استعد للعام الجديد بـ”قائمة الأمنيات العكسية”
كعادة كل سنة، أنت على الأغلب تستعد لكتابة قائمة مهام العام الجديد الزاخرة بالطموحات التي تتطلع إلى تحقيقها في الـ12 شهرا المقبلة، وهو الروتين السنوي الذي يقوم به ملايين البشر حول العالم.
لكن على الأرجح، مثل الغالبية العظمى من الناس، ستتفاجأ عندما تجد أنك تقوم بشكل ميكانيكي بنقل نفس مهامك وطموحاتك القديمة والمؤجلة للعام التالي ثم للذي يليه، فأنت لم تجد الوقت أو القدرة على تحقيقها أبدا، وهذا عادة ما يسبب الإحباط بشكل يدفع أكثر من 40% ممن يقومون بكل حماس بكتابة قائمة مهام العام الجديد، باتخاذ قرار عدم الالتزام بها بعد انقضاء يناير/كانون الثاني فقط.
إذن لماذا نخفق في الالتزام بهذه الورقة من الخطط رغم رغبتنا في تحقيقها؟ يتضح أن الحل قد يكمن ببساطة في كتابة ما يُعرف بـ”قائمة مهام العام الجديد المعكوسة”.
معضلة العام الجديد المتجددة
يمتلك معظمنا قائمة بالأشياء التي يطمح إلى تحقيقها. سواء كانت مكتوبة على ورقة صغيرة أو محفوظة في الذهن، فإن لكل شخص تقريبا مجموعة من الأهداف والطموحات التي يسعى لإنجازها قبل نهاية العام.
غالبا ما يلجأ الناس إلى إعداد هذه القوائم كوسيلة لتحسين حياتهم، أو هكذا نعتقد. لكن، في الواقع، تفشل هذه الفكرة مرارا بنفس الطريقة كل عام. ووفقا للخبراء، تكمن المشكلة في الطريقة التقليدية لكتابة هذه القوائم. لذا، يقترحون استبدالها بما يُعرف بـ”قائمة الأمنيات المعكوسة” أو “قائمة أهداف العام الجديد بأسلوب معكوس”.
وتتميز هذه القائمة بسهولتها وبساطتها: بدلا من تدوين الأمور التي تطمح إلى تحقيقها في المستقبل خلال فترة زمنية محددة، يمكنك كتابة قائمة تضم كل ما أنجزته بالفعل وما يجعلك تشعر بالفخر والامتنان عند النظر إلى العام بعد انقضائه.
ورغم أن الخبراء لم يركزوا على دراسة فوائد استخدام هذا الأسلوب العكسي في كتابة قوائم الأمنيات بشكل محدد، إلا أن الفكرة ترتكز على مفاهيم مدروسة جيدا، أبرزها مفهوم الامتنان.
ويُعرف الامتنان عادة على أنه تقدير لما تمتلكه في لحظة معينة، لكنه يمتد أيضا ليشمل التجارب التي عشتها والإنجازات التي حققتها في الماضي.
وفي دراسة أجريت عام 2015 ونشرت في مجلة علم النفس الإيجابي، تناول الباحثون تأثير “السرد بالامتنان” على تحسين رفاهية الفرد. وقد أظهرت الدراسة أن المشاركين الذين دوّنوا يوميا 3 أمور إيجابية حدثت لهم خلال الـ48 ساعة الماضية، لمدة أسبوع واحد فقط، أصبحوا أكثر قدرة على تذكر اللحظات الإيجابية. وهذا التمرين المنتظم لاستذكار التجارب الجميلة ساهم في تحسين شعورهم العام بالرفاهية والسعادة.
وعند كتابة قائمة المهام بأسلوب عكسي كتمرين يمزج بين السرد والامتنان، فإنك تمنح نفسك فرصة للاستمتاع بإنجازاتك وتقدير تجاربك، مع تخصيص وقت لتشعر بالامتنان تجاهها.
كما تسلط هذه التقنية الضوء على فوائد الحنين إلى الماضي. فقد أظهرت الدراسات أن استرجاع التجارب الإيجابية أو ذات المعنى من الماضي يمكن أن يساهم في التغلب على مشاعر الوحدة، الملل، والقلق في الحاضر. إلى جانب ذلك، يعزز الحنين مشاعر الكرم والتسامح، حيث يصبح الناس “أكثر سخاءً مع الغرباء وأكثر تسامحا تجاههم”، وفقا لما نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
طريقة فعّالة لتعزيز الشعور بالإنجاز الحقيقي
إن إعداد قائمة مهام عكسية يمكن أن يمنحك شعورا حقيقيا بالتقدم والإنجاز. وغالبا ما تكون قوائم المهام التقليدية مرهقة وتبدو أحيانا مستحيلة التنفيذ، وهذا يثير مشاعر التوتر، القلق، التسويف، وحتى جلد الذات.
في المقابل، التركيز على ما أنجزته بالفعل والامتنان لنفسك يخلق إحساسا بالتقدم والرضا. وهذا الشعور لا يعزز فقط احترامك لذاتك، بل يحفزك أيضا على مواصلة تحقيق المزيد، وهذا يزيد من إحساسك بالرضا والسعادة.
إذا وجدت صعوبة في تذكر إنجازاتك للعام الماضي، يمكنك استرجاعها من خلال محادثاتك مع الأصدقاء، العائلة، وزملاء العمل. كما يمكنك مراجعة منشوراتك على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الاطلاع على الصور ومقاطع الفيديو التي حفظتها على هاتفك، حيث غالبا ما توثق اللحظات التي تشعر فيها بالفخر والامتنان.
أما إذا كنت من الأشخاص الذين يكتبون يومياتهم أو يدونون ملاحظاتهم بشكل أسبوعي أو شهري، فستكون العملية أكثر سهولة، وهذا يسمح لك بتحديد إنجازاتك وأهدافك المحققة بكل يسر ووضوح.
ماذا عن “القائمة العكسية للطموحات الشخصية”؟
في مفهوم مقارب طرحه البروفيسور بجامعة هارفارد، آرثر سي بروكس، يمكن لقائمة الأهداف العكسية أن تعني أيضا المزيد من البحث وراء الأسباب والدوافع التي تقودك لاختيار أهداف بعينها لتحقيقها مستقبلا بالصورة المعهودة، والمشكلات التي تسبب لك التعثُّر في تحقيقها.
وتكمُن الخطوة الأولى من هذا البحث في كتابة رغباتك وطموحاتك بوضوح في قائمة تقليدية معهودة، بعد ذلك، اجلس وتخيل كيف ستكون حياتك بعد 5 سنوات إذا كنت سعيدا وناجحا وفقا لقيمك الذاتية العميقة وتشعر بالسلام النفسي كليا.
أما الخطوة الأخيرة والأهم هي مقارنة القائمتين ببعضهما.. هل الأشياء التي تشتهيها أو التي أدرجتها في قائمة أمنياتك ستقربك بالفعل من طموحاتك ورؤيتك للحياة الطيبة؟
الغرض من هذا التمرين ليس إحباطك أو تقليل سقف طموحاتك، بل مساعدتك على تعزيز معرفتك بذاتك واكتشاف الدوافع الحقيقية التي تجعلك تطمح لما تطمح إليه.
إذا وجدت أن أحد العناصر في قائمتك يتماشى مع قيمك وأهدافك العميقة، احتفظ به وواصل السعي لتحقيقه. أما إذا كان مدرجا فقط لإرضاء الآخرين أو تلبية رغبات سطحية لا تتوافق مع رؤيتك للنجاح، فقد يكون من الأفضل تعديله أو حذفه بالكامل.