ماذا يمكن أن يعلّمنا الأطفال عن المخاطر والفشل ونمو الشخصية؟
كتب إرنست فردريك شوماخر في كتابه الرائع “A Guide for the Perplexed” (دليل الحائر) في عام 1977: “إذا اقتصرت على المعرفة التي أعدّها حقيقة مطلقة لا تقبل الشكّ، فأنا بذلك أقلّل من المخاطرة بالخطأ ولكن، في نفس الوقت، أضاعف المخاطرة بإمكان عدم معرفة الأشياء الدقيقة التي تكتسي أهمية أكبر وتحمل قيمة أعظم في الحياة“. في العقود التي تلت، أصبح مفهوم تبني المخاطر والفشل أحد الاستعارات الأكثر شيوعًا في المحادثات التحفيزية، وكتب المساعدة الذاتية والمقالات كذلك.
تبنى هذا المفهوم الكثير من المؤلفين والكتَّاب، كما تناولناه سابقاً هنا في الموقع، ومن هؤلاء راي برادبري الذي يرى أنَّ الفشل هو عنصر أساسي من عناصر الإبداع، والمؤسس المشارك لشركة “بيكسار” إد كاتمول، الذي دافع عن أهمية غرس ثقافة عدم الخوف من الفشل، ولكن لم يكن هناك شيء أكثر بلاغة ربما من أستاذ العلوم الاجتماعية جون غاردنر في كتاب “تجديد الذات: الفرد والمجتمع المبدع” (Self-Renewal: The Individual and the Innovative Society) والذي يُعدّ دليلًا ميدانيًا رائعًا للحفاظ على حيوية شركتك وروحك، ويبقى من أهم الكتب التي يجب على رواد المشاريع قراءتها، إلى جانب الأشخاص الآخرين الذين هم في رحلة خاصة من السمو الذاتي.
ويتحدث جون غاردنر عما يمكن أن نتعلمه من مرونة الأطفال في التعامل مع تجاربهم متحدثاً عن دور الفشل في التعلّم والنمو، فيقول:
أحد الأسباب التي تجعل الأشخاص الناضجين يميلون إلى التعلّم بدرجة أقل من الشباب هو أنهم على استعداد للمخاطرة بشكل أقل. التعلّم عمل محفوف بالمخاطر، وهم لا يحبون الفشل. في مرحلة الطفولة، عندما يتعلم الطفل بمعدلات خيالية حقًا – معدل لن يحققه مرة أخرى – يشهد الطفل أيضًا عددًا من الإخفاقات المؤلمة بشكل متكرر يومياً، كل ما علينا هو مراقبة الطفل، ورؤية الأشياء التي لا حصر لها التي يجربها الطفل ويفشل. شاهد مدى التأثير القليل لتلك الإخفاقات على الطفل. مع كل عام يمر سيكون الطفل أقل ابتهاجًا حول الفشل. وبحلول مرحلة المراهقة يتلاشى استعداد الشباب للمخاطرة بالفشل إلى حد كبير. وكثيرًا ما يدفعهم الآباء للمضي قُدمًا في هذا الطريق من خلال غرس الخوف، ومعاقبتهم على الفشل أو عن طريق جعل النجاح يبدو وكأنّه شيء ذو قيمة كبيرة. وفي مرحلة منتصف العمر، يحمل كثير منا في رأسه قائمة هائلة من الأشياء التي ليست لدينا نية لتجربتها مرة أخرى لأننا جربناها مرة واحدة وفشلنا، أو جربناها ولم نفعلها على النحو المطلوب الذي يرضي كبرياءنا.
تكلفة تقلص منطقة ارتياحنا باهظة جداً كما يقول غاردنر:
نحن ندفع ثمنًا باهظًا لخوفنا من الفشل. إنّه عائق قوي يحول دون النمو والتطور، ويؤكّد التآكل التدريجي للشخصية ويمنع الاستكشاف والتجريب. لا يوجد تعلم دون بعض الصعوبات والأخطاء. إذا كنت تريد أن تواصل التعلّم، يجب أن تواصل المخاطرة بالفشل طوال حياتك. إنَّ الأمر بتلك البساطة.
إن الأطفال لا يخشون الفشل لأن في كل تجربة فاشلة درس يتعلمونه.. أما أنت وأنت تقرأ هذه السطور، وتستذكر خوفك الدائم من المخاطرة والفشل، أين هو ذاك الطفل الذي كان في داخلك؟
المصدر: be open