التعليمية الأساسية على الرغم من كونهم في صفوف متقدمة.
وطالبت بإخضاع الطلاب للاختبار بدءاً من السنة الدراسية الأولى، لاكتشاف من يعانون اضطراب صعوبات التعلم، ووضع خطط علاجية مبكرة لهم.
ولفتت الحجلي إلى أن «هذا النوع من الاضطرابات لا يمكن اكتشافه إلا بعد دخول المدرسة، خصوصاً الحلقة الأولى»، مضيفة أن «أغلبية الطلاب الذين يقصدون المركز للعلاج، يأتون في الصف السادس أو السابع، الأمر الذي يعد متأخراً». واعتبرت أن «المشكلة الكبرى تكمن في غياب برامج التوعية والكشف على الطلاب في المدارس الحكومية والخاصة، حيث أدى الترفيع التلقائي للطلاب في الحلقة الأولى في المدارس الحكومية إلى وصول طلاب لمراحل دراسية متقدمة، على الرغم من افتقادهم مهارة القراءة والكتابة».
كما شددت على ضرورة مواجهة المشكلة بجرأة وشفافية، وإعادة الطلاب الذين يثبت تأخر مستواهم عن الصفوف التي وصلوا إليها إلى الصفوف التي تناسبهم، مشيرة إلى استغلال مدارس خاصة ذوي هؤلاء الطلبة بشكل مبالغ فيه، من خلال الزعم أنها أنشأت صفوفاً للتربية الخاصة، دون توفير اختصاصيين لهذه الحالات، ما يعني بقاء المشكلة وتفاقمها.
بسيطة ومتوسطة وشديدة
أفادت وزارة التربية والتعليم بأنها وضعت خطة تشمل 15 مادة دراسية، للارتقاء بمستويات الطلبة ممن لديهم صعوبات تعلم، وعممتها على المدارس. وقسمت خطة الوزارة صعوبات التعلم إلى فئتين؛ متوسطة وشديدة، مشيرة إلى أن فريق التربية الخاصة بكل منطقة تعليمية هو الجهة المختصة بتحديد مستوى صعوبات التعلم لدى الطلبة، إضافة إلى أنه المعني بصياغة التوصيات الخاصة بخطة تعليمهم وتقييمهم.
وذكرت الوزارة أن خطة التعليم للفئة الأولى تضمنت تطبيق المهارات والمعارف المقررة في المنهج لعموم الطلبة مع عمل بعض المواءمات المناسبة في المنهج، وإجراء بعض التكليفات في البيئة الصفية، وكذلك صياغة التدريبات والتمارين والأنشطة بشكل أبسط وأسهل عن بقية الطلاب لتقيس المهارات الأساسية للتفكير كالمعرفة والاستيعاب والفهم، والتطبيق، أما مهارات التفكير العليا كالتحليل والتركيب والتقييم فيراعى البدء معهم من المستوى البسيط إلى المركب، إضافة إلى تحديد أنشطة ومهارات تتناسب ومستوى الصعوبة في التعلم، وتكييف الأنشطة والمهارات الرياضية والصحية وفق قدرات الطالب ومستوى الصعوبة في التعلم، ووضع أنشطة ومهارات حرة تناسب مستوى الصعوبة في التعلم.
وأضافت: «بالنسبة لصعوبات التعلم الشديدة، تم وضع خطة تربوية فردية في المواد التي يجد فيها الطالب صعوبات تعليمية، تتضمن مجموعة مختارة من المهارات والمعارف المقررة بالمنهج العام للطلبة، إضافة إلى الابتعاد عن المفاهيم والمفردات المجردة (غير المحسوسة) التي يجد الطالب صعوبة في فهمها والتعبير عنها، وتنويع أساليب التدريس بشكل يتناسب والمدخل الحسي للطالب، وتنويع الاستراتيجيات المستخدمة (كالتوجيه اللفظي والحوار والنقاش والمحاكاة والنمذجة ولعب الأدوار والقصص والخبرة المباشرة)، وتحديد أنشطة ومهارات تتناسب ومستوى الصعوبة في التعلم، وتكييف الأنشطة الرياضية والصحة وفق قدرات الطالب ومستوى الصعوبة في التعلم». وأوضحت الوزارة أن تقييم طلبة صعوبات التعلم، يشمل تقييم المعلم، إذ يكون التقييم وفق الخطة التربوية الفردية للطالب، ومراعاة اعتبارات التقييم لحالات صعوبات التعلم المتوسطة والشديدة، ويراعى عند توزيع درجات التقييم المستمر للطالب أن يكون الحد الأعلى للدرجات في المجالات التي تمثل جوانب القوة لديه، أما التقييم الختامي فيكون وفق الخطة التربوية الفردية للطالب، مع مراعاة اعتبارات التقييم لحالات صعوبات التعلم المتوسطة والشديدة.
ناجحون بلا مهارات
أعرب ذوو طلبة يعانون اضطراب صعوبات التعلم عن خشيتهم من أن يهجر أبناؤهم الدراسة، بسبب شعورهم بأنهم أقل من زملائهم، مطالبين بوضع مناهج خاصة بهم.
وأكدت «أم أحمد»، وهي أم لطالب من فئة «بطيئي التعلم»، أن ابنها وصل إلى الصف السابع في مدرسة حكومية بعجمان، وهو غير قادر على القراءة والكتابة، فضلاً عن افتقاده مهارات تعليمية أساسية، عازية ذلك إلى «عدم جاهزية المعلمين والمدارس للتعامل مع الطلاب ذوي القدرات العقلية المتواضعة، إضافة إلى عدم ملاءمة المناهج التي تدرس لهم لإمكاناتهم العقلية».
وقالت إن «المناهج الجديدة زادت الأمر صعوبة»، مطالبة بـ«توفير مناهج مخففة تتناسب مع مستوى بطيئي التعلم، وبتعيين مختصين قادرين على التعامل معهم، إذ تتعامل معهم المدارس على أنهم من أصحاب الهمم».
وأكدت ضرورة تعويضهم عما فاتهم في الصفوف السابقة من خلال برامج وحصص مكثفة، يقدمها لهم مختصون، لافتة إلى أن ابنها «يمتلك القدرة على التطور مقارنة بمن هم في مرحلته العمرية، متى وجد المعلم المناسب والمنهاج الملائم».
وشرحت أن ابنها يدرس في صف يضم نحو 30 طالباً، لا يمكن لأي معلم أن ينتبه لهم جميعاً ويعطيهم الاهتمام المطلوب، الأمر الذي ينتج عنه وجود هذه المشكلة، لافتة إلى ضرورة تأليف مناهج خاصة لهذه الفئة من الطلبة، وطرائق تدريس متخصصة، وتوفير معلمين مدربين للتعامل معهم في كل مدرسة، وتطوير البيئة المدرسية لتصبح حاضنة لهم، ومحفزة على التعلم.
وقالت «أم نور»، وهي أم لطالب يدرس بالصف السابع في مدرسة خاصة، إنها لم تكتشف أن ابنها يعاني صعوبات التعلم إلا أخيراً، خصوصاً مهارات القراءة والكتابة، مشيرة إلى أنه ينجح كل عام وينتقل من صف إلى آخر.
وطالبت بإلزام المدارس الخاصة بتعيين مختصين للتعامل مع هذه الحالات واكتشافها في وقت مبكر، خصوصاً أنها تتقاضى رسوماً مالية تتطلب تقديم خدمات تعليمية مميزة، فضلاً عن توفير فصول خاصة لهم، وفصلهم عن زملائهم حتى يتمكنوا من التعلم دون شعور بالفارق الكبير.
وشكا «أبوفراس»، وهو والد طالب من الفئة نفسها، أن ابنه يعاني ضعف الاستيعاب، وتدني مستوى الفهم داخل الفصل الدراسي، مؤكداً حاجته إلى برامج خاصة من الوزارة حتى لا يتقدم في العمر دون أن يحقق أي تطور، لافتاً إلى تأثر ابنه نفسياً إلى حد كبير جراء هذه المشكلة.
«المعرفة»: عقد ولي الأمر يشترط تزويد المدرسة بتقرير طبي عن الطالب
أفادت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي بأن عقد المدرسة وولي أمر الطالب، يشترط تزويد المدرسة بنسخ عن التقارير الطبية والنفسية والتعليمية الخاصة المتعلقة بالطالب قبل التحاقه بالمدرسة، بهدف تقديم أفضل الخدمات التعليمية للطلبة. كما يشتمل على تفاصيل الخدمات المقدمة لهذه الفئة من الطلبة لضمان حقوقهم.
وتابعت الهيئة أن دليل الرقابة المدرسية في دبي فرض على المدارس الخاصة ضرورة تطوير قدراتها الداخلية، على نحو يتيح لها إزالة العوائق التي تحد من إنجازات الطلبة ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة وأصحاب الهمم، وتقلل من الخبرات التعليمية التي يحصلون عليها. كما فرض على القيادات المدرسية ومجالس الأمناء ضرورة إعداد وتنفيذ سياسات تدعم الخدمات والممارسات التعليمية المتعلقة بدمج هذه الفئة من الطلبة، بما يضمن عدم تضررهم أو حرمانهم أي فرص أو خدمات أو خبرات تعليمية.
وأضافت أن فريقاً من المقيمين التربويين يتولى إصدار تقييمات دقيقة لمدى فعالية الأنشطة التعليمية، التي تقدمها المدرسة لطلبتها ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة وأصحاب الهمم
المصدر:
الإمارات اليوم