أسماء صقر تكتب: العلاج بالعمل في مركز الرعاية التلطيفية .. حياة منتجة وأملٌ متجدد
تعد الرعاية التلطيفية من المجالات الجديدة نسبياً التي تهتم بمرضى السرطان و الأمراض المزمنة الأخرى بحيث يكون الهدف هو تحسين جودة حياة المريض و تقليل آلامه. كما تهتم الرعاية التلطيفية بالحفاظ على انسيابية حياة المريض من خلال المحافظة على الأنشطة الحياتية اليومية التي اعتاد القيام بها. و من هذا المبدأ، نستمد أهمية العلاج بالعمل في مراكز الرعاية التلطيفية.
العلاج بالعمل (او كما يطلق عليه “العلاج المهني“) هو أحد المجالات الطبية التي تهدف إلى المحافظة أو استعادة القدرة الوظيفية لدى الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في أداء المهام اللازمة في حياتهم. هذه المهام لا تقتصر على الأنشطة الحياتية اليومية فقط بل تمتد لتشمل أنشطة وقت الفراغ، الراحة و النوم، العمل أو الدراسة ، و المشاركة الإجتماعية.
بدأ العلاج بالعمل توفير خدماته في دولة الكويت منذ اكثر من 30 عاما حيث كانت البداية في مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل الصحي. أما أكاديمياً ، فقد بدأ يُدَرَّس في جامعة الكويت في عام 2008 و تم تخريج 7 دفعات من الاختصاصيين حتى هذه اللحظة. في الوقت الحالي، لا تتوفر خدمات العلاج بالعمل في مركز العلاج التلطيفي و لكن وجدنا أنه من المهم أن نلقي الضوء على أثر و دور هذا المجال في مراكز الرعاية التلطيفية لكونها خطوة أولية لزيادة الوعي حول الخدمات التي يمكن أن يوفرها اختصاصي العلاج بالعمل إن سنحت له الفرصة بالعمل في هذه المراكز.
يهدف اختصاصي العلاج بالعمل ضمن طاقم الرعاية التلطيفية إلى ضمان استمرارية الشخص المصاب على القيام بأنشطته اليومية لأطول مدة ممكنة. هذه الانشطة قد تشمل : الاستحمام ، لبس الملابس ، الأكل و إعداد الطعام ، التنقل من مكان إلى آخر أثناء القيام بالأنشطة و النظافة الشخصية و غيرها. يقوم اخصائي العلاج بالعمل بمقابلة المريض أو أفراد أسرته أولاً لجمع المعلومات الأساسية كالحالة الصحية السابقة و الحالية للمريض ، هواياته ، حالته الإجتماعية و غيرها. من ثم يقوم الاخصائي بالتعاون مع المريض أو مع أسرته للتوصل الى الهدف من العلاج. يكون هذا الهدف عادة نشاطاً يود المريض أو أسرته الاستمرار بالقيام به أو نشاطا يتمنى أن يتمكن من القيام به.
يقوم المعالج بتقييم القدرات و الامكانيات التي يملكها المريض بالإضافة إلى القدرات التي قام بفقدانها. من خلال العلاج ، يتم استهداف حفظ القدرات و الإمكانيات التي يمتلكها المريض لاطول مدة ممكنة مما يجعل المريض منتجاً على قدر الاستطاعة طيلة فترة حياته. تختلف طرق العلاج و الأنشطة المستخدمة مع اختلاف الأهداف المرجوّة من العلاج . تعتمد حدة العلاج و نوعه كذلك على تقدم المرض و التغييرات المصاحبة له ، كما أن هذا العامل يجعل من الضروري إعادة تقييم أهداف العلاج و التعديل عليها ما بين كل فترةٍ و أُخرى.
النُهُج المتبعة في العلاج كثيرة و تشمل :
العلاج بالعمل يهتم بجميع جوانب الشخص كالجانب الجسدي ، النفسي ، العاطفي ، الروحي و الذهني و الذي يُمَكِّن الاختصاصي من رؤية التأثيرات الناتجة عن المرض على حياة الفرد و أداءه. و في الرعاية التلطيفية ، تجعل هذه الرؤية الشاملة المعالج قادراً على دعم المرضى لممارسة حياتهم و الحفاظ على روتين وظيفي مناسب – بغض النظر عن التغييرات في القدرات مع تقدم مراحل المرض– مؤكدا اهمية تحسين جودة الحياة لدى المرضى و مساندتهم لقيادة حياة منتجة.