وللنسيان فوائد أيضاً!
ترتبط صورة المخترعين والفلاسفة لدى الكثيرين بشرود الذهن. التجسيد الأبرز لهذا الأمر يتمثل على ما يبدو في عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتين،ع الذي عُرف في فترةٍ من حياته بأنه كثير النسيان على الرغم من ذكائه الشديد.
ولأمدٍ طويل، أثار هذا التزاوج بين ضعف الذاكرة والعبقرية حيرة علماء الأعصاب ممن رأوا أن كثرة النسيان تشكل قصوراً في قدرات المخ.
غير أن دراسةً جديدة خَلُصَتْ إلى نتائج ربما ستنهي هذا الجدل، بعدما اكتشف القائمون على إجرائها إن النسيان يشكل عاملاً رئيسياً في عملية التعلم.
وأظهرت الدراسة -التي اعتمدت على تحليل نتائج أبحاث سابقة جرت في هذا الشأن- أن وظيفة الذاكرة لا تتمثل في تذكر كل المعلومات والوقائع، وإنما استرجاع المفيد والمهم منها لاتخاذ قراراتٍ صائبة تعين الإنسان على التعامل مع ما يواجهه من مشكلات.
وأفادت النتائج بأن نسيان معلومةٍ ما لا يعني قصوراً في قدرات المخ، وإنما قد يشير إلى محاولته الجاهدة لإبعاد ذكرياتٍ بعينها عن الطريق، بهدف التركيز على أمورٍ أكثر أهمية.
وقال البروفيسور بليك ريتشاردس من جامعة تورنتو الكندية، وهو أحد معدي الدراسة، إنه من المهم أن ينسى المخ التفاصيل التي لا لزوم لها، وأن يركز بدلاً من ذلك على المعلومات التي ستساعد صاحبه على اتخاذ القرارات الضرورية بالنسبة له.
وأضاف أن الاحتفاظ بكل التفاصيل التي تختزنها ذاكرة المرة سيجعل من العسير عليه «الوصول إلى قرارات مستنيرة».
وبينما ركزت الأبحاث السابقة التي تناولت مسألة قوة الذاكرة على «مدى ثبات المعلومات» في الذهن، أشار الباحثون الذين أجروا الدراسة الجديدة إلى أنهم يفترضون أن التفاعل بين «ثبات المعلومات وزوالها (من الذاكرة) هو ما يسمح باتخاذ قرارات ذكية في بيئات صاخبة ومتحركة».
ونقلت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن الورقة البحثية، التي أعدها هؤلاء الخبراء، إشارتها إلى أن زوال المعلومات من الذهن، أو نسيانها بالأحرى، يجعل الذاكرة أكثر مرونة لأنه يقلل تأثير «المعلومات التي عفا عليها الزمن على عملية اتخاذ القرارات» التي يُعتمد فيها على استدعاء الخبرات السابقة.
المصدر:
مواقع