كتاب أكاديميا

الحد الفاصل بين النقد والإساءة للسلطة التشريعية .. 


‏في الماضي لم يكن بمقدور رجل الشارع البسيط أن يعبِّر عن رأيه تعبيراً يصل لمن وُجّه إليه سواء كان بالنقص او المدح لأي جهة من الجهات التي تتولى مرف أو عاماً وتدير سلطة من السلطات الدستورية ولعل الأبرز هي السلطة التشريعة التي تتولى إصدار التشريعات وتتعامل مع المواضيع التي تتعلق بمصلحة المواطن بشكل مباشر وبما للمواطن من حق في الرقابة على أعمال من انتخب من أعضائها ليقوم بتمثيله.

ولكن اليوم اختلفت الأوضاع نتيجة للتطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها من (تويتر، انستقرام، فيس بوك)، وغيرها من البرامج والتي أصبح أغلب السياسيين في مختلف دول العالم يمتلكون حسابات فيها حتى يتواصلوا مع الكافة وليواكبوا هذا التطور التقني، ونتيجة لذلك أصبح بمقدور أي شخص أن يوصل نقده أو مدحه لأي منهم، وإن عدم معرفة الاختلاف بين النقد والإساءة أوقعت الكثير من مستخدمين هذه الوسائل في مشاكل قانونية قد تصل في بعض الأحوال إلى الحبس.

‏ولعل السلطة التشريعية وأعضائها أكثر الجهات تعرضاً للنقد، وذلك ما يدفع بي لتوضيح الحد الفاصل بين النقد والإساءه لها.

‏النّقد هو وصف للتصرفات السلبية بهدف التصحيح والتصويب في حال وجود الخطأ، ولعل العلاقة الخاصة بين الناخب والنائب في البرلمان هي علاقة رقابة من الأول على الأخير تتيح مساحة أكبر من في النقد وفي حدته كما أقر القضاء بـ ” أن أعضاء البرلمان بما فيهم رئيسه مسؤولون أمام من انتخبهم من الشعب”. 

‏وكما قررت محكمة الاستئناف في الحكم الصادر في الاستئناف رقم:١٢٤٩ / ٢٠١٦ ج. م/ ٥، ٢٠١٥/١٧ جنح صحافة:

‏(أنه لا يمكن لأعضاء السلطة التشريعية أن يلوذوا بحصانتهم من نقد من انتخبهم مهما اشتدت كلماته وقست ألفاظه ما دامت في إيطار التصدي والتقييم لأعمال المجلس) وهنا نجد الحد الفاصل بين النقد والإساءه لأعضاء السلطة التشريعية، والذي يتمثل في محل النقد أنه لم يتجاوز العمل أو الخطأ ليصل لشخص المتسبب فيه. 

‏فإن كان محل النقد هو تقييم عمل النائب أو التصدي للمجلس وما يقوم به من أعمال فذلك من باب النقد المباح، وإن اشتدت ألفاظه وكلماته وكذلك تبصير الناخبين والمواطنين بنقصان آداء النائب فيما انتخب من أجله يعد هو أيضاً من قبيل النقد المباح.

‏ومما تقدم فإن حصر النقد على العمل والآداء النيابي دون المساس لشخص القائم به يوفر لكل ناقد الحماية القانونية ويجعله يعبر في إطار المسموح ويقيه من التعرض للمسائلة القانونية.

بقلم: فهد الحداد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock