اللهجة العامية الكويتية تزخر بمفردات قديمة ذات أصول عربية فصيحة
تزخر اللهجة العامية الكويتية بمفردات وألفاظ ذات أصول عربية فصيحة مدونة في المعاجم والقواميس القديمة ومازالت مستعملة إلى يومنا هذا دون تحريف أو تصحيف إلا ما ندر.
وحول هذا الموضوع ألف الباحث في التراث الكويتي خالد سالم محمد كتابه (من العامية الفصيحة في اللهجة الكويتية) جمع فيه العشرات من المفردات المحلية وأصلها العربي ومنها كلمة (لبد) على سبيل المثال وتعني بالعامية “اختبا وكمن في مكان ما لكي يفاجئ من يريد أو كي يختبئ عنه” ومنها ظهرت لعبة (اللبيدة) الشعبية التي كان يلعبها الأطفال قديما وتعتمد على الاختفاء في أحد أركان أو زوايا البيت وكلمة (لبد) تعني في (القاموس العربي) “أقام ولزق لا يبرح منزله ولايطلب معاشا”.
وجاء في الكتاب أن كلمة (أثول) على سبيل المثال وتعني بالمحلية “بليد حائر مضطرب الحركة وأحمق قليل الفهم ” تعني في (القاموس المحيط) (الأثول) أي “المجنون والأحمق والبطيء النضرة والبطيء الخير والعمل” في حين قال الشاعر العربي الكميت بن زيد “تلقى الأمان على حياض محمد ثولاء مخرفة وذئب أطلس”.
أما كلمة (انثبر) التي فسرها الباحث بأنها لفظة “تأنيب وزجر” تقال للطفل وغيره إذا طلب منه أن يكف عن الحديث ويجلس ولا يتدخل في ما لا يعنيه ولا يبدي رأيا خصوصا في حضور الأكبر منه سنا فيرجع أصلها إلى اللغة العربية الفصيحة وهي (الثبر) بمعنى “الحبس والمنع والصرف عن الأمر” إذ ورد في كتاب (تاج العروس) أن العرب كانت تقول (ما أثبرك عن هذا الأمر)أي ما منعك.
ومن المفردات الكويتية القديمة أيضا (ايهبا) وهي لفظة تحدي واحتقار واستهزاء فيقول الشخص للاخر إذا تحداه في أمر ما (اتهبا) بمعنى إنك أقل من أن تأتي بهذا الأمر قبلي أو تفعله وبالفصحى ترجع الكلمة الى لفظ (الهبهبة).
أما كلمة (باق) وتعني سرق وهي من الكلمات الرائجة في اللهجة المحلية ويطلق على السارق (بواق) فقد وردت في قاموس (تاج العروس) عن ابن عواد “باق القوم بوقا أي سرقهم “.
ويدلل الباحث على فصاحة كلمة (بطالي) وهي تطلق على الشخص الذي ليس له عمل والمتسكع في الطرقات والأسواق ومجازا على الشخص سيئ السلوك بأنها جاءت في كتاب (طبقات الشافعية) ” ثم استقر بطالا في بيته إلى أن توفى”.
وتأتي كلمة (كارا) بمعنى استأجر فيقال “فلان كارا فلان “كي يحمل عنه أو ينقل أغراضه إلى مكان آخر وتعني (الكروة) وهي الأجرة وفي (القاموس المحيط) ورد لفظ (الكروة والكراء) فكان يقال عند العرب “أجرة المستأجر كارا مكاراة وكرا”. أما كلمة (كود) فيطلقها أهل الكويت على كل ما يجمع من تراب أو رمل أو صخر أو أي شيء آخر وقد ورد أصل الكلمة في (تاج العروس) بمعنى (كل ما جمعت من تراب وطعام ونحوه وجعلته كثبا وجمعها أكواد وكودة).
أما وصف (امزهلق) الذي يطلقه الكويتيون على الشخص الأنيق نظيف الملبس وحسن الهيئة وعلى بعض الاشياء الجميلة فيقال على سبيل المثال “هذه البضاعة مزهلقة ” أي منمقة ومرتبة وفي (القاموس المحيط) (الزهلقة) تعني تبييض الثوب.
ومن (الشقردي) التي تعني الشخص المطيع السريع في تلبية الأوامر جاء في (القاموس المحيط) لفظ (الشربذي) بمعنى “السريع من الإبل” وهي صفة تطلق على الحيوان عموما أما لفظ (هاب ريح) فهي تطلق على الإنسان وتعني السريع في العمل والحركة وفي (جمهرة اللغة) ورد لفظ (الهبهبة) وتعني السرعة والخفة.
ويطلق على الشخص المتأنق في ملبسه وصاحب المركز العالي كلمة (جخ) فيقال فلان (جخ) وترادفها بالمعنى كلمة فلان (ريش) بمعنى أن آثار النعمة ظاهرة عليه ويملك أموالا فنقول أيضا فلان (مريش) وفي (جمهرة اللغة) لإبن دريد “وتريش الرجل أي حسنت أحواله”.
ومن الألفاظ الشعبية القديمة التي كان ولا يزال يتداولها أهل الكويت كلمة (خري مري) وهي كناية عن الفوضى وعدم النظام و(الخري) في اللغة العربية تعني الشيء الذي يخر أي من (الخرير) ويسقط أما (مري) فهو الذي يمر ويذهب إلى حال سبيله واللفظتان ترمزان إلى عدم الضبط والربط.
أما كلمة (ربربة) فتعني كثرة الكلام والصياح والمجادلة بلا فائدة وأصلها الفصيح من كلمة (بربرة) ومثلها أيضا تأتي كلمة (هذر) أما كلمة (رطن) فهي التكلم بلغة غير العربية وغالبا ما تكون غير مفهومة للسامع وفي معجم (القاموس المحيط) تعني الكلام بالأعجمية.
وبين الباحث خالد سالم أن هناك عدة كلمات كويتية تستخدم للدلالة على الصيت الحسن والشهرة والمجد كلفظ (شنة ورنة) وفي قاموس (تاج العروس) فإن (الشنة) هي القربة الصغيرة وكلمة (صيت) أي الشهرة والمكانة الاجتماعية العالية.
وقال سالم إن من الكلمات الكويتية المعروفة (صكة) أي حدوث معركة بين أفراد أو مجموعة من الناس فيقال “صارت بينهم صكة” أي نزاع شديد ويقال أيضا (صكة القايلة) أي إن الشيء حدث في شدة الحر وقت الظهيرة وأما (صك الباب) فتعني أغلقه وفي القاموس المحيط فإن (اصك الشي صكا) أي ضربه ضربا شديدا.
كما يطلق الكويتيون على الإنسان الكريم الذي لايبخل في بذل العطاء للمحتاج لفظ (صخي) وبالفصحى تأتي من السخاء وتخالفها بالمعنى لفظ (قحط) فتعني البخيل والأناني الذي لا يعطي من طعامه شيئا للآخرين وهي من ألفاظ الأطفال وفي (القاموس المحيط) يطلق على الشخص البخيل لفظ (القحطي).
ويعد كل ماسبق غيض من فيض الكلمات العامية الكويتية التي تداولها أهل الكويت قديما وما زال بعضها شائعا الى الآن ويرجع أصلها الى اللغة العربية الفصحى. (كونا)