أخبار منوعة

المكتب الثقافي المصري ناقش «دور الاستعارة والمجاز في المغالطات المنطقية»

تحت رعاية وحضور السفير المصري في الكويت ياسر عاطف، أقام المكتب الثقافي ندوة تحت عنوان «دور المجاز والاستعارة الفلسفي.. كتاب المغالطات نموذجا» حيث ناقش كل من د.عادل مصطفى ود.أيمن بكر المغالطات المنطقية التي تهيمن وتشكل الكثير من ممارسات الحياة اليومية ودور المجاز والاستعارة فيها، وتحدث السفير المصري في بداية الندوة مرحبا بالضيوف، مشيدا بموضوع الندوة التي تساهم كثيرا في فهم المواقف المختلفة والخطاب العام، واشاد بأطروحة د.عادل مصطفى في هذا الشأن، كما رحب الملحق الثقافي د.نبيل بهجت بالضيوف، مشيدا بالدور الفاعل لهما، مؤكدا على أهمية التواصل المستمر بين المفكرين والجمهور من خلال مثل هذه اللقاءات.

وقال د.أيمن بكر ان المغالطات المنطقية تأتي من كلمة «زيف»، وهي جديرة بالتعريف لأن زيفها لا يبتدئ على أسطح، بل هو خفي مستتر تحت غشاء موهم من التماسك المنطقي، وهي تعادل الخطأ المعوق في التفكير، كما انها تقود إلى شيء غير معقول، أي غير قابل للتعرف إليه واستيعابه بأدوات العقل ولهذا يمكن وصف المغالطة «لا منطق» واخطر ما يستر المغالطة المنطقية في ثقافتنا هو البلاغة والأداء الشفوي للأفكار.

واضاف: وكي يتضح دور د.عادل مصطفى في كتابه «المغالطات المنطقية»، يجب اولا ان نقف عند فكره عن دور المثقف، وان يقوم المثقف المتفاعل مع ثقافته بقراءة الاوضاع الثقافية، موضحا انه اختار قضية المغالطات المنطقية في واحدة من ذروات اللاعقلانية التي تشهدها الثقافة العربية والتي أظنها بدأت في السبعينيات وواصلت صعودها خلال الثمانينيات والتسعينيات وهي «ازمة الفكر الظلامي»، مشيرا الى ان المغالطات المنطقية هي اهم معول هدم للعقلانية وهي كنتيجة من اهم دعائم الفكر المتطرف الداعي للكراهية والعنصرية والطائفية.

وتابع: الوضع في الثقافة العربية مختلف، فنحن نمارس اعاقة مستمرة لحركة التاريخ: للثقافة والمنهج العلمي والفكر الفلسفي، ومن أهم أسلحة هذه الإعاقة سلاح المغالطات المنطقية التي تهدر الطاقة في الاتجاه الخاطئ، خاصة حين يمارسها أشخاص من ذوي السلطة الاجتماعية او السياسية كمذيعي البرامج او المحللين غير المتعمقين او السياسيين من اصحاب القرار، ولا يفطن كثير من الكتاب إلى أهمية اللغة والأدب في التعبير الفلسفي الدقيق والقويم، وتشيع بينهم فكرة أن العبرة دائما هي بصواب الحجة من الوجهة المنطقية الخالصة، فما دامت الحجة منطقية صائبة فلن يزيدها شيئا جمال الأسلوب الذي يعبر عنها، ولن يؤثر في فعاليتها وقوتها الإقناعية، وهذا خطأ فادح، يقول الفيلسوف الروماني سنكا «ان الحجج مثل سمك الإنكليس قد تنزلق من القبضة الخائرة للعقل ما لم يثبتها فيه الخيال والأسلوب»، نحن بحاجة إلى الاستعارات لكي نستمد حسا بما لا يمكن أن يرى أو يلمس، وإلا فسننسى، حيث يوضح «سنكا» ان الاستعارة تثبت الفكرة في العقل وتحول دون انزلاقها في غياهب النسيان، كما ان الاستعارة تمسك بالفكرة وتترجم الحالة، وبدونها لن تستوي حجة، وبغيابها لن تتشكل حالة ولن تتاح للكاتب ناهيك بالمتلقي.

وزاد بكر: ألست ترى أننا نفزع جميعا إلى المثل أو التشبيه أو المجاز أو الشعر الصريح حين تضيق بنا سبل التعبير ويعجز القول المباشر عن وصف حالة باطنة عميقة أو نقل معنى دقيق مرهف أو العروج مع الفكر إلى آفاق تجريدية نائية؟ ذلك أن الاستعارة الحية، كما يقول ريكور، ليست زينة او زخرفا يمكن أن يستقيم القول بدونه وتتم الدلالة بمعزل عنه، وإن تدمير المعنى الحرفي في الاستعارة يتيح لمعنى جديد أن يظهر، وبالطريقة نفسها تتبدل العملية الإشارية في الجملة الحرفية وتحل محلها إشارة ثانية هي التي تجيء بها الاستعارة، وقد يبدو أن الاستعارة لا تفعل أكثر من تحطيم العملية الإشارية، غير أن هذا في الظاهر فقط، فالاستعارة المبدعة الحية تخلق إشارة جديدة تتيح لنا أن نصف العالم أو جزء منه كان متمنعا على الوصف المباشر أو الحرفي، وخلاصة القول ان الإبداع الشعري للاستعارة يتيح لنا أن نقول شيئا جديدا عن عالم خبرتنا المعيشة، واذا كانت اللغة هي وسيلتنا لإدراك العالم والتعامل معه، لترتب على ذلك أنه كلما كانت اللغة أكثر قدرة على الترميز وأوفر حظا من «النشاط الإشاري» كان العالم الذي ترسمه أوسع وأرحب، وكانت الخبرات التي تبثها أثرى وأخصب، من هنا ينبع مجد الاستعارة، وبوسع الاستعارة أن تقبض على مستويات عديدة للمعنى في وقت واحد، وتربط المعنى المعرفي المجرد بالمعنى الحسي البدائي المشحون بالعاطفة والانفعال، وتعقد بينهما وصلا مثريا وتكاملا صحيا، وهي إذ تهيب بالخيال الصوري فإنها تدعم «الذاكرة البعيدة» وتنمي الإنتاج اللفظي وتحفز الفهم التكاملي.

 

المصدر: الانباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock