أخبار منوعة

نعم المرأة أكثر نكداً من الرجل.. لكن من أوصلها لهذه الحالة؟ 6 أسباب تفسر سلوكها

كانوا يقولون لنا في إشارة إلى إساءة الزوجات ونبل الأزواج: “الرجل لا يشتكي من تقصير زوجته في حق بيتها وأولادها ويتصبر عليها، في حين تقوم الزوجات بالتذمر والسخط أكثر الوقت، ومن أمور تافهة”.

هذه المعاني نشأنا على سماعها، ولأني امرأة أعاشر النساء، وأسمع شكواهن كنت أُصَّدق، على أني كنت أحزن من هذا الوضع، وأخشى أن تكون المعاناة التي تتكلم عنها النساء، والنقد اللاتي يتفقن عليه هو من قلة الوفاء تجاه أزواجهن، أو هو نوع من كفران العشير، ولطالما تساءلت: “هل المرأة نكِدة بطبعها كما يشيعون؟!”.

وحين كبرت وتعرفت على مشكلات الأزواج والزوجات أدركت عدة أمور كانت خفية، سأسردها في هذا المقال لأجيب عن السؤال.

وأبدأ أولاً بتعريف النكد، ويعني “التعكير الدائم لصفو الآخر”، وهو سلوك يشبه الحرب النفسية، حيث تختفي المودة والمرحمة، وتقل لغة الحوار، وتبرز لغة التذمر والشكوى والتسخط، والإصرار على أمور ومطالب، وتكرارها بطريقة تبدأ عادية، ثم تصبح مملة ومزعجة، وتتحول لإلحاح يتسبب في نفور الزوج، وهروبه من البيت، وغيابه معظم الوقت.

فما سر سلوك المرأة، ولماذا تكثر الشكوى والنكد من طرفها؟

سأذكر ذلك في عدة نقاط، في محاولة للوصول إلى جذور المشكلة وإيجاد حل لها:

– الرجل لا يشكو من المرأة لأنه يرى الشكوى نقصاً فيتعفف عنها، ولأنه يعتبر الاعتراف بالمعاناة ضعفاً فيجفل منها، كما أن النساء برأي المجتمع حرمات لا يجوز الكلام عنهن، فكيف سيتحدث عن زوجته على الملأ في المجالس العامة؟!

وبالتالي هذه ليست دليلاً على حسن طرف وإساءة الآخر، خاصة أن الرجل يكون في مثل هذه الحالات هو السبب، وذلك حين لا يتفاعل معها، أو ينشغل عنها، فيكون وكأنه يحرضها على النكد حين يهملها ولا يُعطيها الاهتمام الكافي، أو يقصر في واجباته، فلا يبدل المصباح المحترق، أو يؤَخّر شراء اللوازم الضرورية، أو ينسى إحضار فستانها من الكواء، فتضطر لأن تطلب منه الشيء نفسه مرات متعددة.

– الله خلق الإنسان في كبد، ولا شك أن الحياة رغم جمالها والدنيا رغم خضرتها فيها منغصات يومية تستهلكنا، وتتراكم وتتعاظم حتى تتسبب بالنكد والعصبية وسوء الخلق، وهذا البلاء المبين يتشارك به الرجال والنساء، ولكنهما يتفاوتان حسب البيئة والتربية وطبيعة الشخصية.

بل الشخصية نفسها تتفاوت بين وقت وآخر، وقد تكون سمة الشخصية “الإيجابية والتفاؤل”، ولكنها لا تخلو من التكدر والمزاج السيئ.

فالنكد يقع فيه الطرفان، إلا أن المرأة تُدفع له غصباً عنها، بسبب مهامها الأنثوية:

فاضطراب نومها (بسبب الحمل والرضاع والمدارس ومرض الصغار) يجعلها متحفزة ضعيفة التحمل، ومعلوم أن تنغيص النوم مغضبة.

