كيف استفادت شركات التكنولوجيا من الخيال العلمي؟
اختراعات كثيرة حولت ما كان يُعتقد أنه خيال إلى واقع – (أرشيفية)
في عام 1964 توقع أحد الساسة البريطانيين آرثر كلارك تمكن البشر من التواصل مع أصدقائهم بشكل فوري في أي مكان دون حتى معرفة أماكن وجودهم بحلول عام 2000، كما توقع ألا تسبب المسافات عوائق لإنجاز أي شيء بحيث يمكن تنفيذ مهام وظيفية أو عملية من أي مكان.
ولم يتوقف الأمر عند التكهن بوجود وسيلة تواصل مثل «سكايب» والإنترنت، بل أيضاً وجود قرود معدلة جينيا ومدربة بحيث يمكن استغلالها في إنجاز مهام بشرية. وتناولت «فايننشال تايمز» في تقرير مدى ما ذهب إليه العلماء والكُتاب في تنبؤاتهم بحيث لم تكن مجرد خيال علمي، بل أصبحت واقعا تستفيد منه الشركات والشعوب.
ولجأت بعض الشركات إلى توظيف علماء محترفين يمكنهم التنبؤ بأفكار مستقبلية وما سيكون عليه العالم في غضون عشرين وثلاثين وخمسين عاما.
لا يتعلق الأمر بتوقع حدوث شيء، ولكن بالتفكير حول احتمالات وزيادة الوعي تجاه شيء والقدرة على تكيف الشركة التي يعمل لديها مع الحدث المتوقع.
انتشرت مؤلفات وأفكار للتكهن بالمستقبل بين الكتاب والعلماء وانتقلت هذه التوقعات إلى أفلام الخيال العلمي، كما أن جامعات عالمية من تكساس إلى برلين تعلم دراسات عن المستقبل، وتكون شركات فرقا من المتنبئين لمساعدتها على الاستعداد لما هو قادم.
ومن بين الشركات التي عينت موظفين للتنبؤ بأحداث وأفكار مستقبلية ومدى تغير العالم فولكس فاغن وكابيتال وان وهيرشي وأنسيستري دوت كوم.
ولا يطلق هؤلاء الموظفون تكهنات دقيقة لمجرد المعرفة بما سيحدث في المستقبل، ولكنهم يحددون بعض الاحتمالات الإيجابية والسلبية التي يمكن أن تقع مع تحديد إطارات عمل لكيفية مواجهتها والاستعداد لها.
وعُين المحاضر بجامعة أريزونا بريان جونسون لدى إنتل بين عامي 2009 و2016 للتنبؤ بأي أحداث محتملة، وعندما بدأ عمله، رأى كثيرون الأمر غريبا.
وأفاد جونسون بأن وظيفته لم تكن التكهن بتقنيات مستقبلية، ولكن بإطلاق أفكار مختلفة عن كيفية استخدام التكنولوجيا، ومن أجل عمل ذلك، كان عليه التواصل مع أساتذة علم الاجتماع وفهم آليات ثقافية واجتماعية وسلوكيات بشرية ربما تؤثر على إنتل في المستقبل.
وعمل جونسون مع مؤلفي سيناريوهات أفلام خيال علمي من أجل مساعدته على جمع أفكار تفيده في مجاله لا سيما الأفكار غير التقليدية.
مواجهة المخاوف
وأوضح أحد مؤلفي كتب الخيال العلمي تيم موجان أنه يعمل لدى حكومات وشركات من أجل رسم أفكار ورؤية عن المجتمع في المستقبل، مشيرا إلى أن عمله ككاتب يحفز على إيجاد أفكار عما سيحدث في العصر القادم.
وأكد موجان أن الأمر لا يتعلق بمدى صحة أو خطأ التكهنات، بل إن هذا العمل يسهم في مواجهة المخاوف الحالية من خلال التطلع نحو القادم، فلو كان هناك قلق من «أوبر» على سبيل المثال، فإن أفضل طريقة لمواجهة القلق هي التكهن بما سيحدث من قيود تنظيمية وقواعد تسهم في درء المخاوف.
وكان المتوقعون لدى راند كوربوريشن وشل في ستينات وسبعينات القرن الماضي من بين أوائل الأشخاص الذين يطبقون مناهج وأساليب وإجراءات وآراء من أجل الحصول على توقعات شبه دقيقة في السياسة والاقتصاد والبيئة.
وبالطبع لا تسير الأمور بعشوائية، فهناك أدوات يستخدمها هؤلاء من أجل طرح أفكار تفيدهم في المستقبل مع وضع سيناريوهات محتملة لتوقع الإيجابيات وتجنب السلبيات وزيادة المبتكرات والإبداعات وتحسين التنافسية. (ارقام)