وتُرهق المرأة أكثر من الرجل بالخدمة، فعملها ليس إجازة، وهي تُكلف بما هو خارج طاقتها، وخارج مهامها، فتلزم بأهل زوجها أو بضيوف، أو تشارك بإعالة الأسرة مادياً، ويهدها ويثقل عليها حبها لصغارها ومحاولتها حمايتهم من أي منغص، ولا شك أن الوضع الاقتصادي للزوج يزيد معاناتها سوءاً، ويسبب لها الخوف وعدم الأمان، والقلق على أولادها من الحرمان المادي والمعنوي والتحصيلي، فهي تقلق مما يخصها وما يخص العائلة كلها!

ومما يتسبب لها بالنكد غياب زوجها الطويل عن البيت، والشعور بالوحدة وافتقاد العائلة الكبيرة بسبب ظروف الغربة. ومنه النشأة الأولى والتربية، وكلنا نعلم كيف تُربى الفتاة في مجتمعاتنا على وجوب الإيثار والصبر والتضحية، الأمر الذي يرهقها جسمياً ونفسياً.

– ومما يتسبب في النكد ما يفعله بعضهم من تقليل دور النساء في هذه الحياة، والإيحاء لها بأنها مرتاحة ونائمة كل النهار، ولا تفعل شيئاً ذا قيمة سوى النكد، واعتبار الحمل والولادة والطبخ أموراً عادية -ما دامت تفعلها كل النساء- والرجل وحده هو الذي يكد ويشقى (رغم أن كل الرجال أيضاً يكدون ويشقون)، ويتزايد النكد مع استحقار المنغصات الأخرى التي تزعج المرأة والاستهزاء بها، وتسخيفها، وبالتالي عدم ملاطفتها ومراعاتها فيها.

 وإن المكوث في المنزل لفترة طويلة يسبب التوتر والقلق واضطراب المزاج، والذي سرعان ما ينقلب إلى نكد وتذمر، خاصة مع أعباء الطبخ والتنظيف، فالخروج من البيت يمنح النفس راحة ويحسن المزاج، ويعيد التوازن، ولقد اتفق الخبراء في علم النفس أن الترويح من الضرورات، وهو ما تُحرم منه الأنثى في كثير من البيوت؛ ولذلك يكثر النكد عندها، ويخف عند الرجل الذي يخرج من البيت يومياً، وله ساعات محددة من العمل، ويستطيع بعدها اللهو مع أصدقائه والجلوس على القهوة والمشاركة بأي نشاط.

 الرجل ينسى همومه حين ينشغل في عمله، لأن عقله صناديق، ولأن أكثر الأعمال تحتاج لتخطيط وتركيز، أما المرأة فإنها تجلس في دارها وحيدة مع أشغال البيت التي لا تنتهي، ومع “زنّ” وطلبات الصغار التي لا تتوقف، مما يرهق جسدها، ويعكر مزاجها، خاصة أن أعمال البيت كلها روتينية، ما يفسح لها المجال لتفكر وتجتر أحزانها، فتكبر عليها الهموم والمشكلات وتعظم.

– وحين كنت أفند الأسباب التي تؤدي لنكد الزوجات وجدت على رأسها “الضغوط”، فاكتشفت أمراً مهماً جداً وأساسياً، “الرجل لا يلجأ للنكد”، لأنه يفعل ما يشاء ولا يبالي بالنتائج، فالرجل يسن القوانين التي تريحه ويراعي فيها ما يحبه وما يكرهه وما يوافق مزاجه وما يخالفه (ويجبر زوجته عليها).

والرجل هو الذي يثير زوجته حين يفاجئها بطلب غير متوقع، وفي وقت خاطئ (فيدعو لها الضيوف دون أن يسألها وينتظر منها أن تعد لهم وليمة ولو كانت متعبة)، أو يمنعها من شيء تتوق إليه وقادرة على تحقيقه مثل الدراسة أو العمل لسبب غير شرعي (كالغيرة الزائدة).

وإذا كان متعباً رفض إخراج عائلته للنزهة، وإذا دخل لينام منعهم من إصدار أي صوت، ويخرج من البيت متى يشاء، ويعبر عن ضيقه أولاً بأول، ويُسكت من حوله، ويأمر وينهى، وإذا تضايق من زوجته يمكنه حبسها بالبيت، أو منعها من أشياء تحبها، وقد يهددها بالطلاق أو الزواج الثاني ليضمن استجابتها لما يريد. وإذا أغضبه أمر رفع صوته وأمر وانتظر انقيادها… وأما المرأة فعليها أن تراعي الآخرين، وقل من يراعيها، وإذا رغبت بأمر مشروع تحاصرها العادات والتقاليد والعيب، ويكاد لا يهتم أي أحد برغباتها وما يسعدها، ونرى الموانع تحيط بها، والتحذيرات تخنقها، وتُمنع عن التحكم بمصيرها من اختيار فرع دراسي أو عمل… وهذه العوامل الضاغطة هي -عند النساء- أضعافها عند الرجال.

فعلام يشكو وينكد الزوج؟ وهو لا يُسأل عما يفعل ويعمل ما يشاء في بيته؟! أما الزوجة فماذا تملك سوى الاستسلام وتناسي رغباتها وآمالها؟ وماذا بيدها سوى الاستجابة لزوجها (خوفاً منه، أو لتكون زوجة صالحة).

وإن كثيراً من الزوجات يستسلمن ويئدن أمانيهن، إلا أن الزوجة لا تستطيع أن تتجاهل رغباتها دائماً وأبداً، ولا بد أن تغلبها رغبتها ذات يوم، وتشتهي أمراً وتطالب بحقها فيه، ويظن الزوج أن ثورة زوجته من أجل هذا الأمر، ويظنه أمراً واحداً فقط، فيحاول صرفها عنه! ولا يدرك أنها صبرت وكبتت رغباتها وتناست نفسها، حتى زأرت، وأنه لا يمكنها التخلي عن هذا الأمر أبداً، لأنه يعني لها الكثير.

ولكن الزوج لا يتفهم ويحاول إقناعها برأيه وينتظر منها الانصياع، وبالفعل قد تنصاع الزوجة حفاظاً على الحياة الأسرية من التصدع، إلا أنها تبقى حزينة (كسيرة) وتنمو بداخلها المشاعر السلبية نحوه، وتراه أنانياً يتبع هواه ويتجاهل مشاعرها ورغباتها فتتألم منه، ثم لا تجد أمامها إلا الشكوى والنكد.

لقد أباح الإسلام للمريض أن يصرخ من الألم، وأباح للمظلوم أن يجهر بالسوء من القول، ولا بد أنه أباح التظلم للزوجة؛ وهكذا نستطيع أن نصنف نكد الزوجات بأنه تنفيس لا إرادي عن النفس، فهو ضرورة ، ولولاها لأصيبت النساء بالأمراض النفسية والعضوية جراء الكبت.

على أني وإن بينت عذر النساء في النكد والشكوى، وبينت أنه ليس طبعاً فإني لا أحبذه، وأنصحهن ألا يلجأن إليه، لأنه قد يفيد مدة، ثم يصبح ممجوجاً ومنفراً، وعلى الزوجات فهم أزواجهن قدر الإمكان، ومعرفة مداخلهم وكيفية التأثير فيهم، أو اتقاء صفاتهم المزعجة، فإن لم ينفع وتعذر كلياً التفاهم بينهما فلا أنصح باللجوء إلى النكد، وإنما إلى الحيلة والدهاء، ولا بأس أن تلجأ الزوجة إلى ذي مروءة أو لمن تُسليها أو تنسيها أو تتوجع معها. أو تشكو إلى امرأة حكيمة خبيرة بالحياة، تساندها بالمشاركة الوجدانية، وتساعدها بالنصيحة القيمة بما يساهم بحل المشكلة أو الحد من تفاقمها.

وأوصي الأزواج بالزوجات خيراً، وإذا كانت زوجتك نكدة فحاول إيقاف المشكلة من عندك، وذلك بمراعاة مشاعرها، وبعض رغباتها، والاهتمام بأحزانها وآلامها، وسوف تكف عن التذمر والإلحاح والنكد، فترجع للبيوت السكينة والطمأنينة

والخلاصة:

المرأة سكن وأنس لزوجها، وبالتالي ليس النكد من طبيعتها، ولكنها تلجأ إليه كمظاهرة واحتجاج سلمي طلباً لجبر بعض النواقص أو إجراء إصلاحات، فاستجيبوا لها، واجلسوا على طاولة المفاوضات لكيلا تتحول الحياة الزوجية الجميلة لثورة وحرب ويخسر الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock